الفلسطينيون يتطلعون لجلب الاعتراف الأوروبي الكامل بالدولة الفلسطينية

بعد اعتراف السويد الرسمي والتصويت الرمزي للبرلمانين الإسباني والبريطاني

الفلسطينيون يتطلعون لجلب الاعتراف الأوروبي الكامل بالدولة الفلسطينية
TT

الفلسطينيون يتطلعون لجلب الاعتراف الأوروبي الكامل بالدولة الفلسطينية

الفلسطينيون يتطلعون لجلب الاعتراف الأوروبي الكامل بالدولة الفلسطينية

تصارع السلطة الفلسطينية على جبهة الدول الأوروبية منذ فترة طويلة، وبشكل استثنائي، في محاولة لجلب الاعتراف الأوروبي الكامل بالدولة الفلسطينية، وهو اعتراف يدرك الفلسطينيون أنه من شأنه تغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل التي أبدت غضبها أكثر من مرة من الاتحاد الأوروبي ومن مواقفه تجاه القضية الفلسطينية.
وتتطلع السلطة هذه الأيام إلى اتفاق مع المجموعة الأوروبية في مجلس الأمن على صياغة مشروع قرار، يفترض أن يقدم هذا الشهر للمجلس ويطلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال عامين. ويرى الفلسطينيون أن دعم الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يضغط أكثر فأكثر ويحرج الأميركيين.
وأعطى الأوروبيون إشارات متعددة على دعم هذا التوجه، من خلال الاعتراف السويدي الرسمي بالدولة الفلسطينية، وتصويت البرلمانين الإسباني والبريطاني والآيرلندي بشكل رمزي على الاعتراف بالدولة.
وفي هذا الصدد قال إيهاب بسيسو، الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي متكاملة، اقتصادية وسياسية واستراتيجية لا يمكن التهاون في أهميتها، وأضاف أن مكانة وأهمية الاتحاد الأوروبي «تأتي لنا من عدة عوامل، أولها العامل الجغرافي، حيث نشترك مع دول الاتحاد الأوروبي في حوض المتوسط، وفي علاقة الجوار التي لها تفسيرات كثيرة اقتصادية وسياسية وأمنية، وثانيا العامل الاقتصادي وهو عامل مادي وسياسي، فهناك دائما نظرة وخطط لدى الحكومة لتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول الاتحاد من خلال التجارة والصناعة، وهناك العامل السياسي، ذلك أن للاتحاد دورا مهما على هذا المستوى ومواقف مؤثرة متعلقة بمواضيع الحدود والمستوطنات والقدس وقضايا أخرى.. نحن ندرك أهمية الاتحاد وبعض الدول فيه التي لها تأثيرها في السياسات الدولية».
وشدد بسيسو على أن الحكومة الفلسطينية تتطلع إلى علاقة أوسع مع دول الاتحاد، وإلى مزيد من الدعم السياسي للحقوق الفلسطينية المتمثلة بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 مع عاصمتها القدس.
ويقول بسيسو بأن الاعترافات الحقيقية والتأسيسية التي جاءت من دول الاتحاد، تمثل مفصلا مهما في العلاقة، ويعزز حضور فلسطين من الناحية القانونية والسياسية في المنظمات الدولية. وقال بهذا الشأن «العمل دؤوب ومتواصل لكسب المزيد من الاعترافات لجهة تثبيت فلسطين في المنظمات الدولية وإقامة دولتنا الكاملة».
وخلال الشهرين الماضيين حظيت السلطة بدعم كبير من دول الاتحاد على صعيد الانضمام إلى منظمات دولية ولمشروع قرار مجلس الأمن. وكان رياض منصور، ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة، قد أبلغ «الشرق الأوسط» أنه يجري نقاش مع المجموعة الأوروبية التي تملك 4 أصوات من أصل 15 لدعم القرار الفلسطيني، وكشف منصور أن المجموعة الأوروبية وافقت على أن يكون هناك مشروع يقدم لمجلس الأمن.
وكانت السويد قد اعترفت بالدولة الفلسطينية، كما أوصى البرلمان الإسباني بمذكرة تقدم للحكومة الإسبانية للاعتراف بدولة فلسطين، حيث طالب المشرعون الإسبان حكومتهم للاعتراف بفلسطين كدولة، لكن فقط عندما يتوصل الفلسطينيون والإسرائيليون لحل من خلال التفاوض لصراعهم المستمر منذ عقود. وحصل القرار الرمزي الذي يحاكي إجراءات الشهر الماضي في بريطانيا وآيرلندا على دعم جميع الجماعات السياسية في المجلس. وبهذا الخصوص قال رياض المالكي، وزير الخارجية الفلسطيني، إن «هذه الاعترافات تشكل موقفا تاريخيا متقدما تسجله المملكة الإسبانية الصديقة في مسيرة علاقات الصداقة الثنائية مع الشعب الفلسطيني».
ويتوقع الفلسطينيون فعلا الحصول على اعترافات إضافية، حيث أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بأن السلطة تنتظر الآن اعترافات مماثلة من البرتغال، وبلجيكا، وإسبانيا وفرنسا. وقال: إن «هذه الخطوات تأتي في سياق المبادرات التاريخية التي سوف تشكل منعطفا إيجابيا هاما في مسار القضية الفلسطينية».
لكن الفلسطينيين لا يتطلعون فقط إلى اعترافات أوروبية ودعم في مجلس الأمن فحسب، إذ طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت الماضي من وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بلعب دور أكبر في العملية السياسية (المفاوضات)، خاصة بعد أن شددت أمام عباس على التزام الاتحاد الأوروبي بدعم حكومة الوفاق الوطني ماليا وسياسيا، إضافة إلى إعادة إعمار قطاع غزة. كما جددت الموقف المعروف للاتحاد الرافض للاستيطان الإسرائيلي.
ويرى مراقبون أن هذه المواقف هي التي سببت توترا كبيرا بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهو توتر قائم ومتزايد. وقد هاجم المسؤولون الإسرائيليون في أكثر من مرة الاتحاد الأوروبي لدرجة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصف الأوروبيين بالمنافقين إثر الاحتجاج الشديد على خطط استيطانية إسرائيلية، وبسبب مواقف أخرى متعلقة بدعم صمود الفلسطينيين في القدس، وفي المناطق المعروفة «ج» التي تسيطر عليها إسرائيل وتطالب السلطة الفلسطينية باستعادتها.
وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية أخذ الاتحاد الأوروبي مواقف متقدمة ضارة بإسرائيل، أهمها القرار الذي أخذته مفوضية الاتحاد الأوروبي في يوليو (تموز) من العام الماضي، عندما حظرت على وكالاتها وعلى الصناديق التابعة للاتحاد منح هبات أو قروض لمؤسسات إسرائيلية تعليمية على صلة بالنشاطات الاستيطانية، وحظرت مشاركتها في اتفاقية التعاون العلمي «هورزون 2020»، إضافة إلى قيام بعض الدول بدمغ منتجات المستوطنات بعلامات فارقة، ومقاطعة أخرى لها ضمن حرب مقاطعة كبدت تل أبيب خسائر بين 5 و8 مليارات دولار سنويا.
وفوق ذلك يعد الاتحاد الأوروبي داعما رئيسيا ومستمرا لخزينة السلطة الفلسطينية. حيث أكد بسيسو أن الاتحاد هو الداعم الجمعي الأكبر لخزينة السلطة، حيث يقدم للسلطة أكثر من 300 مليون يورو سنويا بشكل ثابت مع هبات أخرى متعددة لدفع رواتب وإقامة مشاريع. وفي هذا الشأن صرح بسيسو بأن «الأمر لا يتوقف على الدعم المالي، إنه دعم سياسي واقتصادي ولصمود الناس كذلك».
وأمس فقط تعهدت الحكومة الألمانية بدعم فلسطين بمبلغ 72.55 مليون يورو مقدمة من الحكومة الألمانية للأعوام 2014 - 2015 لدعم الكثير من القطاعات الحيوية وهو دعم تقدمه معظم دول الاتحاد لفلسطين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم