السعودية: خيارات مفتوحة تقلص النفقات الحكومية لمواجهة جائحة «كورونا»

اقتصاديون ل«الشرق الأوسط» : الظروف الراهنة تحفّز على تسريع برنامج إدخار وطني للمستقبل

السعودية تدفع لمزيد من مجابهة تداعيات «كورونا» بالتوجه نحو تقليص نفقات مالية الدولة (الشرق الأوسط)
السعودية تدفع لمزيد من مجابهة تداعيات «كورونا» بالتوجه نحو تقليص نفقات مالية الدولة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: خيارات مفتوحة تقلص النفقات الحكومية لمواجهة جائحة «كورونا»

السعودية تدفع لمزيد من مجابهة تداعيات «كورونا» بالتوجه نحو تقليص نفقات مالية الدولة (الشرق الأوسط)
السعودية تدفع لمزيد من مجابهة تداعيات «كورونا» بالتوجه نحو تقليص نفقات مالية الدولة (الشرق الأوسط)

تتهيأ وزارة المالية السعودية حاليا للرفع بقائمة خيارات تضم البنود والمخصصات التي ينتظر أن تشهد تخفيضا في إطار التوجه المعلن ليلة أول من أمس، بضرورة تقليص المصروفات المالية في البلاد في ظل التداعيات السلبية التي ألقتها جائحة فيروس «كورونا» المستجد على اقتصاد المملكة.
وقال خبراء لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية مع التوجه نحو هذا المسار مع تداعيات الفيروس العنيفة على الاقتصاد العالمي، مما يعزز فكرة دعم تسريع التوجه الجديد للدولة نحو بناء برنامج ادخار وطني للمستقبل وتقوية صندوق الاستثمارات العامة، ليكون مصدرا لدخل مستدام من العملات الأجنبية الرئيسية يقلل الاعتماد على إيرادات النفط.
وأكد وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف محمد الجدعان، خلال تصريحات فضائية لقناة «العربية» ليلة أول من أمس حول الإجراءات الاحترازية المالية لجائحة فيروس «كورونا» أنه «مع بداية هذا العام ووقوع جائحة (كورونا) على مستوى العالم وأثرها الاقتصادي والصحي اتخذت المملكة إجراءات حازمة وسريعة جدا للحفاظ على سلامة الإنسان، وتوفير الموارد للقطاع الصحي». وأشار إلى سعي الحكومة على مدى السنوات الماضية لإجراءات كبيرة جدا لضبط المالية العامة لتخفيض العجز، لافتا إلى أن المشوار لا يزال طويلا، والعمل على تقليص النفقات وإن كانت بعض الإجراءات مؤلمة لكنها لمصلحة الجميع، داعيا لأهمية تضافر جهود المواطنين والقطاع الخاص والحكومة لمواجهة هذه الأزمة.

إيرادات الميزانية
أوضح الجدعان أن الربع الأول ونتائجه لم يظهر فيها الأثر الجلي للجائحة، حيث الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة وما نتج عنها من آثار كبيرة جدا على الاقتصاد والمالية العامة، مبينا أنه في الغالب ستظهر نتائجها على الربع الثاني والثالث والرابع من العام، مشيراً إلى أن المملكة ملتزمة بأن يكون لديها ما يكفي من القوة المالية لمواجهة هذه الأزمة حتى لو طالت.
وزاد «اتخذنا مجموعة من الإجراءات في الناحية الصحية وكذلك الناحية المالية من حيث تقليص النفقات، وننظر حالياً في ما يمكن عمله للحد من مستوى العجز»، مشيرا إلى أن الإيرادات انخفضت بشكل كبير جدا بيد أنه في الغالب - بحسب الجدعان - سيظهر أثرها في الأرباع القادمة.

أسعار النفط
ولم يخف الجدعان تأثيرات النفط، إذ قال: «لقد بدأنا هذا العام بأسعار النفط تتخطى 60 دولارا للبرميل، ونشاهد هذه الأيام أرقام بحدود 20 (دولارا للبرميل)، وهذا الانخفاض الكبير يؤدي إلى انخفاض الإيرادات في أكثر من النصف، كما أن الإجراءات الاحترازية عززت خفض وتيرة النشاط الاقتصادي بشكل كبير، وبالتالي خفضت الإيرادات غير النفطية».
وأوضح أن وزارة المالية تتعامل مع الموقف بحصافة وكفاءة حكومية من خلال النظر لمجموعة كبيرة جدا من الخيارات التي أمامها للتعامل مع الجائحة، مبينا أن المملكة شكلت مجموعة من الفرق لمواجهة جائحة «كورونا» سواء في الجانب الصحي أو الاقتصادي، واتخذت مجموعة من الإجراءات لدعم الاقتصاد، بهدف المحافظة على وظائف المواطنين في القطاع الخاص، والمحافظة على استمرار الخدمات الأساسية، وكذلك المحافظة على توفير الموارد المالية وغيرها من الموارد للقطاع الصحي.

مدى الأزمة
توقع وزير المالية السعودي أن يستمر الانخفاض على مدى هذا العام والعام المقبل، مع عدم وجود منظور واضح لمدى تداعيات الفيروس، مشيراً إلى أن المملكة يجب أن تكون مستعدة من الناحية الاقتصادية لمواجهة هذه الجائحة وآثارها الشديدة والمؤلمة جداً على الناس وعلى القطاع الخاص.
وأورد الجدعان في حديثه التالي: «يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات مختلفة عما تم سابقا، حيث إنه يجب الحد من النفقات وإعادة توجيه جزء منها لتوفير الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين، ومواجهة آثار الصدمة الكبيرة جداً في الإيرادات».
وأضاف أن الحكومة قررت خفض بعض الإنفاق ولكن حتى الآن لا يكفي - على حد وصفه -، موضحا أن الدولة قررت الاستدانة بأكثر مما هو مخطط له (120 مليار ريال)، بزيادة 100 مليار ريال إضافية، مشيراً إلى أن هذا أيضاً لا يكفي لسد العجز.

قائمة النفقات
وأبان الجدعان أنه من المهم جداً النظر إلى قائمة النفقات في الميزانية والاختيار منها الأقل ضررا والأكثر أثرا لصالح الاقتصاد والمواطنين والخدمات الأساسية التي تقدمها، مفيدا بأن الحكومة ستنظر إلى التخفيف من المصروفات من المشاريع سواء الكبرى أو بعض برامج تحقيق الرؤية، كما سيتم تخفيض الإنفاق على مشاريع السفر والانتدابات، بالإضافة إلى النظر في بنود أخرى ما دام أنها لا تمس الخدمات الأساسية للمواطنين، مؤكداً أن جميع الخيارات مفتوحة حالياً وتدرس الحكومة آثار هذه الخيارات.
وقال وزير المالية في تصريحاته إن «المملكة يجب أن تتخذ إجراءات صارمة وشديدة جداً، وقد تكون مؤلمة، ولكنها ضرورية للاستدامة المالية العامة، حيث إن الإيرادات انخفضت بشكل كبير جداً، كما أن الاقتصاديين وحتى علماء الصحة والأوبئة حتى الآن لا يستطيعون التنبؤ بشكل واضح لمدة هذه الجائحة وآثارها الاقتصادية الشديدة جداً التي نشهدها، وبالتالي يجب أن نكون جاهزين لمواجهة استمرار هذه الأزمة».
وأضاف «عندنا القدرة المالية بالحدود الممكنة لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وبالتالي يجب أن نخفض وبشدة من مصروفات الميزانية، وننظر في خيارات كبيرة جداً وواسعة سواء فيما يتعلق بالمشروعات وغير المشروعات والمصاريف الأخرى».

الاستثمارات الخارجية
وفيما يتعلق بالاستثمارات السعودية في الخارج، شدد الجدعان أن الحكومة تدير المالية العامة بشكل حصيف وكفء، ولديها احتياطات يتم استخدامها لتغطية عجز الميزانية إذ تم الاستفادة من تريليون ريال خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكدا في الوقت ذاته استخدام الحكومة جزءا من إيرادات الاستثمارات السعودية الخارجية.
وقال: «الاستثمارات مهمة جداً لأن لديها عوائد نستطيع أن نستخدمها في حال الأزمات لسد العجز، وإذا استخدمنا الاحتياطات فسوف نستهلك هذه الأصول، ولن يعد لدينا عوائد، ومثل هذه الأزمات تخلق فرصا للاستثمار، حيث تنخفض قيم كثير من الشركات والاستثمارات، وبالتالي قد تشكل فرصا يمكن الاستثمار فيها وتحقيق عوائد تغطي العجز في الميزانية على السنوات القادمة».

التأكيدات الثلاثة
وفي ظل التوجه نحو تخفيض الإنفاق الحكومي وسد فجوة العجز، أشار الدكتور خالد السويلم الخبير السعودي غير مقيم بجامعتي هارفارد وستانفورد، إلى سياسات الناجحة للمملكة الذي لم تأت دون الإنفاق السخي على رفع جاهزية وتمكين القطاع الصحي في مواجهة الجائحة بالكفاءة المطلوبة، موضحا أن المملكة نجحت في هذا المضمار بشكل واضح لا يقل عن أفضل ما قامت به دول متقدمة في العالم.
وبحسب السويلم، تمثلت الكفاءة العالية التي قام بها كل من وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي والجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة في تنفيذ برامج دعم القطاع الخاص للحد من الآثار المالية والاقتصادية الناتجة عن وباء «كورونا»، مشيرا إلى أن نوعية الدعم ودرجة التنسيق في الإجراءات والمرونة في التنفيذ بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في هذه الأزمة لم يحصل مثلها في سابق الأزمات.
واستشهد السويلم وهو كبير المستشارين ومدير عام الاستثمار سابقا بمؤسسة النقد العربي السعودي، بسياسة الدولة من خلال الدعم المالي المباشر من قبل «مؤسسة النقد» لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص والذي لم يكن مقتصرا فقط على مستوى السيولة في القطاع المالي بشكل عام كما كان يحدث في السابق.
ولفت كذلك إلى ما تقوم به وزارة المالية من جهود كبيرة بترتيبها وهيكلها الجديد المتمثل في برامج التحفيز الاقتصادي ومنها صندوق دعم المشاريع الذي يشرف عليه مركز الدين العام، مفيدا بأن تلك الجهود مجتمعة تعتبر عاملاً أساسياً في استمرار النمو الاقتصادي غير النفطي الذي تشكل فيه الشركات الصغيرة والمتوسطة ما لا يقل عن 80 في المائة من حجم القطاع الخاص وصمام أمان للمحافظة على استدامة الإنجازات.
وأشار إلى جزئية بالغة الأهمية ترتبط ارتباطا مباشرا بما سبق، وهو التأكيد على تقوية ودعم وتسريع التوجه الجديد للدولة نحو بناء برنامج ادخار وطني للمستقبل من خلال صندوق الاستثمارات العامة ليكون مصدرا لدخل مستدام للدولة من العملات الأجنبية الرئيسية يقلل بشكل كبير من الاعتماد على إيرادات النفط.

مراقبة الأمد
من جانبه، أكد علي الزهراني وهو محلل اقتصادي سعودي أن تراجع أسعار النفط اتضح بشكل جلي على إيرادات الدولة بما يتجاوز 50 في المائة، مضيفا أن الإشارة من وزير المالية بتقنين المصروفات ومحاولة ضبط العجز والتحول نحو الحد من الإنفاق في ظل هذه الأزمة الجارية يعني التحول نحو الصرف على القطاعات الأساسية والتي توفر الخدمات الأساسية للمواطن والسحب من البنود غير الأساسية.
وزاد أن رفع سقف الدين العام للدولة من أدوات الدين الخارجية والداخلية بما يفوق 100 مليار ريال يعني رفع مستويات الدين العام بالمقارنة بالناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات تفوق 40 في المائة.
مع الأخذ في الاعتبار عدم القدرة حالياً على التنبؤ بكافة الآثار الاقتصادية من تداعيات أزمة الفيروس - بحسب الزهراني- إلا أن هذا سيرفع من حالة عدم اليقين حول المدى الزمني لعودة فتح الاقتصاد وبالتالي المزيد من التأثير على القطاع العام والخاص والذي من المتوقع ارتفاع تأثير هذه المخاطر بشكل أوضح مع إطالة مدى الأزمة.
وأضاف «من المهم مراقبة المؤشرات التنبؤية لانتهاء إغلاق الاقتصاد والتي من أهمها البيانات الصحية حول تراجع الإصابات الجديدة وانخفاض الوفيات».


مقالات ذات صلة

تايلاند تستكشف التعاون مع السعودية في قطاعات الطاقة المتجدّدة والهيدروجين وصناعة السيارات الكهربائية

الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)

تايلاند تستكشف التعاون مع السعودية في قطاعات الطاقة المتجدّدة والهيدروجين وصناعة السيارات الكهربائية

قال وزير الخارجية التايلاندي إنه يمكن للشركات التايلاندية الاستفادة من التعاون مع السعودية، من حيث مركزها الاقتصادي بالشرق الأوسط، لتوسيع أسواقها في المنطقة.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

بحث وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف مع الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» الفرص الاستثمارية في قطاع التعدين بالمملكة.

«الشرق الأوسط» (برازيليا )
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

السعودية: الصادرات غير النفطية تسجل أعلى مستوى منذ عامين

حققت الصادرات السعودية غير النفطية في مايو (أيار) الماضي أعلى مستوى لها في عامين، حيث بلغت 28.89 مليار ريال (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد أحد قطارات نقل الركاب التابعة للخطوط الحديدية السعودية (الموقع الرسمي)

قطارات السعودية تنقل 9 ملايين راكب في الربع الثاني

نقلت قطارات السعودية أكثر من 9.3 مليون راكب في الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة نمو بلغت 13 في المائة مقارنة بالربع المماثل من العام المنصرم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المصانع السعودية الواقعة في المدينة الصناعية بعسير جنوب المملكة (الشرق الأوسط)

المصانع السعودية تتجاوز مستهدفات 2023 نحو التحول ورفع تنافسية منتجاتها

أثبتت المصانع السعودية جديتها في التحول نحو الأتمتة وكفاءة التصنيع، في خطوة تحسن مستوى جودة وتنافسية المنتجات الوطنية وتخفض التكاليف التشغيلية.

بندر مسلم (الرياض)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.