نذر انتفاضة قبلية لاجتثاث الانقلابيين من البيضاء

ياسر أحمد العوايض
ياسر أحمد العوايض
TT

نذر انتفاضة قبلية لاجتثاث الانقلابيين من البيضاء

ياسر أحمد العوايض
ياسر أحمد العوايض

استنفر القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) ياسر أحمد العوايض زعماء القبائل في محافظة البيضاء التي ينتمي إليها من أجل الوقوف في وجه الجماعة الحوثية وطرد مشرفيها من المحافظة، ردا على مقتل امرأة برصاص أحد المشرفين الحوثيين في مديرية الطفة الاثنين الماضي.
وفيما سرد العواضي في سلسلة تغريدات على «تويتر» بعضا من الجرائم الحوثية في البيضاء، كانت مصادر قبلية أفادت بأن مشرفا حوثيا ينتمي إلى محافظة صعدة حيث معقل الجماعة الرئيس يدعى حمود شثان قاد الاثنين الماضي حملة مسلحة على إحدى القرى في منطقة أصبح أدت إلى مقتل امرأة تدعى جهاد الأصبحي.
وذكرت المصادر أن المسلحين الحوثيين كانوا يسعون لاعتقال والد المرأة وزوجها بعد أن داهموا المنزل غير أنهما تمكنا من الإفلات في الوقت الذي حملت فيه المرأة سلاح زوجها وأردت ثلاثة مسلحين قبل أن تسقط برصاص المهاجمين.
وقال العواضي وهو من زعماء القبائل في محافظة البيضاء وينتمي إلى مديرية ردمان إن مشرفي الميليشيات الحوثية المنتمين إلى محافظة صعدة «بغوا وهتكوا الأعراض واغتصبوا الأرض وأهانوا أهلها وهدموا بيوتهم» في مديريات رداع وقيفة والسوادية والبيضاء وذي ناعم والزاهر والصومعة ومكيراس والملاجم وبقية مديريات المحافظة.
وآثر العواضي وهو من القيادات البارزة في حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح (المؤتمر الشعبي) مغادرة صنعاء بعد مقتل صالح على يد الجماعة الحوثية في ديسمبر (كانون الأول) 2017 والاحتماء بقبيلته دون أن ينحاز إلى صف الحكومة الشرعية أو يتبنى موقفا صداميا مع الحوثيين في الوقت نفسه.
ووصف العواضي مقتل جهاد الأصبحي على يد الميليشيات الحوثية في مديرية الطفة أخيرا بأنه «هتك للعرض وجريمة في رابعة النهار يندى لها الجبين ووصمة عار» في جباه قبائل البيضاء، بحسب ما جاء في تغريداته على «تويتر»، مشيرا إلى موقفه غير المنحاز إلى الشرعية أو التحالف الداعم لها، لكنه ذكر الحوثيين بأن ذلك الموقف لا يعني منح الجماعة «شيكا على بياض» بحسب تعبيره.
وأوضح أن قبائل البيضاء منحت الجماعة الحوثية مهلة ثلاثة أيام لسحب مشرفيها من المحافظة ومعاقبة قتلة بنت الأصبحي، مهددا بإعلان المواجهة ضد الجماعة باعتبار ذلك هو الخيار الأخير للاقتصاص للقتيلة.
وهدد القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» الجماعة الحوثية ومشرفيها في البيضاء وقال: «سنقاتلهم مقبلين متمسكين بالله وبالحق معتمدين على الله ثم على أنفسنا، وليس مع أي جهة خارجية» بحسب تعبيره.
ودعا العواضي شيوخ القبائل في البيضاء والرجال والشبان للتضامن والحفاظ على ما وصفه بـ«رابط العرض والأرض» وحضهم على رفع جاهزيتهم القتالية وتجنب الاتصالات المباشرة استعدادا لقرار المواجهة المحتمل.
وفي حين نفى أن يكون لدعوته أي هدف سياسي حذر في الوقت نفسه شيوخ المحافظة من مصير مماثل «لنسائهم وأعراضهم ودمائهم وشرفهم» إذا تهاونوا في الاقتصاص لدم القتيلة جهاد الأصبحي، وقال إنه «إذا لم تقم قيادة الحوثيين بما يلزم شرعا وعرفا فإنه لا يغسل العار إلا الدم» وفق تعبيره.
وأعلن عن تقديم مكافأة مالية قدرها عشرة ملايين ريال يمني (الدولار يساوي حوالي 600 ريال) لمن يقوم بالثأر لدم المرأة من قاتلها المباشر أو من المشرف الحوثي حمود شثان. وحذر العواضي الجماعة الحوثية من أي تحركات غير محسوبة في المحافظة وقال: «أبلغنا الوسطاء بمطالبنا ورفع مشرفي الجماعة من البيضاء وأعطيناهم ثلاثة أيام، وليعلموا أن كل حركة مرصودة وسيتم التعامل معها».
كما حذر رجال القبائل في محافظته من عدم الركون إلى الوسطاء ودعاهم إلى الاستعداد الكامل، مذكرا في الوقت نفسه بغدر الجماعة ومشرفيها، وأكد عدم القبول بخدمة أي طرف سياسي أو التنسيق معها مادام بقي قادة الجماعة في صنعاء وذمار وصعدة على الحياد.
وشدد العواضي على رجال القبائل للاستعداد بالمؤن والزاد «والتعامل الفوري مع أي تحرش أو استحداث» حوثي.
وتعد محافظة البيضاء من المحافظات التي كبدت الميليشيات الحوثية خسائر ضخمة خلال السنوات الماضية، ففي الوقت الذي تشهد جبهاتها الشمالية والشرقية مواجهات مستمرة مع الجماعة، تواصل المقاومة القبلية في كثير من المديريات الخاضعة للجماعة شن الهجمات على الميليشيات من وقت لآخر.
ويؤكد رجال القبائل في المحافظة أن الجماعة الحوثية ارتكبت مئات الجرائم في حق السكان قتلا وتفجيرا للمنازل وتفخيخا للطرقات وهدما للمساجد، فضلا عن الزج بآلاف المواطنين في سجون الجماعة.
ونالت دعوة العواضي للاستنفار القبلي لمواجهة الحوثيين تأييدا كبيرا في الشارع اليمني، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر مطلعة في صنعاء أن قادة الجماعة يسعون بكل السبل إلى احتواء الموقف وعدم التصعيد ضد رجال القبائل، بخاصة أولئك الذين فضلوا حتى الآن عدم الدخول في أي مواجهة مسلحة ضد الوجود الحوثي.
ويعد مجرد الاعتداء على النساء في العرف القبلي في اليمن مثلبة كبيرة قد تشعل مواجهات مسلحة ما لم يتم معالجة مثل هذه الحوادث وفق الأعراف القبلية السائدة.
ويرجح مراقبون يمنيون أنه في حال عدم رضوخ الجماعة الحوثية لمطالب القبائل فإن ذلك سيجعلها عرضة للمواجهة المسلحة التي قد تكون بداية النهاية للوجود الحوثي في محافظة البيضاء.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم