داود أوغلو يتهم إردوغان بـ«تقزيم» تركيا

جدل حاد وتهديدات بالقتل للمعارضة بسبب انتقادها النظام الرئاسي

بائع خردة في أحد شوارع إسطنبول المغلقة أمس (إ.ب.أ)
بائع خردة في أحد شوارع إسطنبول المغلقة أمس (إ.ب.أ)
TT

داود أوغلو يتهم إردوغان بـ«تقزيم» تركيا

بائع خردة في أحد شوارع إسطنبول المغلقة أمس (إ.ب.أ)
بائع خردة في أحد شوارع إسطنبول المغلقة أمس (إ.ب.أ)

اتهم رئيسُ حزب «المستقبل» التركي المعارض رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، الرئيسَ رجب طيب إردوغان وحزبَه الحاكم «العدالة والتنمية»، بمحاولة جعل تركيا «دولة أقزام»، عبر إشاعة مناخ الخوف في أوساط الشعب وتحويل السلطة الحاكمة إلى «شركة دعاية».
واستنكر داود أوغلو قيام أعمدة نظام إردوغان والآلة الإعلامية الضخمة التابعة له بترويج شائعات تزعم قرب وقوع انقلاب جديد في البلاد، قائلاً إن «السلطة الحاكمة بدأت تتخوف من الشعب... هذا الوضع الذي يحول بلدنا إلى دولة أقزام، ويحول السلطة الحاكمة إلى شركة دعاية، يؤدي حقاً إلى تكوين صور مأساوية، لأن الدول ينبغي أن تدار بالجدية وليس بالحملات الدعائية».
وقال داود أوغلو في مقابلة صحافية، أمس، إن «خطابات وأقوال إردوغان وحزبه، ما هي إلا مساعٍ لتغيير الأجندة السياسية، ومحاولة لإضفاء الشرعية على ميولهم الاستبدادية والاستغلالية».
وتطرق إلى تكرار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الخاضعة لحزب إردوغان الحديث عن محاولات انقلابية مزعومة. وقال: «مع الأسف، بعض أنصار السلطة عند الحديث عن احتمالية انقلاب يدخلون في سباق حول عدد الأسلحة التي سيحملونها والرصاصات التي سيطلقونها وكمية الدماء التي ستسال وكيف سينتقمون».
وأضاف أن «من عجزوا عن إدارة المصائب الكبيرة التي حلّت بالبلاد منذ نهاية فبراير (شباط) الماضي، ولا يعرفون كيف سيسيطرون على الأضرار والفاتورة الثقيلة خلال الأشهر المقبلة، يحاولون اللجوء إلى طرقٍ ما من أجل التلاعب في الأجندة السياسية». وتابع أن بلاده «لا تزال دولة يمكن أن تقع بها انقلابات، فهذه الانقلابات لن تفشل إلا بعودة إردوغان للعاصمة التي يغيب عنها منذ 45 يوماً، حيث يقيم في قصر في إسطنبول منذ تفشي (كورونا)، وليس بالتغريدات التي تنشر هنا وهناك بخصوص هذه المزاعم».
وتشهد تركيا تجاذبات ونقاشات حادة أخيراً حول النظام الرئاسي، وحديث قيادات المعارضة عن فشل حكومة إردوغان في إدارة أزمة وباء «كورونا» والحد من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية. ووصف قادة حزب «الشعب الجمهوري»؛ أكبر أحزاب المعارضة، الحكومةَ بـ«النظام» و«نظام القصر»، وهو ما دفع «العدالة والتنمية» ومسؤولي الحكومة إلى التحذير من «مساعٍ انقلابية»، وسط اتهامات للمعارضة بمحاولة استغلال الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد لتحقيق مكاسب سياسية.
وتفجرت هذه الضجة بعد تصريحات للمتحدث الرسمي باسم «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال، قال فيها إن «نهاية نظام القصر اقتربت»، في إشارة إلى النظام الرئاسي وحكومة إردوغان، وأطلق تحذيراً لموظفي الدولة والمسؤولين من مختلف المستويات بأن الحكومة المقبلة ستعاقبهم، في تصريحات عدّها أنصار إردوغان، مع غيرها كثير من كتابات صحافيين معارضين، بمثابة «تلويح بانقلاب».
وردّ العديد من الكتاب المقربين من الحكومة، بمقالات عدّوا فيها هذه التصريحات «تهديداً بتغيير الحكم من خلال الانقلاب»، فيما عدّ آخرون أنه «لا مصلحة لأحد بإيصال الاستقطاب السياسي في البلاد إلى هذه الدرجة».
ودخل مسؤولو الدولة على الخط، وكتب رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون عبر «تويتر»: «الذين لا يستطيعون استيعاب نجاح النظام الرئاسي، والذين لا يعرفون حدودهم، المتطاولون على مشروعية الحكومة والرئيس المنتخب من الشعب، يلوّحون بالعصا. عليهم أن يعلموا جيداً أن رجب طيب إردوغان ورفاقه لا يخضعون لأي تهديدات».
وكتب المتحدث باسم «العدالة والتنمية» عمر تشليك: «في الجمهورية التركية، الأمة هي صاحبة النظام. في هذه الدولة الإرادة الوطنية هي التي تحدد من يكون في السلطة»، واصفاً حزب «الشعب الجمهوري» بأنه «تنظيم الاستيلاء على السلطة». وعدّ أنه «لا يمكن إطلاق وصف نظام على حكومة ديمقراطية فازت في الانتخابات».
وقال نائب رئيس «العدالة والتنمية» ماهر أونال: «سنواصل نضالنا حتى نعلمكم (حزب الشعب الجمهوري) احترام إرادة الأمة والانتخابات، سنناضل بصبر ومن دون تجاوز الأطر الديمقراطية ومن دون أن نقع في فخ المؤامرة، سنناضل حتى تفهموا أن هذا البلد ليس ملكاً لآبائكم».
وانتشرت في الأيام الأخيرة على «تويتر» عشرات الآلاف من التغريدات تحت وسم «انقلاب» يحذر فيها أنصار «العدالة والتنمية» من «مخططات انقلابية» وتوعدوا بمواجهتها. وذهب بعض أعضاء الحزب إلى نشر تهديدات ووضع صور للرصاص، مؤكدين أن القتل سيكون هو الرد على أي معارض «يروج للانقلاب».
ومع كل أزمة أو نقاش سياسي في تركيا، يتجدد الحديث من جانب حزب إردوغان وأنصاره عن انقلاب جديد، بعد فشل محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد في 15 يوليو (تموز) 2016. وفيما يتهم أنصار الحزب الحاكم المعارضة بالتعاون مع «حركة الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن التي يتهمها إردوغان بتدبير محاولة الانقلاب ضده، تؤكد المعارضة أن تهمة الانقلاب والارتباط بغولن باتت جاهزة دائماً لترهيب أي صوت معارض.
وتعليقاً على هذا الجدل الحاد، قال داود أوغلو إن «على السلطة أن تواجه مخاوفها أولاً؛ بدلاً من محاولتها تخويف الأمة»، مشيراً إلى أن الحكومة خائفة من فاتورة الاقتصاد، وخائفة من المشكلات، وخائفة من الديمقراطية، وخائفة من العدالة. وأضاف أن «الأهم من ذلك أن السلطة تخاف من الأمة، ولأنها خائفة فهي لا تريد سماع أصوات الجدارة والعدالة والفطرة السليمة والديمقراطية والاختلافات».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.