مسؤول تركي لـ («الشرق الأوسط»): التباين لا يزال قائما حول تصنيف «المعارضين المعتدلين»

إردوغان يستبق موجة ضغوط أميركية بالتصعيد

مسؤول تركي لـ («الشرق الأوسط»): التباين لا يزال قائما حول تصنيف «المعارضين المعتدلين»
TT

مسؤول تركي لـ («الشرق الأوسط»): التباين لا يزال قائما حول تصنيف «المعارضين المعتدلين»

مسؤول تركي لـ («الشرق الأوسط»): التباين لا يزال قائما حول تصنيف «المعارضين المعتدلين»

استبق الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، حملة جديدة من الضغوط الأميركية على بلاده لمزيد من التعاون في محاربة تنظيم داعش، بإعلانه أن «التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، لم يتخذ أي خطوة فعلية على صعيد تدريب وتسليح المعارضة المعتدلة في سوريا»، وأشار مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التعاون مع قوات التحالف «لا يزال بالحد الأدنى»، مؤكدا تمسك بلاده بشروطها المعلنة للانخراط في أي جهد دولي يهدف إلى «تصحيح الخلل القائم في سوريا».وكشف المصدر عن أن المبعوث الأميركي لشؤون محاربة التنظيم المتطرف جون ألن، التقى أمس مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى في العاصمة التركية، من دون الوصول إلى نتائج محددة بشأن آلية واضحة لتدريب المعارضة السورية المعتدلة التي اتفق مع واشنطن على برنامج للنهوض بها. وأوضح المصدر أن التباين لا يزال قائما مع الجانب الأميركي بشأن «تعريف» المعتدلين من بين المعارضين للنظام. وسيغادر العاصمة التركية، متجها إلى العاصمة البلجيكية بروكسل؛ لحضور اجتماع خاص بالتحالف الدولي لمكافحة «داعش»، سيجرى في مقر حلف الشمال الأطلسي (الناتو).
وفيما كان ألن يزور العاصمة التركية للمرة الثانية في أقل من 10 أيام، تترقب أنقرة زيارة رسمية سيقوم بها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تهدف بحسب مصادر دبلوماسية في العاصمة التركية إلى مزيد من الضغط على الجانب التركي بشأن انتقال المقاتلين الأجانب عبر الحدود.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، إن بلاده تقيّم الوضع القائم في كل من العراق وسوريا على صعيدين منفصلين، مشيرا إلى أن التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، لم يتخذ أي خطوة فعلية على صعيد تدريب وتسليح المعارضة المعتدلة في سوريا.
وشدد الرئيس التركي على ضرورة استهداف النظام السوري بعينه، وأن ذلك يتم من خلال فرض عدة نقاط، أهمها حظر الطيران، وإقامة منطقة آمنة. وقال: «لم تتخذ قوات التحالف حتى الآن، أي خطوة من تلك الخطوات التي أوصيناهم بها، ونحن نشهد فترة مليئة بالاحتمالات، لكن ما لم تتحقق تلك التوصيات، فإن الموقف التركي لن يتغير وسيستمر كما هو الحال عليه في الوقت الراهن». وفي الشأن العراقي، أشار إردوغان إلى أن 40 في المائة من الأراضي العراقية اليوم، تقع تحت احتلال مباشر. لذا، فعلى المجتمع الدولي إعلان منطقة آمنة في العراق، واعتماد أسلوب تدريب وتسليح القوى الداخلية أيضا، لتحقيق الأمن والاستقرار، مثمنا التقدم الذي أحرزته قوات الحكومة المركزية في العراق على عدة محاور. وذكر مسؤول أميركي رفيع المستوى، أن بايدن سيتناول خلال مباحثاته مع الرئيس التركي ورئيس حكومته أحمد داود أوغلو، في زيارته المرتقبة لتركيا، مسألة التعاون ضد تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق، والأزمة الإنسانية وراء حدود تركيا.
وأضاف المسؤول الأميركي، في تصريحات أدلى بها في موجز صحافي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، حول زيارة بايدن الخارجية، أن اللقاءات المرتقبة للمسؤول الأميركي في تركيا، ستتطرق كذلك إلى الجهود المبذولة للتصدي لانضمام المحاربين الأجانب إلى التنظيم، فضلا عن دعم المساعي الرامية إلى تحقيق اتفاق بين شطري الجزيرة القبرصية، إلى جانب الكثير من القضايا الإقليمية والدولية الأخرى.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».