سنوات السينما: The Story of the Kelly Gang

من فيلم «قصة عصابة كَلي» (1906)
من فيلم «قصة عصابة كَلي» (1906)
TT

سنوات السينما: The Story of the Kelly Gang

من فيلم «قصة عصابة كَلي» (1906)
من فيلم «قصة عصابة كَلي» (1906)

The Story of the Kelly Gang
‪(‬1906‪)‬ (جيد)

‫بينما تستعد صالات السينما لاستقبال النسخة الجديدة من حكاية العصابة الأسترالية التي سبق للسينما أن تناولتها أكثر من مرّة، وهي نسخة من إخراج جوستين كيرزل وبطولة راسل كراو وآخرين، من المثير أن نسترجع أول فيلم تم تحقيقه عن هذه العصابة وهو «قصة عصابة كَلي». ‬
هو أيضاً أوّل فيلم طويل (نحو ساعة) في تاريخ السينما، حسب ما اتفق عليه المؤرخون، تم إنتاجه في أستراليا سنة 1906 وتقوم متاحف السينما حول العالم بإعادة عرضه للمهتمين بتاريخ السينما وبتاريخ السينما الصامتة تحديداً.
عرفت أستراليا السينما لأول مرّة عبر فيلم «نور من عوّامة ‪جذف‬ بخارية» A Lighting From a Paddle Streamer الذي حققه ماريوس سيستييه، لكن «قصة عصابة كَلي» فوق ميزته بأنه الفيلم الأسترالي الروائي الطويل الأول، فقد يكون كذلك الفيلم الوحيد لمخرجه تشارلز تايت، إلا إذا كان ضاعت أفلام أخرى له.
يتعامل «قصّة عصابة كَلي» مع القصّة الحقيقية للخارج عن القانون ند كَلي (1854 - 1880): شاب من المزارعين نشأ على كراهية القانون ورجال البوليس الذين أودعوا والده في السجن إلى أن مات فيه. يتحرش رجل بوليس بشقيقة ند، ما يجعل هذا يقرر الانتقام من النظام بأسره فينطلق وشقيقه دان وصديقان لهما للقيام بأعمال لصوصية تؤدي إلى جرائم أخرى قبل أن يتم إلقاء القبض على ند كَلي سنة 1880 ومحاكمته وإعدامه.
المدّة الأصلية للفيلم كانت 68 دقيقة، لكنها لم تعد متوفرة، وما بقي من الفيلم حالياً 31 دقيقة فقط كافية لأن تشي بسينمائي رغب في نشر الحكاية معتمداً على مفارقاتها الحقيقية.
السرد عادي حتى في سياق تلك الفترة. الكاميرا تكتفي بنقل الأحداث كما تتابعت من المشهد الأول للأخير (وصوّرتها على هذا النحو). على ذلك، هذا عمل جيّد في حدود تقنيات ذلك الحين. للغاية سجّل المخرج أصواتاً ليستخدمها لجانب الفيلم (لم يكن متاحاً آنذاك طبعها على شريط واحد).
سياسياً، هو تأييد واضح لموقف ند كَلي (لاحقاً موضوع أفلام ناطقة عدّة) المضاد للنظام. عبر الكتابات على الشاشة يدرك المشاهد موقف الفيلم حيال موضوعه. تؤكد ذلك كلمات من نوع «غباء البوليس» واصفة أفعال رجال القانون. الصورة ذاتها تبقى محايدة في هذا الشأن، لكنها تشترك في الدقائق الأخيرة في هذا الموقف عندما نقرأ بكلمات مختارة أن البوليس قرر حرق الفندق رغم وجود نزلاء أبرياء فيه ليجبر العصابة على الخروج منه. ينفّذ القرار حتى مع وجود العصابة على الشرفة الخارجية للفندق وليس في داخله، ثم حتى مع تدخّل رجل الدين مستعطفاً، بلا جدوى، رجال القانون لعدم إحراق المكان، منبّهاً لوجود أبرياء.
هناك نذر من محاولة إحداث مفاجأة. مثلاً ذلك المشهد الذي تنشغل فيه العصابة بمجموعة من الرجال الذين وصلوا إلى مطعم. شهر أفراد العصابة مسدساتهم وأخذوا يستولون على الغنائم. فجأة تتحرك الكاميرا أفقياً (بان) قليلاً لليمين لتظهر اقتراب شخص آخر. تنفيذياً، كان يمكن لتايت أن يفعل ما سبق له أن فعله: إبقاء الكاميرا في وضع يسمح له بالنظر إلى ما يحدث أمامها وما يحدث عن بعد خلف الحركة الماثلة. لكنه هنا اختار أن يخص الحدث الرئيس بلقطة أقرب، ثم يحرك الكاميرا ثانية فإذا بالشخص الآخر وصل بالفعل ووقف خلف العصابة التي لم تنتبه إليه إلا فيما بعد. في نحو كلّي، ومن وجهة نظر المخرج، فإن حكاية ند كَلي كانت تستحق المغامرة لتحقيق فيلم طويل. درامياً، اختار حكاية معروفة (وشعبية) كان الأحياء آنذاك لا يزالون يتذكّرونها؛ مما جعل هذا الفيلم رهاناً تجارياً مضموناً واختياراً ذكياً في الأساس.


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز