إصابة السوداني المطلوب للجنائية الدولية «أحمد هارون» بكورونا

نقل من معتقله بسجن كوبر وتلقى العلاج في مستشفى عسكري بالخرطوم

شوارع الخرطوم خالية بسبب كورونا (أ.ب)
شوارع الخرطوم خالية بسبب كورونا (أ.ب)
TT

إصابة السوداني المطلوب للجنائية الدولية «أحمد هارون» بكورونا

شوارع الخرطوم خالية بسبب كورونا (أ.ب)
شوارع الخرطوم خالية بسبب كورونا (أ.ب)

أعلنت وزارة الداخلية السودانية إصابة "أحمد محمد هارون"، نائب الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها في إقليم دارفور، بفيروس (COVID-19)، وأكدت نقله من المعتقل لتلقى العلاج في مستشفى عسكري بالخرطوم.
وقال بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي للشرطة إن هارون، والموقوف بسجن كوبر، تعرض لأزمة صحية، استدعت أخذ عينه منه للفحص للاشتباه بإصابته بالفيروس بتاريخ 21 أبريل (نيسان) الماضي، ونقل إلى مستشفى الشرطة في 22 من الشهر ذاته، وجاءت نتيجة الفحص الأول سلبية.
وأوضح البيان أن هارون تعرض لمضاعفات استدعت تشخيصه بالأشعة المقطعية، وإجراء فصح ثاني له جاءت نتيجة "موجبة"، وجاءت نتيجة الفحص الثالث الذي أجرى له "موجبة" مما أكد إصابته بكورونا.
وذكر البيان أن الرجل وضع في العزل بالمستشفى، قبل أن يتم نقله لمكان آخر، بعد التحسن اللاحق في صحته، يؤمن الرعاية الصحية والحراسة والتأمين له، حتى يعاد إلى سجن كوبر حال سماح حالته الصحية بذلك.
وألقي القبض على هارون في أبريل (نيسان) 2019 عقب سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير ووضع في الحجز التحفظي على ذمة عدد من القضايا بالسجن المركزي "كوبر"، بالإضافة إلى عدد من قادة النظام وعلى رأسهم الرئيس البشير ونائبه الأسبق علي عثمان محمد طه، ومساعده نافع علي نافع، وعدد آخر من رموز النظام.
وإثر ذيوع خبر إصابة هارون بفايروس كورونا، نظمت أسر معتقلي النظام المعزول وقفة احتجاجية أمام السجن المركزي بكوبر، طالبت فيها بإطلاق سراح ذويها أو نقلهم لحجر صحي خارج السجن، بيد أن السلطات فرقت الوقفة الاحتجاجية وألقت القبض على أكثر من عشرين من المحتجين، وفرضت عليهم غرامات جراء مخالفة أمر الطوارئ الصحية المفروض في البلاد منذ دخول الوباء للسودان.
وراج أن هارون حاول الهرب من المستشفى، بيد أن مصدر حكومي نفى المحاولة، ووصفها بأنها جزء من حملات أنصار النظام المعزول الرامية لإثارة البلبلة وعدم اليقين، وقال: "هارون يتعاطى العلاج، وحالته الصحية على مايرام ولم تظهر عليه أعراض خطيرة"، وهو ما نفاه بيان الشرطة وجاء فيه: "راجت العديد من الروايات، على منصات التواصل الاجتماعي، وجميعها عارية من الصحة".
وأحمد هارون أحد أربعة مسؤولين حكوميين مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، التي تتهم بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وتصفية عرقية، على مسؤولتيهم عن الجرائم التي ارتكبت في إقليم دارفور منذ العام 2003، وذلك بحكم مسؤوليته الجنائية بصفته وزيرا للدولة بالداخلية وقتها.
وتطالب الجنائية بالإضافة إلى هارون تسليم كل من الرئيس المعزول عمر البشير، ووزير دفاعه الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، وزعيم عصابة الجنجويد "علي كوشيب"، ويقبع الثلاثة في السجن المركزي بكوبر، بينما فر كوشيب إلى مكان غير معروف.
وكانت الحكومة السودانية قد وافقت على محاكمة الرجال الأربعة لدى المحكمة الجنائية الدولية، وفقا لأكثر من سيناريو، بأن تشكل محكمة من قضاة من خلفيات مختلفة(مختلطة)، أو يأتي قضاة من محكمة لاهاي لمحاكمتهم في الخرطوم، أو تسليمهم للمحكمة، لكن السلطات العدلية المحلية ترى أولوية محاسبتهم على إتهامات بارتكاب جرائم في السودان.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم