«الهيئة التأسيسية» ترفض المساس بـ«مشروع الدستور» الليبي

رداً على اقتراح رئيس البرلمان بتعيين لجنة تعيد كتابته

صورة أرشيفية تضم غالبية أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور الليبي
صورة أرشيفية تضم غالبية أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور الليبي
TT

«الهيئة التأسيسية» ترفض المساس بـ«مشروع الدستور» الليبي

صورة أرشيفية تضم غالبية أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور الليبي
صورة أرشيفية تضم غالبية أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور الليبي

دافعت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا عن حقها القانوني في مباشرة أي تعديلات يتم إجراؤها على «مشروع الدستور»، الذي انتهت من كتابته قبل قرابة ثلاثة أعوام، لكونها «منتخبة من الشعب، وتعبّر عن جميع أطيافه».
ورأى رئيس الهيئة، الجيلاني أرحومة، أن «عرض المشروع المنجز من قبلها في 29 من يوليو (تموز) 2017، للاستفتاء الشعبي متى توافرت الظروف الملائمة لذلك، يساهم في تسوية النزاع في ليبيا».
وجاء رد أرحومة على اقتراح رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، بتعيين لجنة تتولى كتابة مشروع دستور دائم للبلاد، ضمن مبادرة سياسية أطلقها في الـ23 من أبريل (نسيان) الماضي، تضمنت ثمانية محاور، من بينها إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة من الاتفاق السياسي الموقع في (الصخيرات) بالمغرب، واختيار أعضائها من الأقاليم التاريخية الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، مع استمرار مجلس النواب إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة.
وقال أرحومة إن الهيئة التأسيسية للدستور «تدعم أي حلول سلمية تنهي النزاع، وتدعم الأمن والاستقرار في البلاد»، لكنه أكد على «حياديتها واستقلالها»، مبرزا أنها «هيئة منتخبة من الشعب الليبي لصياغة مشروع دستور دائم للبلاد، وفق أحكام الإعلان الدستوري المؤقت».
وتم تأسيس الهيئة التأسيسية قبل ست سنوات، وهي تتألف من 60 عضواً، يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة بالتساوي، و«لا تتبع أي سلطة في البلاد»، لكنها لم تسلم من اتهامات بـ«عدم النزاهة والحصول على رشوة»، وهو الأمر الذي اعتبرته «إهانة لجموع الليبيين».
وصعّد رئيس اللجنة التأسيسية في مواجهة اقتراح رئيس البرلمان، بقوله إنه «لا يحق لأي جهة كانت، سواء داخلية أو خارجية، الالتفات أو العدول عن هذا الاستحقاق، الذي يمكّن الشعب الليبي من الاستفتاء على مشروع الدستور، وحقه في تقرير مصيره بنفسه، إما بالموافقة عليه في الاستفتاء بكلمة (نعم)، فيتم اعتماده دستوراً دائما للبلاد، وإما بكلمة (لا) فيتم إعادة المشروع للهيئة لتعديله، وفقا لإرادة الشعب الليبي عبر عملية استفتاء شعبي حرة ونزيهة».
ونوّه أرحومة بالحكم الصادر من المحكمة العليا الليبية الصادر في 14 من فبراير (شباط) 2018، والملزم لكافة الجهات والمؤسسات الليبية بما تسفر عنه أعمال اللجنة، وأهاب بكافة المؤسسات الوطنية والدولية «دعم هذا الخيار، واحترام إرادة الشعب الذي انتخب الهيئة التأسيسية، وأوكل إليها مهمة صياغة مشروع دستور دائم للبلاد، والالتزام بالمسار المحدد بالإعلان الدستوري المؤقت».
وسبق للمتحدث باسم «الجيش الوطني»، اللواء أحمد المسماري، اتهام الهيئة التأسيسية للدستور بـ«عدم النزاهة والحصول على رشوة» حكومية، ما دفعها إلى مطالبة المدعي العام العسكري بالتحقيق فيما ورد على لسان المسماري، الذي صرح بأن الهيئة «تلقت 15 مليون دينار دعماً من رئيس المجلس الرئاسي فائز السرّاج، قبل إجراء التصويت على المسودة بشهر». لكن الدكتور البدري الشريف، عضو الهيئة التأسيسية، استغرب هذه الاتهامات، وقال لـ«الشرق الأوسط» حينها إن الهيئة «تتمتع باستقلالية، ولا تتبع أي سلطة في البلاد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.