إردوغان «يعالج» مشاكل الداخل في الخارج

إردوغان «يعالج» مشاكل الداخل في الخارج
TT

إردوغان «يعالج» مشاكل الداخل في الخارج

إردوغان «يعالج» مشاكل الداخل في الخارج

كرر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكثر من مرة في الأيام والأسابيع الأخيرة، أن طبيعة التغيير الحاصل في العالم خلال الفترة الأخيرة بسبب انتشار فيروس «كورونا»، تفتح نوافذ جديدة وفرصاً كبيرة أمام تركيا.
وبدا من خلال التحركات التركية وسط الانشغال بتفشّي الوباء في العالم، أن تركيا تسعى لاستغلال هذه الفترة في «تثبيت بعض الحقائق على الأرض» لا سيما فيما يتعلق بتمددها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط. ولم يغب أيضاً الجانب الدعائي عن هذه التحركات من خلال محاولة إردوغان خلق تصور عن تركيا لدى الرأي العام المحلي والعالمي، كأنها دولة كبرى تقدم المساعدات لأوروبا والولايات المتحدة، في محاولة لاستعادة شعبيته التي تأثرت بسبب الانتشار السريع للفيروس في البلاد والضغوط التي يتعرض لها من المعارضة والانتقادات الحادة للتدابير التي طبقتها حكومته والتي لم تنجح في وقف انتشار الفيروس أو في معالجة تداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
تدخلت تركيا في ليبيا لمحاولة تغيير معادلة القوى على الأرض ودعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج في محاولتها للسيطرة على طرابلس. ونفذت تركيا قبل أسبوعين حملة جوية قامت خلالها بنقل كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد العسكري إلى حكومة الوفاق في غرب ليبيا، حسبما كشف عنه موقع «إيتمال رادار» المختص في رصد تحركات الطيران العسكري حول العالم، والذي أشار إلى أن تركيا نفذت في 17 أبريل (نيسان) الماضي واحداً من أكبر التحركات لنقل الأسلحة إلى طرابلس عبر طائرات «سي130» وغيرها من الطائرات، مشيراً إلى أن 12 مقاتلة من طراز «إف16» حلقت في طرابلس، وأيد ذلك ما أعلنته اليونان عن تحركات لمقاتلات «إف16» التركية في منطقة وسط البحر المتوسط واعتراضها لها، وأنه في حالتين على الأقل كادت تقع اشتباكات بين مقاتلاتها والمقاتلات التركية.
ولم تنفِ أنقرة هذه التحركات، وأشارت عبر بيانات مقتضبة لوزارة الدفاع إلى تدريبات جوية وبحرية «تحضيرية» في البحر المتوسط، وذلك بالتزامن مع تقدم فصائل تابعة لحكومة الوفاق في المدن والبلدات الساحلية غرب ليبيا والهجمات في محيط قاعدة الوطية الجوية ومدينة ترهونة، اللذين روج لهما الإعلام التركي بشكل مكثف.
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن نقل المخابرات التركية دفعات جديدة من عناصر الفصائل السورية المسلحة من تل أبيض باتجاه الأراضي التركية، تمهيداً لنقلهم إلى ليبيا، وطلبها من قيادات «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا إعداد قوائم جديدة تضم أسماء المئات من المقاتلين لإرسالهم إلى ليبيا للقتال هناك، الذي بدوره قدم قوائم بأسماء 2200 من عناصر الفصائل التابعة له، وعلى رأسها «أحرار الشرقية» و«جيش الشرقية» و«السلطان مراد» وفصائل أخرى، بينما حاول بعض الفصائل الناي بنفسه عن إرسال مقاتلين كمرتزقة إلى ليبيا، وتم الضغط على فصيل «فيلق الرحمن» وقطع الرواتب والذخائر وتقليص الطعام عنه، حتى يرضخ ويقدم أسماء عناصره التي سترسل إلى ليبيا.
وفي سوريا، كانت وزارة الدفاع التركية أعلنت قبل أسبوعين عن تقليص حركة قواتها في إطار تدابير مكافحة انتشار «كورنا»، رغم ذلك، فإنه لم يتوقف إرسال الآليات العسكرية والجنود الذين بلغ عددهم في منطقة خفض التصعيد في إدلب أكثر من 10 آلاف منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي وحتى الآن، إضافة إلى استحداث العشرات من نقاط المراقبة لتوسيع نطاق الانتشار التركي في كل من حلب وإدلب وحماة واللاذقية، مع استمرار أنشطة التغيير الديموغرافي في تل أبيض ورأس العين في شرق الفرات عن طريق نقل أُسر مقاتلي الفصائل الموالية من حلب إلى شرق الفرات، إضافة إلى نازحين من الغوطة الشرقية.
ولاحظ مراقبون أن تركيا باتت جاهزة لشن حملة عسكرية ربما تتوجه ضد «هيئة تحرير الشام» التي توترت العلاقة معها في الأيام الأخيرة وحدثت اشتباكات بينها وبين القوات التركية للمرة الأولى في شرق إدلب، وذلك بعد أن أوشكت المهلة الممنوحة من روسيا لأنقرة لفتح طريقي حلب - اللاذقية (إم4) وحلب - دمشق (إم5)، على النفاد.
وفي العراق، صعّدت تركيا من ضرباتها في شمال وشمال غربي البلاد على أهداف تقول إنها تابعة لـ«حزب العمال الكردستاني» وسط اعتراضات من الحكومة العراقية وتأييد من حكومة إقليم كردستان.
وقصفت طائرة تركية، في منتصف أبريل الماضي، مخيم مخمور للاجئين الأكراد من تركيا الواقع في محافظة نينوى إلى الغرب من أربيل، والمناطق القريبة من قضاء رانية، في عمق الأراضي العراقية، فضلاً عن العمليات الجوية والبرية المستمرة في دهوك وجبال قنديل وزاخو وحفتانين ومنطقة المثلث الحدودي السوري - العراقي – الإيراني، مع تركيا.
واحتج العراق رسمياً على القصف التركي الذي أسفر عن مقتل 3 لاجئات، بينما أيدته حكومة إقليم كردستان التي بررت الهجوم التركي بتحركات لـ«العمال الكردستاني» في المنطقة، في حين قالت أنقرة إنها كانت تستهدف «تنظيمات إرهابية»، مؤكدة أن العمليات التي تقوم بها في شمال العراق تأتي في إطار حقها المشروع في الدفاع عن النفس الوارد بميثاق الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.