إيران تحذر من {عواقب وخيمة} لتمديد حظر الأسلحة

روحاني أبلغ أطراف الاتفاق النووي بـ«رد ساحق» إذا تحركت واشنطن في مجلس الأمن

مقاتلة أميركية من طراز «إف 18» على حاملة الطائرات «أيزنهاور» قبل طلعة ليلة الثلاثاء (القيادة المركزية)
مقاتلة أميركية من طراز «إف 18» على حاملة الطائرات «أيزنهاور» قبل طلعة ليلة الثلاثاء (القيادة المركزية)
TT

إيران تحذر من {عواقب وخيمة} لتمديد حظر الأسلحة

مقاتلة أميركية من طراز «إف 18» على حاملة الطائرات «أيزنهاور» قبل طلعة ليلة الثلاثاء (القيادة المركزية)
مقاتلة أميركية من طراز «إف 18» على حاملة الطائرات «أيزنهاور» قبل طلعة ليلة الثلاثاء (القيادة المركزية)

حذرت إيران مرة أخرى من «عواقب وخيمة» و«رد ساحق» إذا وافق مجلس الأمن «تحت أي عنوان، وبأي آلية وطريقة» على خطة الولايات المتحدة بتمديد حظر على التجارة الإيرانية في الأسلحة التقليدية، والذي من المقرر أن ترفعه الأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفقاً للقرار 2231.
واتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني في الاجتماع الوزاري، أمس، الولايات المتحدة بالسعي لجر بلاده إلى الانسحاب من الاتفاق النووي، عبر انسحابها، بهدف نقل ملفها إلى مجلس الأمن. وتابع «الولايات المتحدة تشعر أننا سنحقق نصراً في الشهور المقبلة برفع كل العقوبات على الأسلحة». وأضاف: «الأميركيون منذ شهر أو شهرين صحوا من غفوتهم» ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن روحاني قوله في هذا السياق: «لقد ارتكبت أميركا خطأ كبيراً جداً بتخليها عن هذا الاتفاق». وأضاف أن «الأمر الحكيم الذي يتعين على الولايات المتحدة القيام به هو العودة» إلى هذا الاتفاق. وقال إن رفع حظر الأسلحة «جزء لا يتجزأ» من الاتفاق النووي و«إذا أعيد فرض (هذا الحظر) في أي وقت... فإنهم يعرفون جيداً ما هي العواقب الوخيمة التي تنتظرهم (...) إذا ارتكبوا مثل هذا الخطأ».
لم يحدد روحاني ماهية هذه العواقب، لكنه أشار إلى أنها مفصّلة في رسالة أُرسلت سابقاً إلى الأطراف الأخرى في الاتفاق وهي ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا.
والسبت الماضي، قال المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، من «تبعات» تمديد حظر الأسلحة على إيران، وقال لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «التبعات الوخيمة لن تكون في الاتفاق النووي فحسب؛ بل أبعد من ذلك؛ على أمن واستقرار المنطقة».
تمارس واشنطن منذ أيام ضغوطاً على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وهي الدول الأوروبية الثلاث التي وقعت الاتفاق النووي مع إيران في فيينا في عام 2015 للحصول على تمديد حظر مبيعات الأسلحة الدولية لإيران.
وورد الحظر الذي يفترض أن يُرفع تدريجياً ابتداءً من أكتوبر، في القرار 2231 لمجلس الأمن الدولي الذي صدق اتفاق فيينا الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو (أيار) 2018 قبل أن يعيد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، بهدف التوصل إلى اتفاق شامل يتضمن قيوداً جديدة على البرنامج النووي، وتطوير الصواريخ الباليستية، فضلاً عن تعديل سلوك إيران الإقليمي.
وتفاخر روحاني بالاتفاق النووي لدوره في تعليق قرار يضع إيران تحت طائلة الفصل السابع من مجلس الأمن، قائلاً إن الاتفاق النووي «غير مسبوق في تاريخ بلادنا». كما أشار إلى الذكرى الثانية لخروج دونالد ترمب من الاتفاق النووي في 8 مايو. ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن روحاني قوله: «قبل عامين وعلى خلاف انتهك الرئيس الأميركي القرار 2231 وخرج من الاتفاق النووي» وأشار إلى توقيع ترمب مرسوم الانسحاب أمام الكاميرات، وعدّ الخطوة «على خلاف كل القوانين الدولية».
وأشار روحاني إلى مفاوضات ماراثونية سبقت الاتفاق النووي، بعد شهر من أدائه القسم الدستورية في ولايته الرئاسية الأولى، واستمرت لـ28 شهراً، أي موعد تنفيذ الاتفاق النووي في منتصف يناير (كانون الثاني) 2016. وقال إن الولايات المتحدة عملت بالاتفاق النووي 28 شهراً قبل الانسحاب في 8 مايو 2018.
والأحد، حذر أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، من أن «الجثة الهامدة للاتفاق النووي ستتجه للموت الأبدي عبر الالتفاف على القرار (2231) واستمرار حظر الأسلحة». وتساءل عن الموقف الأوروبي، بقوله «أين تقف أوروبا؛ الحفاظ على المكانة أو تعزيز التعددية أو قبول الإذلال ومساندة (الأحادية الجانب)؟».
ويعرض القرار 2231 على طهران تخفيض العقوبات الدولية التي خنقت اقتصادها مقابل ضمانات تهدف إلى إثبات أنها لا تسعى ولن تسعى أبداً إلى امتلاك قنبلة نووية.
وقال روحاني بهذا الصدد إن بلاده لن تستخدم الأسلحة التي تشتريها «لتأجيج النزاعات» وإنما للعمل على تجنبها.
تريد واشنطن الإبقاء على الحظر على مبيعات الأسلحة لإيران وحذرت بالفعل من أنها ستدرس «كل الخيارات» لتحقيق غاياتها.
وتعد وزارة الخارجية الأميركية مسوغاً قانونياً يهدف إلى إظهار أن الولايات المتحدة لا تزال «دولة مشاركة» في اتفاق فيينا رغم انسحابها منه، لإجبار الأوروبيين على الاختيار بين الموافقة على تمديد حظر الأسلحة أو السماح للولايات المتحدة بالشروع، بصفتها «دولة مشاركة»، بإعادة فرض جميع العقوبات الدولية ضد إيران والتي رُفعت بموجب القرار 2231.
وهو ما سيدفع طهران إلى إعلان نهاية الاتفاق. والأسبوع الماضي، حض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حلفاء بلاده الأوروبيين (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) على «اتخاذ التدابير التي يمكنهم اتخاذها». وقال: «سنعمل مع مجلس الأمن الدولي لتمديد حظر بيع الأسلحة لإيران».
وقبل تصريح روحاني بساعات، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارك ميلي، إن إطلاق القمر الصناعي العسكري الإيراني الأول «أمر مثير للقلق»، مشيراً إلى أن مصدر القلق تحديداً هي التكنولوجيا المستخدمة في الصواريخ، واختبار الصواريخ بعيدة للمدى.
وأطلقت إيران الشهر الماضي، قمراً عسكرياً يحمل اسم «نور» على متن صاروخ «قاصد» وهو صاروخ باليستي يعتقد خبراء أنه نسخة مطورة لصواريخ شهاب الباليستية التي يتراوح مداها بين 1500 إلى 2100 كلم.
ويخشى المسؤولون الأميركيون منذ فترة طويلة أن يكون سعي إيران لتطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية هو غطاء لنشاط الصواريخ الباليستية.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».