غيب الموت في مستشفى بوجون بالعاصمة الفرنسية باريس، الروائي المصري محمد ناجي، عن عمر يناهز 68 عاما، خلال فترة تعافيه من آثار جراحة زرع كبد أجراها الأسبوع الماضي، وغادر جثمانه، أمس، إلى القاهرة، حسب تصريحات قنصل مصر لدى باريس، السفيرة سيريناد جميل، ليتسلمه ابنه وابنته مع نخبة من أهله وأصدقائه.
وقالت جميل إن «القنصلية سارعت في إنهاء إجراءات نقل جثمان الروائي الراحل ليصل، أمس (الجمعة)، إلى القاهرة على رحلة مصر للطيران القادمة من العاصمة الفرنسية باريس، ومن المنتظر تشييع جنازته في مسقط رأسه مدينة سمنود بمحافظة الغربية وسط دلتا مصر.
ترك محمد ناجي إرثا أدبيا متميزا، تجسد في 7 أعمال روائية مطبوعة، وله رواية قيد الطبع، بالإضافة إلى ديوان شعر، وحصل ناجي على «جائزة التميز» من اتحاد كتاب مصر عام 2009، كما نال «جائزة التفوق» في مصر عام 2013 عن مجمل أعماله الروائية، وعمل فور تخرجه في كلية الآداب بجامعة القاهرة - قسم صحافة عام 1969، بـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط»، ثم عمل بـ«وكالة أنباء الإمارات»، و«تلفزيون الإمارات»، والكثير من الصحف العربية.
وتلقت الحياة الثقافية في مصر نبأ رحيل محمد ناجي بالصدمة البالغة. ونعته وزارة الثقافة المصرية في بيان لها، وقال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، إنه ورؤساء قطاعات وهيئات الوزارة وجميع العاملين، ينعون الأديب والروائي الكبير محمد ناجي، الذي وافته المنية بباريس بعد صرع طويل مع المرض.
وتقدم الدكتور عصفور بخالص العزاء لأسرته وللمثقفين في مصر والوطن العربي، مشيرا إلى أن الأديب الراحل أثرى مكتبتنا العربية بالكثير من الروايات الهامة، ومنها: «العايقة بنت الزين»، «الأفندي»، «رجل أبله وامرأة تافهة»، وكانت آخر أعماله «تسابيح النسيان» التي كتبها أثناء علاجه بباريس. وذكر عصفور أن وزارة الثقافة ستتولى بالتعاون مع وزارة الدفاع نقل الجثمان من فرنسا إلى مصر.
كما نعى ناجي اتحاد كتاب مصر، مشيرا في بيان له أنه «من الكتاب المهمين الذين قدموا الكثير للأدب، وترك بصمته الخاصة فيه، إضافة إلى أنه عاش حياته واضحا في كل القرارات والمواقف الوطنية، ولم يفعل شيئا يخالف ضميره».
وقال الكاتب مصطفي القاضي إن «الروائي محمد ناجى، على المستوى الإنساني، كان من النماذج التي قل الزمان أن يجود بمثلها؛ إذ كان حريصا على الإنسانية، والوطنية، وعلى نبذ العنف، وانتشار الثقافة ودعمها، وكان ضد الفكر المتطرف، يؤمن بالديمقراطية وينفذها، حتى في أقصى لحظات مرضه، ظل محتفظا بداماثة الخلق، ومحبة البشر والحياة».
وعن اللحظات الأخيرة في حياة محمد ناجي، قالت الكاتبة ليلى حجازي القواس التي كانت معه بالمستشفى قبل رحيله بساعات، إن «ناجى كان متفائلا حتى آخر لحظة، وقال: أعايش مرضي بفرح وأصادقه كعابر سبيل».
وذكرت حجازي في اتصال هاتفي مع و«كالة أنباء الشرق الأوسط»، أن ناجى كان طموحا، وكان دائما مشغولا بما سيكتبه، حتى قبل أن يدخل غرفة العمليات، فكان يقول: «في دماغي كتابات كثيرة، فعلى سبيل المثال، لا يزال لدي حلم بأن أكتب رواية عن حرب أكتوبر (تشرين الأول)، وحرب الاستنزاف التي عايشتها فور تخرجي من الجامعة، وأرصد نبض قلب الجندي البسيط على الجبهة، في تلك اللحظة الحاسمة من التاريخ».
وأضاف ناجي: «يهمني أيضا أن أكتب عن تحولات المشاعر في المجتمع المصري، أكتب عن جيلنا وانكساراته الكبيرة، وأحلامه أيضا، جيل ابن نكسة، أنا مشغول الآن بكتابة رواية عن سمنود؛ بلدي، التي كانت عاصمة لمصر القديمة في أحد العصور الفرعونية الخصبة. يا أصدقائي، الأحلام كثيرة واللحظة نفسها التي أعيشها مليئة بتفاصيل كثيرة، أتمنى أن أجد الوقت لكي أكتبها».
وعن بصمة ناجي في فضاء الرواية قال الناقد الكبير المرحوم د. على الراعي عن رواية «خافية قمر» التي كتبها عام 1994: «هذه الرواية الفائقة الحسن قد صنعت من مادة الأحلام، ورضعت لبان الخيال، واستوت أمامنا خلقا فنيا جميلا نسعد به، ونعلي في تقديره من شأن مبدعه محمد ناجي.. أستاذ الفن الجميل».
وعن روايته «ليلة سفر» قال الدكتور صلاح فضل، إنها «شلال من الشجن والمودة واختلاط مشاعر الخطر بالألفة والرحيل بالوداع، يجعل من رواية محمد ناجي أنشودة شعرية رائقة للحياة والحب وتجاوز الآلام».
يذكر أن الهيئة المصرية العامة للكتاب قد أصدرت لناجي، أخيرا، الأعمال الكاملة، ومنها: «خافية قمر»، و«لحن الصباح»، و«مقامات عربية»، و«العايقة بنت الزين»، و«رجل أبله.. امرأة تافهة»، و«الأفندي»، و«ليلة سفر».
الروائي محمد ناجي يطوي «خافية قمر» ويرحل بعد صراع مع المرض
جعل الحياة أنشودة شعرية.. وموته في باريس أصاب الوسط الثقافي بالصدمة
الروائي محمد ناجي يطوي «خافية قمر» ويرحل بعد صراع مع المرض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة