الجزائر: تدابير اجتماعية واقتصادية لمواجهة أزمتي «كورونا» والنفط

TT

الجزائر: تدابير اجتماعية واقتصادية لمواجهة أزمتي «كورونا» والنفط

تبنّت الحكومة الجزائرية تدابير اقتصادية واجتماعية لمواجهة أزمتي وباء «كورونا» وتدني أسعار النفط، خفضاً جديداً في الإنفاق العام. وخلص اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى إعلان إجراءات تهدف لرفع القدرة الشرائية لقطاع واسع من الجزائريين، يواجهون ظروفاً صعبة بسبب الأزمة الاقتصادية التي زادتها الأزمة الصحية تعقيداً.
وبموجب هذه الإجراءات، سيستفيد آلاف العمال والموظفين، بدءاً من شهر يونيو (حزيران) المقبل، من زيادة في الأجر الوطني الأدنى المضمون بألفي دينار، ليرتفع بذلك من 18 ألف دينار إلى 20 ألف دينار، زيادة على إلغاء الضريبة على الأجراء الذين يساوي مدخولهم الشهري أو يقل عن 30 ألف دينار (238 دولاراً).
وأعلن بيان لمجلس الوزراء، من جهة أخرى، إطلاق «لجنة» مكلفة بتقديم اقتراحات تخص إنهاء السنة الدراسية في المدارس والجامعات، سيفصل فيها الأحد المقبل في الاجتماع الأسبوعي للرئيس عبد المجيد تبون مع أعضاء حكومته. وتتكون اللجنة من وزراء التعليم والتعليم العالي والتكوين المهني، وتوضع، حسب البيان، تحت إشراف رئيس الوزراء. وعلى الأرجح، ستلغي الحكومة الفصل الثالث من الدراسة بالنسبة للأطوار التعليمية الثلاثة (ابتدائي ومتوسط وثانوي)، مع إلغاء الامتحانين النهائيين للابتدائي والمتوسط، والاكتفاء بحساب نتائج الفصلين الأولين، مع الإبقاء على امتحان البكالوريا الذي سينظم في سبتمبر (أيلول) المقبل، حسب مقترحات بعض نقابات القطاع. أما بالنسبة للجامعة، فالرأي الغالب هو العودة إلى الدراسة مع بداية الصيف لإكمال الدراسة.
ومن القرارات التي اتخذها الاجتماع الوزاري، رفع تخفيض ميزانية تسيير مؤسسات الدولة (الإنفاق العام)، من 30 بالمائة إلى 50 بالمائة، وسينجم عن ذلك وقف التوظيف في غالبية قطاعات النشاط خصوصاً الإدارة العمومية. وتمثل الأجور نسبة كبيرة من نفقات الميزانية، تفوق 60 بالمائة في قطاع الوظيفة العمومية.
وتهدف تخفيضات الإنفاق لتخفيف التداعيات في الأشهر المقبلة، إذ أعلنت الحكومة انخفاض الإيرادات السنوية لقطاع الطاقة إلى 20.6 مليار دولار، وذلك بتراجع كبير عن توقعات معلنة في وقت سابق من العام كانت عند 37.4 مليار دولار.
وأثّر انخفاض إيرادات النفط، منذ عام 2104، سلباً على ميزانية الدولة والعجز التجاري، إذ تشكل إيرادات النفط والغاز 60 بالمائة من الميزانية و93 بالمائة من إجمالي الصادرات. وتفاقم الوضع مع تفشي فيروس «كورونا»، حيث انهارت أسعار النفط، ما دفع الحكومة لخفض الإنفاق 30 بالمائة، في بداية الأزمة الصحية، وتأجيل استثمارات كانت مقررة هذا العام في قطاعات من بينها الطاقة.
وقالت الحكومة الجزائرية إنها تتوقع تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي، من 60 مليار دولار إلى 44.2 مليار دولار بنهاية 2020، وهو ما سيكون أدنى من توقعات سابقة لتسجيل 51.6 مليار دولار، وذلك نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية.
ورغم المشاكل المالية أبقت الحكومة على سياسة دعم المواد الاستهلاكية، دون تغيير، تحاشياً للاضطرابات بعد احتجاجات لأكثر من عام للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية. وتدعم الجزائر كل شيء تقريباً من المواد الغذائية الأساسية إلى الوقود والغاز والأدوية والسكن، وتفوق قيمة الدعم (يطلق عليه محلياً التحويلات الاجتماعية) 14 مليار دولار، حسب قانون الموازنة 2020.
إلى ذلك، نشر «مركز كارنيجي» أمس على موقعه الإلكتروني، تقريراً حول «استغلال السلطات الجزائرية الحجر الصحي، لخنق الحراك الاحتجاجي»، أكد فيه أن «الاعتقالات التعسفية بحق المعارِضين والطلاب وناشطي المجتمع المدني والصحافيين، استمرت بعد ما وافقت الحركة الشعبية على الالتزام بهدنةٍ خلال الحجر». وأشار التقرير إلى اعتقال عدد كبير من نشطاء الحراك، بتهم «التجمهر غير القانوني» و«المساس بأمن الدولة» و«المساس بسلامة وحدة الوطن»، و«توزيع منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية»، زيادة على استدعاءات أرسلتها الشرطة للعديد منهم، بغرض استجوابهم حول منشورات سياسية بشبكة التواصل الاجتماعي، أثارت حفيظة السلطات، التي تقول إنها لم تقمعهم بل تابعتهم بذريعة أنهم «يحرضون على إحداث اضطرابات في البلاد».
وأفاد التقرير بأن النظام «يستخدم المنظومة القضائية لزجّ النشطاء في السجون، أو وضعهم في الحجز المطوّل قبل المحاكمة، وذلك استناداً إلى تهم ملفّقة». وساق أمثلة بسجن الصحافي خالد درارني مراقب «مراسلون بلا حدود»، والناشطين سمير بلعربي وسليمان حميطوش. كما أشار إلى سجن السياسي البارز كريم طابو، الذي حكم عليه القضاء، الشهر الماضي، بعام حبساً نافذاً.
وبحسب «كارنيجي»، «تمارس حملات الاعتقال التعسفية للناشطين ووضعهم في الحجز، ضغوطاً على منظومة السجن التي تعاني أصلاً من الاكتظاظ وتردّي أوضاع السجون، ما يؤدّي إلى تفشي العدوى بسهولة أكبر. على سبيل المثال، بُني سجن الحراش (العاصمة) الرئيسي الذي نُقِل إليه طابو ودرارني، فضلاً عن كثيرين، في عام 1855 ومن المعروف أنه شديد الاكتظاظ. ويعاني هذا السجن من عدم كفاية المساحة المخصصة للأسرّة ومن مشكلات في التهوية والنظافة، ناهيك بعدم تقديم طعام ملائم للسجناء. نتيجةً لذلك، يطالب الأطباء والمحامون بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين والسجناء المتّهمين بجنح صغيرة». وأضاف التقرير أن السلطات «صعّدت، تحت ذريعة مكافحة فيروس كورونا، حربها على مواقع التواصل الاجتماعي. ولهذه الغاية، استخدمت المستفزّين وأغلقت حسابات على موقع (فيسبوك)، ونشرت معلومات شخصية على الإنترنت عن معارضين سياسيين وصحافيين، بهدف وصمهم أو التهجّم عليهم أو تجريدهم من مصداقيتهم».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».