إدانة عباس لعملية الكنيس تثير جدلا بين الفلسطينيين وتعرضه لانتقادات حادة

الخارجية الفلسطينية ترحب باعتراف البرلمان الإسباني بدولة فلسطين

إدانة عباس لعملية الكنيس تثير جدلا بين الفلسطينيين وتعرضه لانتقادات حادة
TT

إدانة عباس لعملية الكنيس تثير جدلا بين الفلسطينيين وتعرضه لانتقادات حادة

إدانة عباس لعملية الكنيس تثير جدلا بين الفلسطينيين وتعرضه لانتقادات حادة

لم تلق إدانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للعملية التي استهدفت كنيسا يهوديا في القدس رضا أي من الطرفين، ذلك أن الجانب الإسرائيلي عد موقفه محرضا على العنف بشكل رئيس، بينما اعتبره الجانب الفلسطيني على النقيض من ذلك مسالما تماما.
لكن عباس لا يبدو أنه يبالي بالآراء التي يعدها متطرفة من الجانبين، بل يمضي وفق قناعات خاصة، تقوم على «حماية شعبه» كما قال مقربون منه، وهي قناعات تظهر في أغلب الوقت على أنها ليست «شعبية». وتعرض عباس لانتقادات واسعة من مسؤوليين إسلاميين، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إدانته العملية، وكان أعنفها من المسؤول في حماس يحيى موسى الذي دعا إلى التخلص منه بقوله «إن إسقاط عباس يعد حاليا أولوية كبرى لإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني»، داعيا إلى حشد ثلثي أعضاء المجلس التشريعي للتأكيد على عدم شرعيته. وأضاف موسى في بيان «أدعو إخواني في حركة فتح إلى وضع أيديهم في يد حركة حماس، وأن تقلب صفحة الارتهان إلى الماضي، واجترار المواقف السلبية، وأخص بالذكر نواب حركة فتح في غزة ممن يعاقبهم عباس، ويعاديهم كما يعادي حماس، وأن نجتمع جميعا على هدف إسقاط عباس، وحشد ثلثي أعضاء المجلس التشريعي للتأكيد على عدم شرعيته». وأكد موسى أن هدف إسقاط الرئيس عباس أصبح أولوية لإنقاذ المشروع التحرري وإنقاذ وحدة الشعب، واعتبر أن عباس أصبح مشكلة، واستمراره يشكل خطرا على القضية والشعب، وقال إنه «آن الأوان أن يرحل غير مأسوف عليه».
وهذا الهجوم ليس هو الأول الذي يشنه مسؤولون في حماس، لكنه ترافق هذه المرة مع حملة كبيرة ضد عباس في مواقع التواصل الاجتماعي، بدت قاسية بعض الشيء. وتحدث والد أحد منفذي العملية قائلا «إن على السلطة مواساتنا بدل إدانة العملية». وخرجت جماعات إسلامية وأخرى يسارية بشعارات مثل «ارحل». والى جانب ذلك، نشرت صور مركبة تمت معالجتها بطريقة قصد منها إدانة الرئيس، وكتب على إحداها «الشعب يبارك والقيادة تدين.. هذا هو الانقسام». ولم ترد مؤسسة الرئاسة كعادتها على هذه الانتقادات. لكن مسؤولين في فتح تصدوا لذلك، إذ قالت نجاة أبو بكر، النائبة في المجلس التشريعي عن حركة فتح «تصرف الرئيس عباس خلال هذه الأوقات هو في قمة الدبلوماسية لأنه ليس مطلوبا منه أن يصرح كما يصرح الجميع، فهو مسؤول عن كل الشعب الفلسطيني». كما ردت مصادر في السلطة الفلسطينية على الانتقادات قائلة إن مصادرها وأهدافها معروفة. وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس عباس يؤمن بأن عليه أن يحمي شعبه وليس أن يحتمي بشعبه. نحن نرفض التعرض إلى مقدساتنا وندينها بقوة، ولا يمكن أن ندعو إلى التعرض إلى مقدسات الآخرين أو أي مقدسات».
ونفت المصادر التهم العديدة عن عباس والتي ساقتها حماس وقوى يسارية، وقالت «الرئيس لم يدن أي عملية سابقة، بل بعث برسالة تعزية لأبطال هذه العمليات، حتى إن نتنياهو يرى فيه محرضا رئيسا. الرئيس دعا إلى حماية الأقصى وحماية القدس، وهو رأس حربة حماية المقدسات، وهذا معروف».
من جهة ثانية، نددت إسرائيل أمس بدعوة لتصويت مجلس النواب الإسباني بأغلبية ساحقة أول من أمس على مذكرة غير ملزمة تدعو الحكومة إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية إن «إعلان مجلس النواب الإسباني يقوم فقط بإبعاد فرصة التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين لأنه يشجع الفلسطينيين على أن يصبحوا أكثر تطرفا في مواقفهم». وتطلب المذكرة من الحكومة الإسبانية العمل «بطريقة منسقة» مع الاتحاد الأوروبي من أجل «تعميم هذا الاعتراف داخل الاتحاد الأوروبي في إطار حل نهائي وشامل (...) يرتكز إلى قيام دولتين».
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيمانويل نحشون «نحن نرى للأسف في أوروبا دعما متزايدا لاستراتيجية الفلسطينيين أحادية الجانب.. وهذا الدعم الأعمى للفلسطينيين لا يخدم المفاوضات ولا قضية السلام».
من جانبها، رحبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بإقرار البرلمان الإسباني بالمذكرة التي تدعو الحكومة للاعتراف بدولة فلسطين. وقالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، في بيان «باسم الشعب الفلسطيني وقيادته، أود أن أعرب عن شكرنا وتقديرنا البالغ لجميع من عمل على تحقيق هذا التصويت، فالاعتراف بفلسطين وشعبها هو استثمار مهم يصب في مصلحة السلام، ويشكل خطوة مبدئية نحو السلام والعدالة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».