أثينا: طائرات تركية تحرشت بمروحية وزير الدفاع

وزير الدفاع اليوناني (أ.ف.ب)
وزير الدفاع اليوناني (أ.ف.ب)
TT

أثينا: طائرات تركية تحرشت بمروحية وزير الدفاع

وزير الدفاع اليوناني (أ.ف.ب)
وزير الدفاع اليوناني (أ.ف.ب)

اتهمت أثينا أنقرة بأن طائراتها تحرشت مساء الأحد بمروحية وزير الدفاع اليوناني ورئيس هيئة الأركان فوق جزيرة يونانية في بحر إيجة. وقالت مصادر في وزارة الدفاع، إن الحادث وقع بعد أن اعترضت المقاتلات اليونانية المقاتلات التركية في مناورات مألوفة، لكنها خطيرة من قبل حليفين في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ونددت اليونان بالمضايقات التركية، بحق مروحية يستقلها وزير الدفاع نيكوس بانايوتوبولوس ورئيس هيئة الأركان الجنرال كونستانتينوس فلوروس، بعد أن أقلعا من جزيرة إينوسيس الصغيرة، إثر زيارتهما قواعد عسكرية بالقرب من الحدود مع تركيا.
ووفقاً لما تم الإعلان عنه، فإن طائرتين تركيتين من طراز «إف 16»، حلقتا فوق الجزيرة على ارتفاع 3500 قدم (1000 متر) بعد إقلاع المروحية، ثم حلقتا فوق جزيرة يونانية ثانية على ارتفاع 1700 قدم فقط.
وأدان بانايوتوبولوس هذا الحادث قائلاً «إن هذا النوع من المضايقات من تركيا لا يساعد في تخفيف حدة التوتر الذي ينبغي أن يسعى إليه الجانبان في هذه الفترة».
وأوضحت الدوائر السياسية، أن تركيا تحاول فرض نفوذ في هذه المنطقة، وأن سفناً بحرية تركية تخترق باستمرار المياه الإقليمية اليونانية، وهو جزء من مطامع تركيا التوسعية، ويرتبط إلى حد كبير بمطامع تركيا في ليبيا ومحاولتها السيطرة على المجال الجوي ما بين تركيا وليبيا.
ويتصاعد الخلاف التركي - اليوناني يوماً تلو الآخر، بعدما وقّعت أنقرة مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية مع حكومة ما تسمى «الوفاق» الليبية، متعدية بذلك على الحدود البحرية اليونانية التي حددت سابقاً.
وبناءً على مذكرة التفاهم التي وصفت بـ«غير الشرعية»، فقد لوّح رئيس تركيا رجب طيب إردوغان، بأن بلاده لن تكتفي بالبحث عن الثروات النفطية والغازية في البحر المتوسط، وإنما ستقوم بالحفر شرقي جزيرة كريت اليونانية.
على صعيد آخر، نقلت الحكومة اليونانية نحو 400 مهاجر من المخيم المكتظ في جزيرة ليسبوس الواقعة في بحر إيجة إلى البر الرئيسي. وقالت مصادر بالشرطة، إن مجموعتين من 142 و250 مهاجراً «من الأكثر ضعفاً» كانوا على متن العبارات في جزيرة ليسبوس بعد مغادرة مخيم موريا، الذي ذكرت تقارير أنّ الظروف فيه مزرية، وحسب تقارير إعلامية، فإن من المنتظر أن يتم نقل 100 مهاجر آخرين من ليسبوس إلى بيريوس غرب العاصمة أثينا لاحقاً.
ومن جانبها، ذكرت وزارة الهجرة اليونانية، أن كبار السن والمرضى والعائلات سيكونون في طليعة المهاجرين الذين سيتم نقلهم إلى بر اليونان، حيث سيتم إيواؤهم في فنادق ومساكن مستأجرة ومخيمات في كل أنحاء البلاد. ولم يتم تسجيل أي إصابة بـ«كورونا» في مخيمات اللاجئين بالجزر اليونانية حتى الآن.
وكانت الحكومة اليونانية نقلت خلال الأسابيع الماضية مئات المهاجرين إلى البر الرئيسي، وفي الوقت نفسه لم تشهد الأسابيع الماضية قدوم مهاجرين من تركيا إلى الجزر اليونانية.
وبذلك انخفض عدد المهاجرين الموجودين في مخيمات الجزر اليونانية من نحو 42 ألف و300 شخص في مارس (آذار) الماضي إلى 38 ألفاً و300 شخص في مطلع مايو (أيار) الحالي، ورغم ذلك تبقى المخيمات مكدسة نظراً لأن طاقتها الاستيعابية تبلغ نحو 7000 شخص فقط.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.