موسم الصيف السينمائي انتهى قبل أن يبدأ

أفلام بديعة تعيش فوق الرفوف

كريستوفر نولان (لليسار) خلال تصوير «تَنِت»
كريستوفر نولان (لليسار) خلال تصوير «تَنِت»
TT

موسم الصيف السينمائي انتهى قبل أن يبدأ

كريستوفر نولان (لليسار) خلال تصوير «تَنِت»
كريستوفر نولان (لليسار) خلال تصوير «تَنِت»

لولا الوباء القاتل لكنّا الآن في دور السينما نشاهد الفيلم الجديد للمخرج البريطاني كنيث براناه «طيور أتيميس» مع جودي دنش وكولين فارل وفرديا شو. فانتازيا مقتبسة عن كتاب بالعنوان نفسه حول ذلك المجرم الذي يختطف حورية ويعمل على تحويلها إلى مخلوق يحمل روحاً شريرة لكي يرتكب من خلالها كل ما هو مخالف للقانون.
ومع نهايات الشهر؛ كنا سنؤمّ بكثافة كبيرة، على الأرجح، فيلم كريستوفر نولان الجديد «Tenet» الذي يجمع بين التشويق الجاسوسي والدراما في إطار فانتازي آخر. هذا الفيلم من بطولة روبرت باتنسون ومايكل كاين وإليزابث دبيكي و… كينيث براناه!
لكن الوضع القائم حالياً نقل هذين الفيلمين من وضع «الجاهز» لوضع «المؤجل». مع إغلاق صالات السينما حول العالم، ليس هناك أي شيء يمكن لشركات الأفلام في هوليوود أو في سواها فعله أكثر من انتظار نهاية هذا الوضع وتأجيل الأفلام التي كان من المفترض لها أن تتنافس على الإيرادات الكبيرة خلال فترة الصيف القريبة.
- نساء في المعارك
كما نعلم جميعاً، موسم الصيف هو موسم الإنتاجات الكبيرة التي ترصدها تلك الشركات لهذه الفترة تحديداً؛ كونها الفترة التي تحصد أكبر حصة من العائدات حول العالم. هوليوود تقدّر أن خسارتها في الولايات المتحدة والعالم جراء الوضع السائد بسبب الوباء، تزيد على 6 مليارات دولار، وهو ما تتوقعه من خسارة عن العام بأسره.
عدد من أفلام الصيف المتوارية حالياً تمت إعادة برمجته لمواعيد متأخرة من السنة، بما فيها فيلم جيمس بوند الجديد على سبيل المثال. عدد أكبر تم حجزه في الخزائن بانتظار انفراج الأزمة من دون تحديد موعد جديد. تلك التي لم تكلّف كثيراً ذهبت مباشرة إلى سوق ال«ـDVD» ومنها إلى قنوات النسيان.
صيف 2020 الملغى سينمائياً كان يحتوي على عدد كبير من الأعمال المنتظرة بالفعل التي كانت ستنطلق من أواخر شهر مايو (أيار) الجديد إلى الجمهور الحافل. ولو أخذناها من مبدأ مواعيد عروضها فسنجد أن العديد منها ربما خسر الفرصة الكبرى من النجاح بمجرد أن تم تأجيله.
في هذا الشهر مثلاً كان من المفترض أن نتابع الفيلم الذي قامت «ديزني» بإنتاجه بنسختين إنجليزية وصينية. هو إعادة صنع لفيلم أنيميشن بعنوان «Mulan» قامت بتحقيقه نيكي كارو وببطولته الصينية ليو ييفاي. فيلم مغامرات لا تتوقف لامرأة شابة تسعى للانتقام من خاطفي والدها.
البطولة النسائية نجدها كذلك في فيلم من بطولة كاميل كيتون بعنوان «صرخة للرجل السيئ». هنا نجد هذه المرأة تتوجه صوب رجل القانون في البلدة الصغيرة التي تعيش فيها طلباً للعدالة، وحين تكتشف أن رجل القانون ليس أكثر من «شريف» فاسد، تقرر أن تطبق العدالة المفقودة بنفسها.
وفي «إنتريغو: ساماريا» نجد بطلة الفيلم (برجيتا بوننهايم) تسعى لتحقيق فيلم تسجيلي حول صديقة اختفت فجأة ثم تم العثور على جثتها مقتولة. محاولتها تضعها في مواجهة مخاطر كبيرة.
مع نهاية الشهر كنا سنجد أبطالاً من الذكور في مثل هذه الأزمات، وهذا في فيلم «آركنساس». ليام همسوورث يحاول الخروج بنفسه من المأزق الذي وضع نفسه فيه عندما أخذ يعمل لحساب تاجر المخدرات ڤينس ڤون.
قبله بأسبوعين كان من المقرر عرض فيلم شهد مسبقاً صيتاً إيجابياً كبيراً هو «التاريخ الحقيقي لعصابة كَلي» للمخرج جوستين كورزل (حقق قبل عامين فيلماً جيداً بعنوان «ماكبث») ومن بطولة راسل كراو وجورج ماكاي.
- انتظار فرص
إذ نخطو صوب شهر يونيو (حزيران) نجد حفنة من الأفلام الكبيرة؛ من بينها «إذا غرين نايت»، فيلم مبارزات تاريخية مع أليسيا فيكاندر وجوو إدجرتون وديف باتل. هذا الفيلم هو الإنتاج الأعلى الذي أتيح للمخرج الجيد ديفيد لاوري القيام به.
أحد الأفلام الجادة في معالجتها للمادة التشويقية هو «Fatale» لديون تايلور مع هيلاري سوانك لاعبة دور ضابط شرطة تغوي رجلاً متزوّجاً بارتكاب جريمة.
وكان من المفترض ألا ينتهي الشهر إلا بعرض فيلم «أنا انتقام: رد فعل» من بطولة ستو بانِت، وهو بطل جديد في غمرة ممثلي الأكشن.
أكبر أفلام شهر يوليو (تموز) كان «تَنِت» المشار إليه أعلاه. المخرج كريستوفر نولان («دنكرك»، «باتمان رايزينغ») صرف عامين من العمل وأكثر من 200 مليون دولار لإنجاز هذا العمل. شأنه في ذلك شأن المخرجة باتي جنكينز وفيلمها «ووندر وومان: 1984» مع الممثلة غال غادوت في دور المرأة ذات القوّة التي تجابه فيها الأشرار الموزعين حولها. كان الجزء الأول من هذه المغامرة خرج قبل عامين بنجاح لا بأس بحجمه.
أما شهر أغسطس (آب) فكان مقرراً له أن يبدأ بفيلم «الحديقة السرية» عن حكاية فانتازية أمّنت نقلها شركة إنتاج بريطانية مع كولين فيرث وجولي وولترز وأمير ولسون في البطولة.
كما كان مقرراً للشهر ذاته أن ينتهي بفيلم من بطولة رايان رينولدز وسامويل.ل. جاكسون عنوانه: «زوجة حارس القاتل» (The Hitman‪’‬s Wife‪’‬s Bodyguard) وهو نوع من التكملة لفيلم سابق جمع بين رينولدز وجاكسون سنة 2017.
بضعة أفلام أوروبية كانت تنتظر أن تشهد عروضها الأميركية؛ من بينها «فاطمة» للإيطالي ماركو بونتيكورفو مع هارڤي كايتل في البطولة. من بينها أيضاً «الطائر المدهون» (The Painted Bird) من سلوفاكيا. ثم «الحقيقة» مع كاثرين دينوف وجولييت بينوش والأميركي إيثان هوك.
لجانب هذه الأفلام، كان مقرراً كذلك عرض عدد من أفلام الرسوم المتحركة والأنيميشن من بينها «Trolls World Tour» الشهر الحالي، و«Scoob» الشهر المقبل، و«The Sponege Bob Movie‪:‬ on the Run» في شهر أغسطس.
كل ذلك اختلط أمره وتعاد برمجته مع الآمال الكبيرة بأن النجاح ما زال ممكناً لها.


مقالات ذات صلة

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.