مشروع قانون حول شبكات التواصل يثير غضباً في المغرب

TT

مشروع قانون حول شبكات التواصل يثير غضباً في المغرب

فجّر «تسريب» وثيقةٍ، يتم تقديمها في وسائل التواصل الاجتماعي على أنها «مشروع قانون» متعلق بـ«استعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة» بالمغرب، ينص في عدد من مواده على غرامات وعقوبات سالبة للحرية، ردودَ فعلٍ، تراوحت بين الرفض والغضب لـ«توقيت طرحه»، ولمضامينه التي «تمس بالمكتسبات الحقوقية والحريات».
وتسارعت ردود فعل أحزاب سياسية وفاعلين سياسيين ونقابيين وناشطين في مجال حقوق الإنسان، وعدد كبير من رواد شبكات التواصل الاجتماعي. وأطلق نشطاء وحقوقيون عريضة إلكترونية، معلنين رفضهم «المطلق» لمشروع القانون «المشؤوم»، نظراً لما يشكله من «خطورة واضحة على منظومة حقوق الإنسان، وعلى حق التعبير، كما تتوخى ذلك الوثيقة الدستورية، ويتنافى مع المرجعيات الحقوقية الدولية، التي صادق عليها المغرب»، واعتباراً لما يتضمنه من «قواعد قانونية فضفاضة يترتب عن خرقها جزاءات حبسية مشددة وغرامات مالية ثقيلة، وخوفاً من استغلال الحكومة لظروف غير عادية لتمرير قانون ضار بالحقوق الفردية والجماعية، وماسّ بسيادة القانون ودولة المؤسسات».
وركزت ردود الفعل المنتقدة على «توقيت طرح المشروع»، وعلى عدد من مواده؛ خصوصاً «المادة 14»، التي تنص بحسب الصيغة المتداولة على أنه «يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة مالية من 5 آلاف درهم (550 دولاراً) إلى 50 ألف درهم (5500 دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البثّ المفتوح، أو عبر الشبكات المماثلة، بالدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات، أو البضائع أو الخدمات، أو القيام بالتحريض علانية على ذلك».
وانتقد محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المعارض «تسريب المشروع في هذا الوقت»، مشيراً إلى أن ذلك يبقى «مسألة غير مسؤولة تماماً»، مشدداً على أنه «إذا كانت للحكومة مشكلات بالنسبة لتماسكها، وللأطراف المختلفة التي تكونها، فعليها أن تعالجها بشكل آخر، وليس في هذا الوقت الذي يتميز بمحاربة جائحة (كورونا)، وحيث نحن في حاجة إلى تقوية التماسك والوحدة الوطنية، لا أن نصفي الحسابات بهذه الطريقة، ونشعل النار في الشبكات الاجتماعية بنص من هذا النوع».
من جانبه، أصدر حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، بياناً استحضر فيه ما أثاره مضمون «مشروع القانون» المتداول من «صدمة وتخوفات كثير من الحقوقيين والسياسيين والرأي العام»، بسبب ما حمله من «تشديد وتضييق غير مسبوقين على حرية الرأي والتعبير كحقّين مكفولين بنص الدستور»، قبل أن يسجل رفضه «التام»، وتصديه «القوي» كـ«حزب وطني حداثي لكل ما من شأنه المس بالمكتسبات الحقوقية والحريات». معبراً عن رفضه «التام» لـ«طرح هذا المشروع في هذا التوقيت».
بدورها، عبّرت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال المعارض عن «رفضها المطلق» للمشروع المتداول، واعتبرته «مساً خطيراً بحرية الرأي والتعبير»، و«تراجعاً واضحاً في المكتسبات، التي حققتها بلادنا في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان»، مستنكرة «حالة التعتيم التي مارستها الحكومة على هذا المشروع، وذلك في خرق سافر للحق في المعلومة كأحد الحقوق الأساسية الذي يقرّها دستور المملكة». داعية الحكومة إلى «عدم إثارة القضايا والمشروعات التي من شأنها إحداث شرخ وانقسام داخل المجتمع، خصوصاً في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.