الملك محمد السادس يبحث مع بايدن نزاع الصحراء والوضع في الشرق الأوسط

مصدر مغربي: الزيارة تؤكد غنى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

الملك محمد السادس لدى استقباله نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في القصر الملكي بفاس أمس (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في القصر الملكي بفاس أمس (ماب)
TT

الملك محمد السادس يبحث مع بايدن نزاع الصحراء والوضع في الشرق الأوسط

الملك محمد السادس لدى استقباله نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في القصر الملكي بفاس أمس (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في القصر الملكي بفاس أمس (ماب)

استقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس في القصر الملكي بفاس، نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، الذي يقوم بزيارة للمغرب للمشاركة في أشغال الدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال التي بدأت أعمالها أمس في مراكش.
وذكر بيان للديوان الملكي أن انعقاد هذه القمة بمراكش قرره الملك محمد السادس والرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال الزيارة الملكية لواشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013. وتتوخى هذه القمة وضع التجديد والابتكار كمصدر رئيس للتنافسية في صلب أولويات هذه المبادرة، وذلك من خلال التشجيع على إرساء استراتيجية للنمو الشامل. وأضاف البيان أن هذه القمة تندرج، أيضا، في إطار إرادة قائدي البلدين لتطوير تعاون استراتيجي ثلاثي بأفريقيا، لا سيما في مجالات الولوج إلى الطاقة والأمن الغذائي.
وتناولت المباحثات بين العاهل المغربي ونائب الرئيس الأميركي تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، والتي تستمد قوتها من أسسها التاريخية، ورصيدها من القيم المتقاسمة، ومن قدرتها على التكيف والتجدد. وذكر البيان أن الزيارة الملكية الأخيرة إلى واشنطن مكنت من فتح آفاق جديدة لتعاون وثيق، كفيل بالاستجابة للإرادة المشتركة من أجل تطوير ملموس للعلاقات الثنائية، وتقديم إجابات فعالة للتحديات المتعددة التي تهدد السلم والاستقرار الإقليميين.
وتناولت هذه المباحثات، أيضا، التطورات الأخيرة لقضية الصحراء المغربية، وكذا القضايا الإقليمية والدولية، خاصة الوضع في منطقتي الساحل والشرق الأوسط، والنزاع العربي الإسرائيلي بالخصوص.
وحضر الاستقبال عن الجانب الأميركي دوايت بوش سفير الولايات المتحدة في الرباط، وآن باترسون مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، وإريك بيلوفوسكي المدير الرئيس لشمال أفريقيا، ودانييل بنيم المستشار الرئيسي لدى مجلس الأمن القومي.
وعن الجانب المغربي، حضر الاستقبال فؤاد عالي الهمة مستشار العاهل المغربي، وصلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ورشاد بوهلال سفير المملكة المغربية في واشنطن.
ولدى وصوله إلى القصر الملكي، استعرض بايدن تشكيلة من الحرس الملكي أدت التحية، قبل أن يقدم له التمر والحليب جريا على التقاليد المغربية. وكان بايدن قد حل صباح أمس بمراكش قبل أن يطير إلى مدينة فاس للقاء ملك المغرب.
من جهته، قال مصدر مغربي مطلع، لـ«الشرق الوسط»، إن زيارة بايدن على رأس وفد رفيع المستوى للمغرب من أجل المشاركة في القمة العالمية الخامسة للمقاولات تؤكد غنى الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة، والقائمة على التفاهم والاحترام العميق لمصالح للبلدين.
وتنظر الإدارة الأميركية إلى المغرب على أنه يشكل ملاذا للاستقرار، وتتقاسم الرباط وواشنطن رؤية ومصالح مشتركة يعززهما تاريخ عريق، كما تنهجان نفس الفلسفة التي تقوم على تعزيز حقوق الإنسان والحريات المدنية، والمشاركة السياسية المندمجة. ويتميز محور الرباط - واشنطن بفضل الإرادة المعلنة على أعلى مستوى بين ضفتي المحيط الأطلسي بطابعه الغني والمتنوع، كما يدل على ذلك لقاء القمة بين الملك محمد السادس والرئيس باراك أوباما في نوفمبر 2013 بالبيت الأبيض، وهو اللقاء الذي مكن من وضع خريطة طريق لرفع التحديات الإقليمية، من قبيل مكافحة التطرف العنيف، ودعم عمليات الانتقال الديمقراطي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط وأفريقيا، عبر تعاون ثلاثي الأطراف.
ويرى المراقبون بواشنطن أن الحوار الاستراتيجي بين البلدين «يشكل أرضية تمكن البلدين من العمل جنبا إلى جنب من أجل تحقيق رؤية معتدلة ومزدهرة لشمال أفريقيا، والقضاء على التطرف والظلامية، مع السهر على تشجيع المبادلات الحرة واستراتيجيات التنمية البشرية التي تضع الإنسان في صلب الانشغالات». ولاحظوا أن إطلاق هذا الإطار الخلاق الجديد بين المغرب والولايات المتحدة، والذي جرى سنة 2012 بواشنطن، يشكل تجسيدا للعلاقات الثنائية «القوية» و«المتينة».
ويعد هذا الحوار مهما بالنظر إلى أن البلدين، اللذين تجمعهما صداقة متينة، قررا الرفع من مستوى الشراكة لمستوى أسمى، والتباحث بعمق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما يكتسي بعدا رمزيا لأن الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ليس مفتوحا أمام أي بلد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.