إسرائيل: «كورونا» واغتيال سليماني أحدثا تغييراً أساسياً في الشرق الأوسط

القيادات العسكرية تراجع سياستها الاستراتيجية بسلم أولويات جديد

جدارية في بيروت ضد الحكومة في ظل تداعيات اقتصادية وسياسية ضربت لبنان مؤخرا (إب)
جدارية في بيروت ضد الحكومة في ظل تداعيات اقتصادية وسياسية ضربت لبنان مؤخرا (إب)
TT

إسرائيل: «كورونا» واغتيال سليماني أحدثا تغييراً أساسياً في الشرق الأوسط

جدارية في بيروت ضد الحكومة في ظل تداعيات اقتصادية وسياسية ضربت لبنان مؤخرا (إب)
جدارية في بيروت ضد الحكومة في ظل تداعيات اقتصادية وسياسية ضربت لبنان مؤخرا (إب)

في ظل تصاعد الغارات على النشاط الإيراني في سوريا، بدأت هيئة رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي الموسعة، بقيادة رئيس الأركان، أفيف كوخافي، الاثنين، مداولات استثنائية تراجع فيها سياستها الاستراتيجية. وقد ركزت أبحاثها حول التغيرات الأساسية التي حصلت في دول الشرق الأوسط، في أعقاب انتشار وباء «كورونا» واغتيال رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.
وقالت مصادر مطلعة إن الجيش الإسرائيلي يعتقد بأن «كورونا» من جهة واغتيال سليماني من جهة ثانية، أحدثا تغييرات جوهرية في المنطقة. وهذه التغييرات تستدعي إحداث تغييرات في الخطط الاستراتيجية التي وضعها كوخافي في بداية ولايته، مطلع العام الماضي. وعليه، فقد تمت دعوة هيئة الأركان العامة بمشاركة جميع الضباط برتبتي لواء وعميد وعدد من الخبراء المدنيين والاستراتيجيين، لمناقشة هذه الأوضاع وتأثيراتها وكيفية مجابهتها. وستستمر هذه المداولات يومين. وفي الأسبوع المقبل، سيقدم كوخافي، تلخيصاً لهذه المداولات يطرح فيه «عدداً من التعديلات الضرورية لخططه الاستراتيجية، بما في ذلك تغيير أنظمة القتال في الجبهات المختلفة، ووضع سلم أولويات جديد بكل ما يتعلق بالمبادرات في المجالات الرقمية والتدريبات والبنية التحتية».
ومع أن مقربين من الجيش اعتبروا هذه الأبحاث خطوة أولى في المعركة التي يتوقع الجيش أن يضطر إلى خوضها حول ميزانيته، في ضوء نية الحكومة القادمة تقليص بنسبة غير مسبوقة بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم من جراء «كورونا»، إلا أن مصدراً في الجيش قال إن «كل جيوش العالم تواجه أوضاعاً اقتصادية صعبة بسبب التباطؤ الاقتصادي على وتيرة النمو والاستثمار بالأمن، ولكن الوضع في إسرائيل يتعدى مسألة التأثير الاقتصادي. فهناك تحديات جديدة فرضت عليه تتعلق بالأوضاع الأمنية في المنطقة، بعد (كورونا) واغتيال سليماني وتأثيراتهما».
وأضاف المصدر أن «قيادة الجيش وضعت أمام المشاركين في المداولات، تقارير استخبارية حول ما يحدث في الدول العربية في المنطقة، كل دولة على حدة والتحالفات الثنائية أو الجماعية فيها، وحول أحوال المنظمات المسلحة ونشاطاتها وما حصل عليها من تطورات وأزمات، وكذلك الإجراءات التي تؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على أمن إسرائيل، وبينها الوجود الروسي والإيراني في سوريا والتغيّرات السياسية، في الأردن، وتركيا، وقبرص واليونان».
وكشف موقع «واللا» الإخباري، الاثنين، أن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، طرحت على المشاركين تقريراً حول انتشار فيروس كورونا، خاصة في إيران وسوريا ولبنان، تعرب فيه عن تقديراتها بأنه «سيكون لهذه الأزمة تأثير مباشر على تمويل وتسلح التنظيمات الإرهابية في إيران والعراق وسوريا ولبنان وقطاع غزة»، وقالت إنها تلاحظ وجود رغبة في الدول الغربية والعربية لزيادة المساهمة في استقرار المنطقة بواسطة تمويل مشاريع في غزة والضفة الغربية وإعادة إعمار سوريا.
ونقل الموقع عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع، قوله، إن «دولة مثل إيران، التي يستند 70 في المائة من اقتصادها على تصدير النفط والغاز، تلقت ضربة اقتصادية كبيرة إثر انخفاض سعر البرميل إلى 18 دولاراً، ولم يعد بمقدورها إبقاء حجم التمويل لحزب الله والعمليات الإرهابية في سوريا والعراق ومناطق أخرى»، وإن «الأضرار التي سببتها الأزمة تؤثر حتى على البرنامج النووي الإيراني». وأضاف: «المجال الذي نرى فيه إيران لا تتراجع، هو الاستقرار في سوريا ومواصلة نقل الأسلحة. وهنا، نرى إسرائيل ترد بكثافة متصاعدة بهدف القضاء على الوجود الإيراني في سوريا. فلا يعقل السماح لها وهي بهذا الضعف أن تحقق أهدافها، خصوصاً أن إسرائيل ترى في هذا الوجود مساساً بأمنها».
وأضاف المسؤول، نفسه، أن «الوضع في لبنان يفتقر للاستقرار أيضاً. وكان لبنان قد توقف عن سداد الديون قبل (كورونا)، والوضع ازداد سوءاً الآن»، لكنه أشار إلى أنه «ليس واضحاً ما إذا كان هذا التدهور سيعزز قوة حزب الله أو يضعفها، يقرب من مواجهة أو يبعدها. كذلك توجد تغيرات كبيرة في قطاع غزة، وتجري الأمور في ظل ضغوط كبيرة جداً».


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».