«دار القلم»... عاصمة ثقافية للخط العربي

إطلاق اسم ولي العهد السعودي عليها يعيد قصة إهداء الملك المؤسس أرض المجمع

مجمع {دار القلم} يضم مركز الخط العربي المتخصص في رعاية الموهوبين
مجمع {دار القلم} يضم مركز الخط العربي المتخصص في رعاية الموهوبين
TT

«دار القلم»... عاصمة ثقافية للخط العربي

مجمع {دار القلم} يضم مركز الخط العربي المتخصص في رعاية الموهوبين
مجمع {دار القلم} يضم مركز الخط العربي المتخصص في رعاية الموهوبين

أعاد إطلاق اسم ولي العهد السعودي على مركز «دار القلم» في المدينة المنورة، قصة إهداء مؤسس هذه البلاد، الملك عبد العزيز آل سعود، أرضاً أقيمت عليها مدرسة «ثانوية طيبة»، أول ثانوية نظامية في البلاد، والتي أصبحت فيما بعد الحاضنة التي انطلق منها «دار القلم»، العاصمة الثقافية للخط العربي، والتي تستعد حالياً لتكون منصة عالمية للخط والخطاطين من مختلف دول العالم. بدوره، أشار المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة، عبد الكريم الحميد، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تسمية «دار القلم» بـ«مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي» تأتي ضمن الجهود العظيمة والدعم اللامحدود من قبل ولي العهد تجاه حفظ الثقافة العربية، ودعمه المستمر لها، مضيفاً أن القيادة تولي الخط العربي عناية خاصة، كونه رمزاً ثقافياً وأحد العناصر المهمة في نقل الكنوز الثقافية العربية، والمحافظة عليها، ووزارة الثقافة، بصفتها الراعي للقطاع الثقافي السعودي، والتي تعمل على ترجمة اهتمام الدولة بالخط العربي، من خلال تطوير مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، ليلتقي فيه خطاطو العالم، وتنطلق منه جميع المعارف المتعلقة بالخط العربي وفنونه. وأوضح الحميد أن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة، منح الخط العربي اهتماماً كبيراً، من خلال تسمية «عام الخط العربي»، والذي يتضمن مبادرات وأنشطة متنوعة تهدف في مجملها إلى خدمة الخط العربي، وإلى الاحتفاء بتاريخه ورموزه، وأيضاً إلى تكريس حضوره في المجتمع، وجعله مجالاً خصباً للتفاعل مع عموم المهتمين من مختلف شرائح المجتمع، منوهاً بأن تسمية «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي» ستمنحه الثقل والأهمية والمكانة اللازمة لتحقيق طموحات وزارة الثقافة في خدمة الخط العربي.
المشرف على مجمع دار القلم، ومدير مركز الخط العربي، علي المطيري، قال لـ«الشرق الأوسط» إن المبنى المحتضن لمجمع دار القلم كان يضم مدرسة «ثانوية طيبة» المتأسسة في السبعينات الهجرية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، وكانت في وقتها في غرف قريبة من الحرم النبوي، وانتقلت فيما بعد إلى مبنى عثماني لم يكتمل في حينه. وأبان المطيري أن المبنى جرى اكتماله، وأهدي إلى «ثانوية طيبة»، والأرض مملوكة بصكّ شرعي مقدم من مؤسس هذه البلاد، الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - إهداء لـ«ثانوية طيبة» في منطقة العنبرية، غرب الحرم النبوي، مشيراً إلى أن المدرسة شغلت هذا المبنى حتى بني لها مبنى حديث خلفه مباشرة، وبعد ذلك رأت وزارة التربية والتعليم في حينه الاستفادة من المبنى في عهد الوزير الأمير فيصل بن عبد الله عام 1434 هـ، وهو ذات العام الذي شهدت انطلاقة دار القلم.
وقال المطيري إن من ضمن أهداف دار القلم إنشاء مركز للخط العربي، وهي فكرة تبلورت مع الزمن حيث جاءت بدعم مباشر من أمير المدينة المنورة، الأمير فيصل بن سلمان، واهتمام كبير من وزارة التعليم من قبل كل الوزراء الذين قادوا التعليم في بلادنا، وشركة «تطوير» قبل عامين دعمت مركز الخط العربي بمبادرة استمرت 8 أشهر في الفترة المسائية، استفاد منها أكثر من 4000 متدرب.
وأبان المطيري أن مركز القلم ما زال قائماً يعطي دورات في مختلف الفنون والخطوط، ويمنح شهادات وإجازات، والمركز حالياً متجه نحو نقلة نوعية طال انتظارها.
وأوضح المطيري أن المدينة المنورة أضحت منارة للخط العربي وفنونه وتعليمه، وحافظة لكل ما هو ثمين من الإرث الإسلامي الجميل ومن اللوحات والمقتنيات، وباتت حاضنة لجميع الخطاطين على المستوى الإسلامي. بشار عالوه، أحد الخطاطين في دار القلم، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه بإطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان على دار القلم، أضحى المجمع منارة للخط العربي والفنون الجميلة في العالم العربي والعالم الإسلامي، متأملاً أن تكون الدليل لكل الخطاطين في العالم أجمع ولكل المتعلمين لهذه الفنون التي عانت من ويلات وتأثير التقنية. وأفاد عالوه أن الدار على أعتاب مرحلة تاريخية ومفصلية، ستكون جاذبة للخطاطين، لافتاً بالقول: «سيكون هذا المركز منار إشعاع، حيث شهد دورات مميزة في فنون الخط العربي، واكتشفنا مواهب وجدت ضالتها، وشقت طريقها، وأصبحت من الرموز حالياً في هذا الفن».
ويعد مجمع دار القلم جوهرة المكان، وبه مركز الخط العربي، وهو من المراكز المتخصصة في رعاية الموهوبين بالخط العربي، وهو في طور التحسين والتطوير المستمر، وصولاً لمنح الإجازة في الخط العربي للمتدربين فيه ونشر ثقافة الخط العربي بين طلاب المدارس وكل من لديه الرغبة في تحسين وتطوير موهبة الخط العربي، من خلال ورش متخصصة ودورات مكثفة وندوات علمية ونشرات دورية.



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».