اشتباكات ليلية بين أتباع الصدر ومعتصمي ساحة التحرير في بغداد

TT

اشتباكات ليلية بين أتباع الصدر ومعتصمي ساحة التحرير في بغداد

وقعت، مساء أول من أمس، اشتباكات ومشاجرات شخصية بين عناصر من أتباع «التيار الصدري» وبعض المعتصمين في ساحة التحرير وسط بغداد. وأظهرت فيديوهات بثّها ناشطون في الساحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عربات مختلفة تابعة لما يعتقد أنها مجاميع «سرايا السلام» التابعة لـ«التيار الصدري» وهي تحمل أفراداً يحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة. وتأزمت علاقة جماعات الحراك بأتباع «التيار الصدري» منذ مطلع فبراير (شباط) الماضي، حين عمد الصدريون، وبدافع من تمرير حكومة المكلف رئاسة الوزراء وقتذاك محمد توفيق علاوي، إلى احتلال بناية «المطعم التركي» المطلة على ساحة التحرير واقتحام ساحة الاعتصام في النجف ما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 15 متظاهراً بين قتيل وجريح. ومنذ ذلك التاريخ ظل الجانبان يتربص كلاهما بالآخر.
وفيما تصر جماعات الحراك على مواصلة نشاطها، يسعى «التيار الصدري» إلى فض الاعتصامات وإنهاء المظاهرات بمختلف الذرائع، كانت أخراها ذريعة فيروس «كورونا» والخشية من تفشيه بسبب المتظاهرين. وقد كتب محمد صالح العراقي المقرب من مقتدى الصدر عبر «فيبسوك» أول من أمس، منشوراً قال فيه: «اعلموا أننا لا نقبل أن يكون الثوار مصدر انتشار الوباء بتجمعاتهم الكبيرة».
وحول أحداث الليلة قبل الماضية، يقول الناشط رعد الغزي: «شجار وقع بين معتصم وأحد أتباع الصدر، قام خلاله الشاب المعتصم بضرب الصدري ومصادرة مسدسه الشخصي، ما أدى إلى تطور الأمر بعد ذلك».
ويضيف الغزي لـ«الشرق الأوسط» أن «اتباع الصدر قاموا باستدعاء عناصر (سرايا السلام)، التي جاءت عناصرها بأكثر من 10 عجلات مختلفة وهم يحملون أسلحة متوسطة وخفيفة، وقام بعضهم بالاعتداء على بعض المعتصمين».
ويتابع: «بعد ذلك هدأت الأمور وانسحب عناصر (السرايا) من الساحة، لكن التوتر ما زال قائماً بين أتباع الصدر والمعتصمين في التحرير». وفي حين لم يصدر أي بيان عن «التيار الصدري» حول الأحداث، وجّه مجموعة من الناشطين في ساحة التحرير، أمس، عبر فيديو مصور، رسالة إلى زعيم التيار مقتدى الصدر يتهمون أتباعه بالاعتداء عليهم ويطالبونه بحمايتهم. ووجّه التربوي والناشط المدني حميد جحجيح، أمس، رسالة، عبر «فيسبوك» إلى الصدر طالبه فيها بسحب أتباعه من ساحة التحرير، وقال فيها: «الأخ السيد مقتدى الصدر، أتمنى أن تسحب أنصارك من ساحة التحرير، وجودهم في الساحة هو وجود سياسي، وأخذوا يتحولون من متظاهرين إلى قامعين للمتظاهرين. هذا الأمر يتسبب بخسارة سمعتكم كتيار يدافع عن المتظاهرين». وأضاف: «نصيحة من أخ، اسحب أنصارك واهتموا بتشكيل الحكومة ودوركم فيها. وجودكم في الحكومة والبرلمان أهم، ولا معنى أو فائدة من وجودكم في ساحة التحرير».
وفي محافظة ذي قار الجنوبية، تظاهر، أمس، العشرات من خريجي المعاهد التقنية للمطالبة بتخصيص درجات وظيفية لهم وتوفير فرص العمل. وأفادت الأنباء من هناك بأن المتظاهرين طالبوا بإنصافهم في فرص العمل والدرجات الوظيفية، والتقى ممثلوهم بالمحافظ الجديد ناظم الوائلي، وتعهد الأخير بالضغط على الجهات ذات العلاقة في بغداد لتحقيق مطالب المتظاهرين.
وكانت الناصرية، مركز المحافظة، شهدت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 مجزرة راح ضحيتها أكثر من 300 متظاهر بين قتيل وجريح بعد اقتحام قوات الأمن ساحة الحبوبي وسط المدينة، ما أدى إلى إقالة رئيس خلية الأزمة الفريق جميل الشمري المتهم من قبل المتظاهرين بإصدار الأوامر وتنفيذ المجزرة.
من ناحية أخرى، تستمر بعض جماعات الحراك، خصوصاً في بغداد ومحافظتي واسط وذي قار، في دعوة المواطنين للخروج في مظاهرات حاشدة الأحد المقبل المصادف 10 مايو (أيار) الحالي. وتبرز جماعات الحراك في محافظة واسط من بين أكثر الجماعات إصراراً على الخروج بالمظاهرات المزمعة رغم اعتراضات جماعات أخرى على ذلك، نظراً للخشية من انتشار فيروس «كورونا». ويتوقع المحامي والناشط سجاد سالم أن «تشهد واسط مظاهرات غير مسبوقة الأحد المقبل رغم المخاطر التي تتعرض لها الناس، سواء المتعلقة بقمع السلطات المتوقع، ومخاطر حائجة (كورونا)».
ويقول سالم لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعوة للتظاهر انطلقت من واسط، وقد أيدها ناشطون في مختلف المحافظات، وهناك من يعترض عليها بكل تأكيد، لكننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة من سلطات واسط المحلية وقررنا التحرك». ويتهم سالم «السلطات المحلية بالسعي للتأثير على جماعات الحراك والساحات في المدينة وزرع الفتنة فيما بينها بهدف إقصائها وتفتيتها، لذلك قررنا مواجهتها بمظاهرات حاشدة، نؤكد فيها على جميع مطالبنا المركزية السابقة التي نرى أن السلطات تتعمد تجاهلها والاستهانة بها». ويؤكد: «غالبية الفعاليات الاجتماعية وعدد غير قليل من شيوخ العشائر يدعمون توجهنا، وقد دأبوا في الأيام الأخيرة على الحضور إلى ساحة الاعتصام لهذا السبب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».