تراجع في قيمة الليرة السورية بعد ظهور رامي مخلوف

TT

تراجع في قيمة الليرة السورية بعد ظهور رامي مخلوف

تراجعت قيمة الليرة السورية على خلفية ظهور رجل الأعمال رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت حذر أستاذ جامعي من الساحل السوري، مخلوف، من مغبة ظهوره في التسجيلات المصورة، التي بثها قبل أيام، معتبراً أنه يسير في «طريق خطيرة جداً ستؤدي إلى إحداث شرخ كبير في الحاضنة الشعبية المؤيدة» للنظام، كاشفاً أن «جمعية البستان» الخيرية تعود للرئيس الأسد، وليست لمخلوف.
وغاب خبر ظهور رامي مخلوف عن وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية في سوريا، وكذلك الصفحات الإخبارية الموالية للنظام، التي تدير معظمها الأجهزة الأمنية، كما تجاهل الرئيس بشار الأسد بيانات ابن عمته، رغم ما أحدثته من هزة في الشارع السوري تهاوت على وقعها قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي من 1280 ليرة للدولار إلى 1340 ليرة بعد بث الفيديو الثاني.
في غضون ذلك، كشف أستاذ الاقتصاد في «جامعة تشرين» في اللاذقية أحمد أديب أحمد، في منشور له على «فيسبوك»، أن ظهور رامي مخلوف ومناشدته الأسد لحل الخلاف: «ليسا قضية أموال وضرائب، ومن المؤكد أنه أكبر من ذلك». ورأى أن ما قاله مخلوف «يصب في مخطط للضغط على الرئيس الأسد لتقديم التنازلات»، كما اعتبر مناشدة مخلوف للأسد ليست بريئة أيضاً، إذ تتضمن «اتهاماً بشكل غير مباشر (للرئيس الأسد) بالعجز»، وأن «الأمور خارجة من يده».
وكشف أستاذ الاقتصاد، وهو أحد أبناء الطائفة العلوية ويعود بنسبه للشيخ أحمد قرفيص الغساني، أحد أشهر مشايخ الطائفة، أن «جمعية البستان» الخيرية التي كان يديرها مخلوف تعود للرئيس الأسد، وقد كلف مخلوف بالإشراف عليها، وعندما فشل تم إبعاده عنها. وأضاف في خطابه الموجه إلى رامي مخلوف: «إن كنت لا تدري أنك بفيديوهاتك المتلاحقة، والموجهة لشرخ الحاضنة الشعبية المؤيدة والفقيرة، تخدم أعداء الوطن، فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم»، لافتاً إلى أن «المرحلة الراهنة حرجة جداً، وستستمر حتى انتخابات عام 2021»، طالباً منه ألا يكون «أداة بيدٍ روسية أو إيران للضغط» على الأسد، في إشارة إلى وجود ضغوط من حلفاء النظام على الأسد. ويرأس أستاذ الاقتصاد أحمد أديب الأحمد، ما يسمى بـ«المجمع العلوي السوري»، وهو موقع إلكتروني «خاص بالعلويين النصيريين مهمته التعريف الحقيقي بهم، ورد الافتراءات والشبهات التي تدور حولهم»، حسب تعريف الموقع. ودعا الأحمد عبر منشور على صفحته، أمس، إلى بدء حملة دعم للرئيس بشار الأسد لمواجهة «الضغوط الخارجية والداخلية، والمؤامرات التي تحاك لإسقاطه».
وظهر رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، في تسجيلين مصورين متتالين؛ الأول بثه في الثلاثين من أبريل (نيسان) الماضي، والثاني في الثالث من الشهر الحالي، أكد فيهما على عدم تنازله عما يملكه، وعدم تسديد ما طلب منه دفعه من أموال لصالح خزينة الدولة، قائلاً للرئيس الأسد إن أجهزته الأمنية تلقي القبض على موظفي شركاته، بينهم مديرون.
وكان مقرراً أن تنتهي أمس المهلة المخصصة كي تسدد شركتا «سيريتل» و«إم تي إن» للهاتف الجوال مستحقات للحكومة.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.