تنكيل بتجار إب وإجبارهم على أداء قَسَم أمام مسؤول الزكاة الحوثي

TT

تنكيل بتجار إب وإجبارهم على أداء قَسَم أمام مسؤول الزكاة الحوثي

بعد تدخل الغرفة التجارية والمجلس المحلي في محافظة إب أطلق سراح كبار تجار المدينة من سجن هيئة الزكاة التي شكلها الحوثيون، إذ جرى اعتقالهم لرفضهم أوامر من مديرها الجديد برفع مقدار الزكاة السنوية بأكثر من ألف في المائة.
ومع الأسبوع الأول لشهر رمضان أطلق ماجد التينة الذي عينه الحوثيون مديراً لمكتب الواجبات في إب عناصره في شوارع المدينة للتنكيل بالتجار، وحين رفضوا الالتزام بالزيادة التي فرضها عليهم لم يتورع الرجل المحمي بمدير الأمن عن أخذهم بالقوة وإيداعهم السجن الخاص بهيئة الزكاة التي شكلها الحوثيون لتمويل أنشطتهم.
سكان المدينة الذين استغربوا حملة التنكيل التي نفذها المدير المطرود من محافظة ذمار على خلفية اعتدائه على قاضي محكمة الأموال العامة الذي استدعاه للرد على شكوى من أحد التجار بسبب مضاعفة مبالغ الزكاة عليه، قالوا إن الرجل أودع كبار التجار في السجن وأبلغهم بأنهم لن يغادروه إلا بعد التوقيع على الإقرارات الجديدة بشأن مبالغ الزكاة وتوعدهم بعقاب شديد استناداً إلى العلاقة التي تجمعه مع مدير أمن المحافظة أبو محمد الطاووس، حيث عملا معاً قبل ذلك في محافظة ذمار. وتظهر وثيقة صادرة عن نيابة ذمار أن الرجل استدعي للتحقيق معه بواقعة الاعتداء على رئيس محكمة شرق ذمار القاضي عبد الله اللطيف الموشكي نهاية العام الماضي إلا أن الحوثيين نقلوه وجرى تعيينه في محافظة إب، وعقب انتشار خبر اعتقال التجار واللغة غير المهذبة التي استخدمها المسؤول الحوثي معهم طلبت الغرفة التجارية لقاءً عاجلاً مع المحافظ عبد الواحد صلاح لوضع حد لممارسات مدير هيئة الزكاة.
الاجتماع الذي انتهى فجر الأحد أقر توقيف إرسال العساكر صوب التجار في الوقت الراهن، وأن هؤلاء ملزمون بأداء القسم عن الزكاة المقررة عليهم، وأن يكون «كتاب الله واليمين حكمين بينهم وبين سلطة الزكاة الحوثية» على أن تتولى الغرفة التجارية رفع قائمة بالتجار والمكلفين ومقدار الزكاة عليهم، وأن يذهب كل تاجر إلى هيئة الزكاة ليدفع ما عليه «ويحلف اليمين أمام المسؤول الحوثي».
الاتفاق ألزم التجار ممن لديهم فقراء يساعدونهم إرفاق قائمة بأسماء هؤلاء المحتاجين وتسليمها لهيئة الزكاة «التي ستتولى التأكد منهم وتصرف لهم مساعدات من نصف الزكاة التي دفعها التاجر»، على أن أهم ما خرج به اللقاء الطارئ هو أن تلتزم هيئة زكاة الحوثيين بالتعامل باحترام مع المكلفين.
وفي ظل حكم الحوثيين قال سكان إن السجون الخاصة بالزعامات القبلية عادت للعمل من جديد في مديريات العدين الواقعة غرب المحافظة بعد سنوات على إغلاق هذه السجون، حيث استحدث قيادي حوثي في مديرية مذيخرة سجناً خاصاً وفرض إتاوات مالية على السكان بعد سطوة على مبنى إدارة مشروع حكومي وحوله إلى سجن خاص.
الشكوى التي رفعت من سكان منطقة «الأفيوش» أوردت جملة من الانتهاكات التي يتعرضون لها على يد المشرف الحوثي عبد الرحمن الوهابي الملقب باسم «أبو وهبان»، التي طالت الحقوق الخاصة والعامة. وتقول الشكوى إن الرجل استولى على مبنى إدارة مشروع مياه في المنطقة، بقوة السلاح، مع مجاميع مسلحة، وحوله إلى سجن خاص. كما يتهم باقتحام منزل عبد الفتاح الرفاعي، وإيداعه السجن ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد دفع مقابل مالي.
القيادي الحوثي لم يكتف بتنصيب نفسه حاكما مطلقا للمنطقة بل قام باستحداث نقطة تفتيش تستهدف المسافرين عبر الطريق العام ما بين مركز المحافظة والمديريات المجاورة وباتجاه محافظة الحديدة وتعز، حيث تخضع سياراتهم لتفتيش ويتم استجوابهم لمعرفة وجهتهم ومن أين أتوا بهدف إرغامهم على دفع إتاوات إذا ما أرادوا تجنب كل تلك التعقيدات.
وعرفت مديريات العدين الأربع انتشار السجون الخاصة والإقطاع الزراعي منذ عهد الأئمة قبل إسقاطه، إلا أن حملة نفذتها السلطات في مطلع الألفية أدت إلى إغلاق معظم تلك السجون التي يملكها ويديرها زعماء محليون يمتلكون معظم الأراضي الزراعية، ولكن هذه الظاهرة عادت مع سيطرة الحوثيين على المحافظة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.