مفاوضات بين أنقرة و«تحرير الشام» لاحتواء التوتر

TT

مفاوضات بين أنقرة و«تحرير الشام» لاحتواء التوتر

تجري مفاوضات بين «هيئة تحرير الشام» وتركيا لإنهاء التوتر بينهما على خلفية تدخل القوات التركية لفض اعتصام قرب النيرب شرق إدلب على طريق حلب - اللاذقية أول من أمس، في محاولة لتسيير دورية مشتركة مع روسيا مع نفي «الهيئة» وجود أي محاولات للتهدئة.
وجرى تبادل لإطلاق النار بين الطرفين بالقرب من بلدة النيرب راح ضحيته 3 أشخاص، كما أصيب جنود أتراك، وذلك بعد أن قتل عنصران على الأقل، وجرح ثلاثة من «هيئة تحرير الشام»، التي تشكل «جبهة النصرة» أكبر مكوناتها، جراء استهداف طائرة «درون» تركية لسيارة كانت تقلهم في النيرب أول من أمس، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وهاجمت القوات التركية عناصر الهيئة رداً على هجومها على نقاط عسكرية لها في منطقة النيرب، انتقاماً من استهداف عناصرها المعتصمين عند الطريق احتجاجاً على تسيير دوريات مشتركة مع القوات الروسية.
وكانت مصادر محلية أفادت بأن طائرة مسيرة تركية من نوع «بيرقدار»، استهدفت مربضاً للهاون ومركزاً لقاعدة مضادة للدروع، تابعين لهيئة تحرير الشام قرب بلدة النيرب. ورصد المرصد تحليق مروحيات تابعة للجيش التركي باتجاه نقاطها جنوب شرقي إدلب، لنقل مصابين من قواتها.
وقالت المصادر إن مفاوضات جرت، مساء أول أمس، لإنهاء التوتر الذي تطور إلى مواجهة مسلحة تحدث للمرة الأولى بين تركيا والنصرة (المكون الرئيسي لهيئة تحرير الشام)، بحضور ممثلين عن «فيلق الشام» وفصائل أخرى موالية لتركيا، من أجل تهدئة الأمور وفض الاعتصام على طريق «إم 4»، لكن هيئة تحرير الشام نفت وجود مفاوضات مع القوات التركية.
وأعيد فتح طريق إدلب - باب الهوى، التي تربط بين مدن وبلدات الشمال السوري، والتي أغلقت لقترة وجيزة احتجاجاً على قيام القوات التركية بفض اعتصام النيرب بالقوة أول من أمس، ما أدى إلى مقتل اثنين على الأقل من عناصر الهيئة وإصابة 3 آخرين.
واستقدمت «هيئة تحرير الشام» تعزيزات إلى مدينة أريحا جنوب إدلب مكونة من عدد من الآليات مع عناصر من مقاتليها.
وتحتج «الهيئة» مع مجموعات من أهالي إدلب على الوجود الروسي وعلى الاتفاقات والتفاهمات الموقعة بين تركيا وروسيا بشأن إدلب وآخرها اتفاق 5 مارس (آذار)، الموقع في موسكو بشأن وقف إطلاق النار وإقامة ممر آمن على جانبي طريق «إم 4» بعمق 6 كيلومترات وتسيير دوريات تركية - روسية مشتركة، بدأت في 15 مارس، لكن لم تستطع القوات التركية والروسية إكمال مسار 5 دوريات منها بسبب الاحتجاجات والاعتصامات على الطريق.
من ناحية أخرى، سيرت القوات التركية والروسية، أمس، دورية مشتركة جديدة في ريف مدينة عين العرب (كوباني) الغربي، انطلقت المدرعات المشاركة فيها من قرية آشمة وجابت قرى وبلدات في ريف كوباني الغربي، وسط تحليق لمروحيتين روسيتين على ارتفاع منخفض في أجواء المنطقة. وسبق أن سيرت القوات التركية والروسية دورية أخرى، في 16 أبريل (نيسان) الجاري، في ريف عين العرب (كوباني) الشرقي، وذلك في إطار اتفاق سوتشي الموقع بين تركيا وروسيا في سوتشي في 22 أكتوبر (تشرين الماضي)، بشأن شرق الفرات.
إلى ذلك، أعلنت ولاية شانلي أورفا (جنوب شرقي تركيا) أنها تواصل أعمال صيانة وإصلاح البنية التحتية والفوقية لمدينة تل أبيض شمال شرقي سوريا بعد إنهاء سيطرة تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عليها خلال عملية «نبع السلام» العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
في المقابل، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن بناء العشرات من السجون الرسمية والسرية من قبل الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا بإشراف مباشر منها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».