البرلمان العراقي ينهي استعداداته للتصويت على الحكومة

تضارب حول موعد جلسة منح الثقة... وائتلافا المالكي وعلاوي يقاطعان

TT

البرلمان العراقي ينهي استعداداته للتصويت على الحكومة

يصل إلى بغداد اليوم النواب العراقيون العالقون في بعض المحافظات وإقليم كردستان بسبب جائحة «كورونا» استعداداً لعقد الجلسة المقررة للتصويت على حكومة مصطفى الكاظمي. مخاوف النواب لا تنحصر فيما إذا كانت الحكومة ستمر كاملة أم منقوصة كسابقاتها بل في كيفية تفادي الاختلاط بينهم في ظل تعليمات التباعد الاجتماعي.
النائب الثاني لرئيس البرلمان بشير حداد، حسم الأمر قائلاً إن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وجّه بتخصيص طائرة خاصة لنقل النواب العالقين تمهيداً لعقد الجلسة. وحسب النائب عن حركة «إرادة» حسين عرب، فإن الجلسة المقررة لنيل الثقة ستُعقد إما اليوم بعد الإفطار وإما غداً، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن مكان انعقاد الجلسة سيكون في قاعة المؤتمرات داخل البرلمان «وذلك لكبر حجمها وستكون هنالك مسافة بين كل نائب وآخر للوقاية الصحية».
بدوره أعلن حداد أن الكاظمي «أرسل المنهاج الحكومي، ونتوقع أن يرسل أسماء الكابينة الوزارية خلال الأيام المقبلة، وبعد وصول الأسماء سوف يحدد موعد عقد الجلسة الخاصة بمنح الثقة».
التضارب في موعد عقد الجلسة بين النائب الثاني لرئيس البرلمان بشير حداد، الذي لم يحدد يوماً محدداً، والنائب عرب الذي حدد اليوم أو غداً موعداً للجلسة يعكس جو الاضطراب والقلق السياسي في ظل عدم حسم الخلافات حول العديد من الوزارات، الأمر الذي يثير شكوكاً حول إمكانية تحقيق النصاب.
ومع أن ردود الفعل البرلمانية والسياسية تميل إلى الاطمئنان إلى أن الحكومة ستُمرَّر وأن الخلاف المستمر على بعض الوزارات يمكن تسويته في اللحظات الأخيرة، فإن الجدل حول الكاظمي ومنهاجه تم حسمه هو الآخر، ما مهّد الطريق أمام إمكانية نيل الحكومة الثقة بالاتفاق على تمرير 17 وزارة مع بقاء 5 أخريات إلى ما بعد نيل الثقة.
وفيما بدا النائب عرب مطمئناً إلى تمرير الحكومة مع «استمرار بعض الإشكالات لا سيما بعض الوزارات سواء لجهة كونها من حصة هذا الطرف أو ذاك أو الاعتراض على الشخصيات المرشحة لها»، فإنه يرجّح «حسم هذه الخلافات لأنها لم تعد جوهرية تماماً».
السياسي العراقي والنائب السابق حيدر الملا لا يبدو أقل تفاؤلاً من زميله عرب قائلاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الكاظمي سيمر مع وجود خلافات هنا وهناك لكنها في النهاية لن تشكل عائقاً أمام التصويت داخل قبة البرلمان مهما كانت الاعتراضات التي لم تعد أساسية بقدر ما تدخل في باب التفاصيل». ويضيف الملا أن «المهم في الأمر أن القوى الرئيسية اتفقت على تمرير الكاظمي وبالتالي لم تعد هناك صعوبات أساسية في طريقه يمكن أن تعرقل عملية التصويت».
مع كل هذا التفاؤل الذي أبداه عرب والملا فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي أعلن رفضه المشاركة في الحكومة أو التصويت لها، كما لم يعلن ما إذا كان سيذهب إلى المعارضة أم لا. وقال الائتلاف في بيان إنه «بذل جهوداً كبيرة مع باقي الكتل السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، من أجل التصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه العراق في المجالات الاقتصادية والأمنية والصحية». وأضاف أن «مسار تشكيل الحكومة بدأ يأخذ منحى مغايراً لما تم الاتفاق عليه، الأمر الذي دعانا إلى أن نبذل جهوداً إضافية من أجل تصحيح الخيارات وتسمية مرشحين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والقدرات القيادية من الطاقات المخلصة في المجتمع العراقي». وأوضح أنه «وعلى هذا الأساس يعلن ائتلاف دولة القانون أنه لم يشارك في تشكيل هذه الحكومة ولن يصوّت لصالحها في مجلس النواب، ويترك الخيار لباقي أعضاء المجلس لاتخاذ القرار المناسب بشأنها».
كما أعلن ائتلاف «الوطنية» بزعامة إياد علاوي، مقاطعة جلسة البرلمان المرتقبة، وقال في بيان: «لطالما أكد ائتلاف الوطنية ضرورة مراعاة المطالب الوطنية التي خرجت بها ساحات التظاهر وأن يكون
هناك تمثيل للمتظاهرين والنقابات والاتحادات المهنية، ولقد عملنا طيلة الفترة الماضية على تحقيق ذلك سواء من خلال حواراتنا مع المكلف أو مع القوى السياسية المختلفة». وأضاف: «إلا أننا مع الأسف لم نلمس أي بوادر إيجابية بالإضافة إلى أن آلية اختيار الوزراء كانت مبهمة وغير معلومة فضلاً عن تجاوز المطالب الشعبية في إحالة قتلة العراقيين وحماتهم إلى محاكم علنية خاصة». وقال: «من هذا المنطلق نعلن أننا لن نمنح الثقة لهذه الحكومة بل وسنقاطع الجلسة النيابية المقررة وسنكون معارضين سلميين مع كل الوطنيين العراقيين في حال تمريرها».
إلى ذلك، قال القيادي في تحالف القوى العراقية وعضو البرلمان عن محافظة الأنبار، محمد الكربولي، لـ«الشرق الأوسط» إن «المباحثات مع الكاظمي لم تُحسم بعد سواء بشأن الوزارات المخصصة للعرب السُّنة وعددها 6 وزارات أو طريقة ترشيح الوزراء». وأضاف الكربولي أن «تحالفنا لن يدخل جلسة التصويت ما لم نوافق مسبقاً على الوزراء الذين اختارهم الكاظمي»، مبيناً أن «التخويل الذي مُنح له ليس مفتوحاً». وأضاف: «مع احترامنا لبعض الشخصيات وتاريخها لكن لا ينبغي منحها وزارات من حصة المكون السني وهذا ما درجت عليه العملية السياسية والسيد الكاظمي يعرف ذلك جيداً». وكان الكاظمي قد رشح اللاعب الدولي المشهور عدنان درجال لمنصب وزير الشباب والرياضة الذي هو من حصة المكون السني. في سياق ذلك، أكد السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «شرط استقلالية الحكومة بدعة ساذجة في قاموس التخبيص السياسي في العراق أو هو إحدى أدوات جلد الذات من قِبل الفاشلين دون الإعلان عن فشلهم وتراجعهم وبذلك يكون إحدى أدوات النصب والاحتيال للاستيلاء على السلطة من جديد». وأضاف الشابندر: «أرى أن أحوج ما نكون إليه الآن هو ألا نهزأ بعقولنا ونحتال على الناس إلى حد الإسفاف ونعي أن حقيقة استقلالية الوزير في الحكومة لا تنحصر في ألا يكون حزبياً أو سياسياً بل تتعدى ذلك إلى ألا يكون مرشحاً من حزب أو جهة سياسية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.