مرت السعودية بنوعين من الفيروسات يشتركان بأنهما من الفيروسات التاجية، كما يتمتعان بالاسم ذاته (كورونا)، ولكن تفاصيلهما تختلف: الأول «ميرس»، والثاني وهو الأخطر «كوفيد-19» الذي يواجهه العالم في يومنا هذا. وبين الفيروس الأول والثاني، تعلمت المستشفيات السعودية درساً كبيراً في التعامل مع الحالات المصابة لتفادي انتشارها بأفضل الطرق وآمنها.
أحد هذه المشافي في العاصمة السعودية الرياض -ويعد من أكبر المستشفيات في المنطقة- وضع طرقاً جديدة فريدة من نوعها في عمليات الفرز للمرضى للتأكد من عدم وجود أعراض لديهم قبل ظهور «كوفيد-19» بأربع سنوات، من خلال تجربة التعامل مع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
مدينة الملك عبد العزيز الطبية، أو كما يشاع لها اسمياً بمستشفى «الحرس الوطني»، درب كوادره الطبية على التعامل مع الحالات المصابة بوضع خطط مرسومة موضحة بالتفاصيل كافة، من ناحية الممرات وإخلائها من العابرين وتعقيمها، وغيرها، حتى ينقل إلى جناح العزل المخصص لحالات كورونا، للتأكد من عدم انتقاله لأشخاص آخرين.
تجولت «الشرق الأوسط» في المستشفى الذي يوجد داخل مدينته عدة مستشفيات، ومراكز متخصصة متنوعة، والتقت بمختلف رؤساء أقسامه وإداراته، من أطباء وإداريين، للتعرف على إجراءاتهم في التعامل مع الجائحة العالمية.
- أكثر من نصف الأسرة شاغرة للطوارئ
يقول الدكتور عبد المحسن السعوي، المدير التنفيذي للخدمات الطبية استشاري طب الطوارئ، إنهم تعلموا كثيراً من «كورونا القديم» في التعامل مع «كورونا المستجد»، من ناحية طرق الفرز للمرضى، وبناء مبنى طوارئ منفصل للإنفلونزا.
ويتحدث الدكتور محمد القحطاني، رئيس قسم إدارة الأسرة والتنويم نائب رئيس قسم الباطنية، عن أن 55 في المائة من القدرة الاستيعابية للأسرة في المستشفى شاغرة لحالات كورونا، في حالة الحاجة لها، موضحاً أن هناك أجنحة يوجد بها حالات مصابة معزولة بشكل كامل، بجانب أنظمة التكييف ذات خاصية «الضغط السلبي».
وقال الدكتور القحطاني عن خطط الفحص الشامل إنهم يجرون فحص «كوفيد-19» لجميع المرضى من غير المصابين بـ«كورونا المستجد»، وجميع من سيجرون عمليات جراحية، مضيفاً أن المرحلة الثانية من هذه الخطة هي فحص الفرق الطبية للتأكد من عدم إصابتهم، كما وصف هذا الإجراء بأنه «خطوة استباقية».
- مرحلة المريض الأولى
في قسم الطوارئ، يوجد طوارئ عامة وأخرى «عيادة الإنفلونزا»، كما يوجد طريقة هي الأولى في العالم في التعامل مع الأوبئة، بفرز المرضى عن طريق مسارات للسيارات، أو كما تعرف بـ«Drive Thru»، حيث خصصت المستشفى 12 مساراً لفرز المرضى من المركبات، قبل دخولهم إلى قسم الطوارئ، والاختلاط بحالات أخرى. وفي حالة وجود أعراض إنفلونزا أو كورونا، يتم تحويله إلى قسم الطوارئ المنعزل.
وهذه العيادة المنعزلة تم بناؤها في عام 2015. ويقول عنها الدكتور محمد الهليل، رئيس قسم طب الطوارئ، إنها تحتوي وحدها على 18 غرفة عزل متكاملة وأجهزة اتصال مرئي.
وتابع رئيس قسم طب الطوارئ: «بعد أزمة كورونا في 2015، رصدنا حالات إصابة كبيرة، وهي ما قادتنا إلى وضع برنامج تحول كامل في المستشفى، بحيث نمنع اختلاط الحالات في أقسام الطوارئ أو المستشفى»، مضيفاً في حديثه أنهم درسوا جميع الخطوات التي يمر خلالها المريض، ورصدوا تجمع وتكدس الحالات، وهو ما قاد إلى وضع مسارات للسيارات لفرز الحالات قبل دخولها.
- إصابات مؤكدة
إضافة إلى ذلك، توجد المختبرات الضخمة التي يتم فيها فحص العينات، ومن داخل إحدى هذه المختبرات التي يتم فيها فحص عينات كورونا المستجد وغيره من الفيروسات، مثل كورونا القديم، استعرضت الدكتور سميرة الجهني، رئيسة قسم مختبر الميكروبات، قدرات المختبر الاستيعابية، ومراحل فحص العينات، إضافة إلى الوقت الذي يستغرقه حتى ظهور النتائج، حيث يستغرق ساعة في حالة الحاجة إلى نتائجها بأسرع وقت، و8 ساعات في حالة لم يكن هناك ضرورة لمعرفة نتائجها مباشرة.
والمختبر بدأ مؤخراً في المساندة بإجراء الفحوصات المخبرية لحالات «كوفيد-19». وخلال هذه الفترة، تجاوز أكثر من 5 آلاف فحص مخبري، بمعدل يومي بين 200 و400 فحص. ومع هذه الأرقام، فإن الحالات التي ظهرت بنتائج إيجابية لم تتجاوز 1 في المائة من إجمالي الفحوصات.
- مركز القيادة والتحكم
يضم المستشفى مركزاً للقيادة والتحكم لـ«كوفيد-19»، وهو فريق مشكل من عدة أقسام، مثل الطوارئ وإدارة الكوارث وخدمة المرضى وغيرها. وفي هذا المركز يتم متابعة المستشفى تلفزيونياً، كما يتم استقبال الاتصالات للأشخاص الراغبين بالاستفسار عن الأعراض، وتوجيه الفرق الطبية في حالة الحاجة لذلك. وفي حالة الوصول لمرحلة الكوارث، تتم الإدارة من هذا المركز، ومتابعته من كثب.
- لقاح «ميرس» بداية الأمل
وفي مارس (آذار) الماضي، نجح مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، في وقت سابق، بكشف التسلسل الجيني الكامل لفيروس «كورونا المستجد» (كوفيد-19)، وهو تابع لجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، ويساعد كشف التسلسل الجيني على كشف علاجات مناسبة للقضاء عليه، ومعرفة مدى مقاومته للعلاجات، وتتبع مصدره وبؤرة الانطلاق، إضافة إلى معرفة التعامل الصحيح مع الفيروس.
وفي وقت سابق من شهر مارس (آذار) الماضي، طور المركز لقاحاً ضد فيروس «ميرس»، أو كما يعرف بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، حيث كان مشروع اللقاح بالشراكة مع جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، إضافة إلى جهات أخرى.