إسرائيل تكثف حملاتها الأمنية.. وتفجر منزل فلسطيني في القدس

«هآرتس»: نتنياهو ورفاقه في الحكومة يشكلون خطرا على الإسرائيليين لأنهم لا يريدون حلا

إسرائيل تكثف حملاتها الأمنية.. وتفجر منزل فلسطيني في القدس
TT

إسرائيل تكثف حملاتها الأمنية.. وتفجر منزل فلسطيني في القدس

إسرائيل تكثف حملاتها الأمنية.. وتفجر منزل فلسطيني في القدس

بعد 47 عاما من احتلال القدس الشرقية وضمها بقانون في الكنيست إلى إسرائيل، اضطرت حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو إلى اتخاذ إجراءات جديدة فرضت التقسيم على المدينة، حيث أقامت حواجز عسكرية ما بين المدينة الغربية والشرقية، ونشرت قوات كبيرة من حرس الحدود والشرطة وحتى الجيش، بشكل غير مسبوق. كما فرضت قيودا على تحركات السكان الفلسطينيين، فيما بدأت المخابرات حملة كبيرة «لمعالجة مثيري الشغب المروجين لانتفاضة ثالثة». وجاءت هذه الإجراءات ردا على الهجوم الذي نفذه فلسطينيان على كنيس يهودي في أحد أحياء المدينة الغربية، أول من أمس، وأسفر عن خمسة قتلى وسبعة جرحى، وقاد إلى وقوع صدامات طيلة ساعات الليل والنهار الأخيرين بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود في عدة أحياء، وإلى تدخل الشرطة بشكل متحيز لصالح المستوطنين. وعندما أقامت قوات الأمن حواجزها على أبواب الأحياء العربية، وراحت تفتش كل من يقصد مغادرتها إلى العمل أو التعليم أو لقضاء أي احتياجات أخرى، انفجرت الأوضاع بشكل أكبر.
وواجه يتسحاق أهرونوفيتش، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، مظاهرات تدعو إلى استقالته بسبب فشله في توفير الأمن، وعلى أثر ذلك أمر بمضاعفة عدد رجال الشرطة وحرس الحدود في المدينة، وتكثيف الحراسة في المدارس والمعاهد الجامعية والكنس اليهودية ودوريات الشرطة. وقال مصدر كبير في الشرطة لوسائل الإعلام المحلية «سوف يشعر كل مواطن فلسطيني في القدس بأن الإرهابيين اللذين هاجما الكنيس اليهودي تسببا له في معاناة جدية». وكانت عملية الكنيس قد زعزعت الأمن في القدس، ودفعت العديد من قوى اليمين المتطرف إلى اتخاذ إجراءات أشد ضد الفلسطينيين، بينها الطرد إلى غزة أو لبنان، كما أقام المتطرفون مظاهرة أغلقوا فيها مدخل القدس الغربي من جهة تل أبيب. وتوجه زئيف ألكين، رئيس الائتلاف الحكومي المقرب من نتنياهو، إلى رؤساء أحزاب المعارضة، باستثناء الأحزاب العربية، وعرض عليهم الانضمام إلى «حكومة وحدة لحالة الطوارئ» بهدف اتخاذ إجراءات غير عادية لتوفير الأمن.
وقالت صحيفة «هآرتس» إن خطوة ألكين جاءت بناء على طلب رئيس الحكومة نفسه، في أعقاب ما سمته «الوضع الأمني الحرج» في الأسابيع الأخيرة. وعلم أن عددا من رؤساء الكتل في الكنيست أوضحوا لألكين أنهم لا ينوون الانضمام إلى الائتلاف الحكومي، في حين طلب آخرون مهلة حتى يوم غد للرد على الاقتراح. فيما ردت زهافا غلؤون، رئيسة حزب «ميرتس» اليساري، على الاقتراح بقولها إن «الوحدة حول إدانة الإرهاب والحرب عليه مفهومة ضمنا، لكنها ليست سببا لمد يد العون لحكومة تصب الزيت على النار وتسد كل طريق لوضع حد للعداء والعنف. فقط في حال توجه نتنياهو إلى عملية سياسية تلزم بتسوية سلمية حقيقية مع الفلسطينيين، فإن ميرتس سيوفر له الدعم». وهاجم معظم الخبراء السياسيين في إسرائيل نتنياهو، وأوضحوا أنه فشل في سياسته الأمنية، وطالبه الصحافي نير حسون بالانسحاب من الأحياء العربية في القدس، والكف عن كذبة القدس الموحدة، وبالاستقالة والتوجه للانتخابات، وقال موضحا «من يتمعن في ما يحصل في القدس يدرك أنه لا توجد تهدئة، ولن تكون تهدئة في ما يسمى (القدس الموحدة). فبعد سنة وثمانية شهور من تشكيل حكومة نتنياهو، فإن الأخير فقد ثقة الجمهور. وإخفاقات نتنياهو في مجال الأمن بدأت بإطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين في صفة تبادل الأسرى مع حركة حماس في إطار صفقة شاليط».
ونشرت صحيفة «هآرتس» مقالا افتتاحيا قالت فيه إن «التدهور الأمني يثير تساؤلات أيضا بالنسبة لحكومة إسرائيل»، وطرحت سؤالا حادا وخطيرا وهو «هل هدف حكومة إسرائيل ومن يقف على رأسها هو منع مثل هذه العمليات في المستقبل؟ هل يعتبر القضاء على دائرة سفك الدماء هدفا مركزيا للحكومة؟ فإذا كان الجواب إيجابيا فإنه من الصعب فهم قيامهم بالتحريض على أبو مازن. إن توجيه الاتهامات لأبو مازن يدل على أن الحكومة وضعت لنفسها هدفا هو تعميق القطيعة بيننا وبين الفلسطينيين». لذلك تتوصل الصحيفة إلى نتيجة مفادها أن «نتنياهو ورفاقه في الحكومة لا يريدون حلا وهم يرفضون رؤية أبو مازن شريكا لدوافع انتخابية أو آيديولوجية، وبذلك يشكلون خطرا على سلامة الإسرائيليين».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.