تساؤلات حول أسباب تفويض رئيس الحكومة التونسية صلاحيات لوزير

حديث عن «صفقة سياسية» متفق عليها مسبقاً

TT

تساؤلات حول أسباب تفويض رئيس الحكومة التونسية صلاحيات لوزير

أصدر رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ أمرا يقضي بتفويض عدد من صلاحياته لفائدة محمد عبو، رئيس حزب التيار الديمقراطي ووزير الدولة المكلف الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، وهو ما خلف جدلا سياسيا واسعا حول خفايا وأسباب هذا التفويض، وأعاد الحديث عن إمكانية وجود اتفاق سياسي سابق بين الطرفين، مثلما حصل بين الشيخين راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي سنة 2013. اللذين اتفقا على اقتسام السلطة بينهما.
وبمقتضى هذا الأمر الحكومي النادر من نوعه في تاريخ البلاد، سيتولى محمد عبو، علاوة على مهامه الوزارية، «إعداد وتنفيذ سياسات الحكومة في مجال الإصلاح والتحديث الإداري، والوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، ومراقبة وتقييم ومتابعة النتائج المسجلة في هذا الخصوص».
كما يفرض الأمر الحكومي، الذي أصدره الفخفاخ، على جميع السلط الإدارية مساعدة الوزير عبو في مهامه، ومد مصالحه بالوثائق التي يطلبها، ويمنحه صلاحية تعيين أعوان الهياكل الراجعة إليه بالنظر، والمؤسسة الخاضعة لإشرافه في الخطط الوظيفية، دون الرجوع لرئيس الحكومة.
وقدم هذا الأمر الحكومي قائمة بالهياكل الإدارية الخاضعة للوزير عبو، والتي لا يقل عددها عن 13 إدارة، تعد من أهم الإدارات في البلاد، وفي مقدمتها «الهيئة العامة للوظيفة العمومية»، و«هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية» و«هيئة مراقبي الدولة»، و«الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية»، و«الإدارة العامة للإصلاحات والدراسات المستقبلية الإدارية»، علاوة على إدارة التخطيط، ووحدة متابعة أنظمة الإنتاج في المؤسسات والمنشآت العمومية، ومصالح الحوكمة في القطاع العام.
وفسر عدد من المراقبين هذا التفويض الجزئي للوزير عبو، دون غيره من الوزراء، بأن الفخفاخ لم يكن مرشحا بارزا لرئاسة الحكومة، وكان في الصف الثالث خلال رحلة البحث عن خليفة للحبيب الجملي، المرشح لرئاسة الحكومة الذي فشل في نيل ثقة البرلمان، إذ جاء الفخفاخ في الترتيب وراء حكيم بن حمودة وفاضل عبد الكافي، وكلاهما كان مدعوما بقوة من قبل أحزاب سياسية ذات ثقل انتخابي كبير، على غرار حركة النهضة وحزب «قلب تونس». غير أن الموازين انقلبت في اللحظات الأخيرة لتصب في صالح الفخفاخ، إثر ترشيحه من قبل حزب التيار الديمقراطي، بزعامة محمد عبو، وحركة «تحيا تونس»، بزعامة يوسف الشاهد، و«حركة الشعب» برئاسة زهير المغزاوي.
في سياق ذلك، فسرت جهات حكومية هذا التفويض الحكومي بتركيز الوزير عبو خلال حملته الانتخابية على مكافحة الفساد، وصرامته في هذا المجال، وهو ما مكنه من تسجيل نتائج انتخابية هامة، تمكن بفضلها حزبه التيار الديمقراطي من احتلال المرتبة الثالثة خلف حركة النهضة، وحزب قلب تونس.
وفي هذا الشأن، قال المحلل السياسي جمال العرفاوي لـ«الشرق الأوسط» إن حزب التيار الديمقراطي كان أول الداعمين لترشيح الفخفاخ لمنصب رئيس الحكومة، و«تفويض جزء من مهام الفخفاخ لفائدة عبو، مؤسس حزب التيار الديمقراطي، قد يكون ضمن صفقة سياسية متفق عليها مسبقا، تماما مثل التعيينات الأخيرة التي قررها رئيس الحكومة لفائدة قيادات من حركة النهضة، والتي يبدو أنها من كواليس التفاوض خلال مرحلة تشكيل الحكومة».
وعلى صعيد متصل، اتهمت عدة منظمات حقوقية، من بينها منظمة (أنا يقظ) المستقلة، الوزير عبو بـ«تبييض الفساد» عند تقديمه نتائج المهمة الرقابية المتعلقة بصفقة الكمامات الطبية، التي حامت حولها شبهات فساد، والتي تورط فيها وزير الصناعة ونائب برلماني، وذلك بعد تصريحه بأن الإدارة، ممثلة في وزير الصناعة ونائب الشعب، لم تكن على علم بقانون الصفقات العمومية، وإشارته لوجود مخالفات مشابهة ارتكبها مسؤولون سابقون في الحكومات السابقة.
ورغم ثبوت اختلالات في صفقة الكمامات الطبية، فإن الحكومة لم تتخذ أي إجراء تجاه وزير الصناعة، فيما اكتفت لجنة الصناعة في البرلمان بتعليق عضوية النائب البرلماني المتهم. وأكدت «المنظمة» وجود تضارب وتناقض واضح بين نتائج مهمة الرقابة، التي قامت بها الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية (حكومية)، وما رصدته من تجاوزات ومخالفات بالجملة، وما اقترحته من توصيات لا تتماشى مع فداحة الأخطاء، التي قام بها وزير الصناعة.
وطالبت بنشر تقرير مهمة التدقيق كاملا للعموم، وهو ما يقتضيه الحد الأدنى من الشفافية والحوكمة، حسب تعبيرها. كما أكدت على ضرورة تسمية الأشياء بمسمياتها، وعدم تبييض الفساد والتسامح معه، مهما كان مرتكبه.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.