«جند الأقصى» تنظيم متطرف جديد في شمال سوريا يناصر «النصرة» ويقاتل المعتدلين

حيد نفسه عن قتال «داعش».. ويعتنق فكر «القاعدة» ويستقطب «المهاجرين»

«جند الأقصى» تنظيم متطرف جديد في شمال سوريا يناصر «النصرة» ويقاتل المعتدلين
TT

«جند الأقصى» تنظيم متطرف جديد في شمال سوريا يناصر «النصرة» ويقاتل المعتدلين

«جند الأقصى» تنظيم متطرف جديد في شمال سوريا يناصر «النصرة» ويقاتل المعتدلين

ظهر تنظيم متشدد آخر في شمال سوريا «يخاصم» تنظيم «داعش» ويوالي تنظيم «جبهة النصرة»، رغم أن معظم مقاتليه من الأجانب، مدشنا عملياته في ريف إدلب بقتال الفصائل المعتدلة في الجيش السوري الحر، وملاحقة مقاتلي تنظيم «جبهة ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف، بعد سيطرته على بعض مقرات الجبهة في ريف إدلب.
ويقول ناشطون سوريون في شمال البلاد إن التنظيم الذي يحمل اسم «جند الأقصى» «يوالي تنظيم القاعدة، ويعتنق آيديولوجيته، ما جعله قريبا من (جبهة النصرة) التي تسيطر الآن على القسم الأكبر من ريف إدلب».
وتقول مصادر الجيش السوري الحر في إدلب لـ«الشرق الأوسط» إن تنظيم «جند الأقصى» ينحصر وجوده الآن في ريف إدلب، وفي الريف الشمالي لمحافظة حماه، مشيرة إلى أنه «حوّل وجهة بندقيته خلال فترة شهرين من قتال القوات النظامية في ريف حماه وريف إدلب، باتجاه فصائل الجيش السوري بهدف السيطرة على المنطقة بمشاركة جبهة النصرة». وتؤكد أن مقاتلي هذا التنظيم «كانوا رأس الحربة بالهجوم على قوات جمال معروف في إدلب الشهر الماضي».
وكان التنظيم جزءا من تنظيم «داعش» في شمال غربي سوريا، قبل إخراج التنظيم من ريفي إدلب واللاذقية، إضافة إلى ريف حلب الغربي، مطلع العام الحالي. لكنه لم يشارك في المعارك ضد «جبهة النصرة» أو حتى ضد «داعش» في تلك الفترة، معلنا «تحييد نفسه عن الصراع بين المجاهدين»، وأنه «يسعى لقتال النظام السوري وطرده من المنطقة». وتقول المصادر إن «جند الأقصى»، شعر في تلك الفترة بعزلته، وأنه «فصيل منفرد»، ما دفعه «لإعلان التحالف مع النصرة، وقيادة الحرب ضد جمال معروف، بعد سحب معظم مقاتليه من جبهات ريف حماه الشمالي» إثر تقدم القوات النظامية في تلك المنطقة.
وإضافة إلى دوره بالقتال ضد «جبهة ثوار سوريا»، تقول المصادر إن التنظيم «لعب دورا بارزا في عرقلة التوصل إلى اتفاق بين جمال معروف و(جبهة النصرة) خلال الأزمة الأخيرة، كما كان له تأثير في منع التوصل إلى مبادرة صلح بين المتشددين والجيش السوري الحر»، مشيرة إلى «تحالف موضوعي مع فصائل متشددة أخرى مثل (أحرار الشام) و(جند الشام) وغيرهما من الفصائل الإسلامية المتحالفة مع النصرة في ريف إدلب».
ولم يكن «جند الأقصى» معروفا قبل هذه الفترة، فقد كان «تشكيلا إسلاميا ضعيفا، ينأى بنفسه عن الخلافات الداخلية»، كما يقول المسؤول في الجيش السوري الحر أبو أحمد حريتاني لـ«الشرق الأوسط»، وذلك «قبل أن يبايع النصرة كفصيل نصير لها مثل (أحرار الشام) أو (جند الشام). ومنذ إعلان وجوده برزت سلوكيات على تصرفات مقاتليه تشير إلى أنه تنظيم متشدد، لكنه لم يصل إلى مرحلة قطع الرؤوس مثل (داعش)، رغم أنه كان من المقربين من التنظيم في فترة وجوده».
ويبدو التنظيم الجديد «متمّما لتنظيم جبهة النصرة من حيث قوته البشرية»، كما يقول حريتاني، موضحا أن النصرة «يستقطب السوريين بما يتخطى المقاتلين الأجانب، خلافا لتنظيم (داعش)، لكن (جند الأقصى) استطاع أن يستقطب المقاتلين الإسلاميين المهاجرين من الذين يحملون فكر تنظيم القاعدة»، مشيرا إلى أن مقاتلي التنظيم الجديد «يغلب عليهم طابع الأجانب من المقاتلين العرب، وبعضهم يتميزون بخبرات قتالية، بينما لا يستقطب التنظيم المقاتلين السوريين الذين يلجأون إلى (النصرة)».
وبعد عملياته العسكرية في شمال سوريا ضد المقاتلين المعتلين، لجأ التنظيم أول من أمس إلى العمليات الأمنية، إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مقاتلين من «جند الأقصى»، نفذوا مداهمات في قرية دير الشرقي بريف معرة النعمان الشرقي للبحث عن مقاتلين «مطلوبين» تابعين لـ«جبهة ثوار سوريا». وأشار إلى أن «جند الأقصى» اعتقل 6 مقاتلين من ألوية «النصر القادم» التابعة «لجبهة ثوار سوريا»، بينهم شقيق قائد الألوية، بينما أبلغت مصادر أخرى المرصد، أن عناصر جند الأقصى داهموا أحد مقار الألوية في القرية، واستولوا على أسلحة وذخيرة كانت موجودة في المقر قبل انسحاب اللواء بوقت سابق.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.