قتلى إيرانيون في غارات إسرائيلية متزامنة على ريفي حلب ودير الزور

استهدفت مقرات عسكرية قرب حدود العراق ومركزاً علمياً شمال سوريا

TT

قتلى إيرانيون في غارات إسرائيلية متزامنة على ريفي حلب ودير الزور

قتل 14 مقاتلاً من القوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها على الأقل في غارات استهدفت ليلاً مواقع تابعة لها في محافظة دير الزور في شرق البلاد، بالتزامن مع قصف إسرائيلي على موقع آخر قرب شمال سوريا.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الثلاثاء بأنه يرجح أن تكون «طائرات جوية إسرائيلية شنّت الغارات» ليل الاثنين - الثلاثاء مستهدفة بادية مدينة الميادين وبلدتي الصالحية والقورية، موضحاً أن بين القتلى عراقيين من المجموعات الموالية لإيران وإيرانيين، من دون أن يتمكن من تحديد الأعداد بدقة.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأنّ الدفاعات الجوية السورية تصدّت ليل الاثنين - الثلاثاء لصواريخ أطلقتها طائرات حربية إسرائيلية على مستودعات عسكرية في شمال البلاد، مشيرة إلى أنّ التدقيق لا يزال جارياً في «الخسائر التي خلّفها العدوان». وقالت الوكالة في نبأ عاجل: «وسائط الدفاع الجوي تتصدّى لعدوان إسرائيلي على مركز البحوث في حلب».
ولاحقاً نقلت «سانا» عن مصدر عسكري قوله إنّ طائرات حربية إسرائيلية أطلقت صواريخ استهدفت «بعض المستودعات العسكرية في منطقة السفيرة، وقد تصدّت وسائط دفاعنا الجوي للصواريخ المعادية ويتمّ التدقيق في الخسائر التي خلّفها العدوان».
من جهته، أكّد «المرصد السوري» أنّ «انفجارات هزّت مواقع قوات النظام والميليشيات الإيرانية في معامل الدفاع شرق حلب»، مشيراً إلى أنّ الغارات «استهدفت الفرع 247 معامل الدفاع بالسفيرة» الواقعة جنوب شرقي مدينة حلب و«أسفرت عن تدمير مستودعات ذخيرة، من دون ورود معلومات عن حجم الخسائر حتى الآن».
كما أفاد «المرصد» وقتذاك: «دوّت ثلاثة انفجارات عنيفة في بادية الميادين في ريف دير الزور، تزامناً مع تحليق طائرات مجهولة يرجّح أنّها إسرائيلية، استهدفت مواقع انتشار الميليشيات الإيرانية، دون ورود معلومات عن حجم الخسائر حتى الآن».
وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفةً بشكل أساسي مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» اللبناني. وليل الخميس الفائت أطلقت مروحيّات إسرائيليّة من أجواء الجولان السوري المحتلّ صواريخ على مواقع في جنوب سوريا في غارات «اقتصرت أضرارها على المادّيات»، بحسب وسائل إعلام سوريّة رسميّة.
وأتت تلك الغارات بعد ضربات جوّية مماثلة اتّهمت السلطات السورية إسرائيل بتنفيذها. وتُكرّر إسرائيل أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى «حزب الله».
وفي تل أبيب، اختار الجيش الإسرائيلي هذه المرة أيضا ألا يعلق على الأنباء التي نسبت القصف إلى قواته. لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت كل ما يقال في هذا الموضوع بالتفصيل، مؤكدة أن الإعلام العربي ينسب لقواتها الجوية هذا القصف وعمليات القصف الأخيرة (سبع مرات منذ مطلع الشهر الماضي).
وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم»، التي تعتبر ناطقة بلسان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إنه «إذا كان صحيحا ما ينسب لسلاح الجو الإسرائيلي، فإن ذلك يعني أن القرار بالامتناع عن القصف طيلة شهر مارس (آذار) قد تغير. فالإيرانيون عادوا إلى نشاطهم في سوريا، رغم إخفاقاتهم في معالجة (كورونا)، ورغم تفاقم أزمتهم الاقتصادية وإسرائيل تصر على منع هذا النشاط وإدارة معركة هجومية لطرد إيران من الأراضي السورية».
وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بنيت، ذلك بشكل صريح في الأسبوع الماضي، قبل ساعات من القصف في سوريا، وقال: «ضعوا السماعات على الآذان وكونوا متيقظين لما ستسمعون وتشاهدون. فنحن لسنا مستمرين في لجم الاستقرار الإيراني في سوريا فحسب، بل انتقلنا من اللجم إلى الطرد، بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معنى». وأشار تحليل نشرته صحيفة «هآرتس» أمس، إلى أنه يبدو أن إسرائيل كثفت هجماتها ضد إيران في سوريا «تحت غطاء جائحة فيروس (كورونا)». ورصد التحليل أن التقارير الواردة من سوريا خلال الأسابيع الماضية توضح أن سلاح الجو الإسرائيلي أصبح «يستهدف بصورة مستمرة» أهدافا عسكرية مختلفة وعلى نطاق واسع في البلاد، وأن الأهداف تتضمن مخازن أسلحة ومصانع أسلحة وبطاريات صواريخ أرض جو ومراكز مراقبة على طول الحدود الإسرائيلية. وأشارت إلى أن «كل مكونات المحور بقيادة إيران - الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية الأجنبية و(حزب الله) ووحدات الجيش السوري - أصبحت على خط النار».
وجاء في التحليل، الذي كتبه عاموس هاريل: «يبدو أن فيروس (كورونا) أحدث تغييرا في الاستراتيجية. ففي مارس، لم ترد أنباء عن أي هجمات تقريبا. لكن في أبريل (نيسان)، كانت وسائل الإعلام السورية تورد أنباء عن وقوع هجمات مرة أو مرتين كل أسبوع في شرق ووسط وجنوب سوريا».
ولفتت الصحيفة إلى أن «إسرائيل لا تعلق كثيرا على التقارير. وعلى أي حال، لا تولي وسائل الإعلام الإسرائيلية ولا الأجنبية اهتماما كبيرا للأحداث في سوريا. فجائحة (كورونا) تهيمن على جدول أعمالها. ومن وجهة نظر إسرائيل، قد يكون هذا في الواقع ميزة». وأشارت إلى أن «هذه الهجمات تصيب المحور الإيراني في لحظة ضعف نسبي»، بعد اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني. واعتبرت أن خليفته إسماعيل قآني «اكتشف أن مكانة سلفه أكبر منه بكثير، فهو لا يتمتع بالنجومية التي كان يتمتع بها سلفه سليماني». ولفتت الصحيفة إلى أن إيران «لم تتعاف بعد اغتيال سليماني وما حدث قبله وبعده - العقوبات الأمريكية المكثفة، وتراجع ثقة الشعب في النظام بعدما اتضح أنه حاول التنصل من مسؤولية إسقاطه بطريق الخطأ لطائرة ركاب فوق طهران، والضربة القوية التي تسبب بها فيروس (كورونا) لإيران، وانخفاض أسعار النفط مع انكماش الاقتصاد العالمي».
وفيما يتعلق بـ«حزب الله»، فقد بدأت المساعدات المالية الإيرانية لـ«حزب الله» في التراجع في ظل كل هذه المشاكل. وفي الوقت نفسه، فإن لبنان منهك في أزمة اقتصادية تزداد سوءا، ما ألقى بظلاله على «حزب الله».
وأشار التحليل إلى أن «إسرائيل تترقب كيفية رد العدو. هل سيبلغ (الرئيس السوري بشار) الأسد طهران بأن الوقت قد حان للتراجع، أم أن الإيرانيين أنفسهم سيبحثون عن مخرج مشرف ويقللون من وجودهم في سوريا بسبب الضغط العسكري المتزايد، أم سيكون هناك رد على إسرائيل؟».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.