تباين في ليبيا بعد دعوة حفتر إلى «تفويض المؤسسة الأنسب»

TT

تباين في ليبيا بعد دعوة حفتر إلى «تفويض المؤسسة الأنسب»

تباينت ردود الفعل في الأوساط السياسية والبرلمانية الليبية بشأن دعوة المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، للشعب بـ«تفويض المؤسسة الأنسب» لإدارة المرحلة المقبلة، وإسقاط «اتفاق الصخيرات»، وإنهاء عمل المؤسسات السياسية القائمة؛ وهي الدعوة التي ينظر إليها على أنها تستهدف التفويض المباشر لحفتر.
وفي حين لاقى هذا المطلب ترحيباً لدى غالبية المؤيدين للجيش، اعترضت فئات كثيرة من الليبيين، بينهم نواب ينتمون إلى برلمان طبرق، متخوفين من أن تُوصف هذه الدعوة بـ«الانقلاب»، مطالبين حفتر بـ«التمهل لحين (تحرير) العاصمة، ومن ثم التوافق مع الشعب على وضع خريطة طريق تنتهي بالانتخابات النيابية والرئاسية».
ودافع محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، وهو من المؤيدين للعملية العسكرية على طرابلس، عن طلب التفويض الذي رأى أنه «سيكون لفترة انتقالية، لحين اكتمال عملية (التطهير)، وإعداد الجيش للمساعدة في قيام الدولة المدنية، عبر إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية»، متابعاً: «سفينة البلاد على وشك الغرق، وكل الأجسام السياسية التي تمارس العمل التشريعي والتنفيذي بالبلاد باتت غير قادرة على إنقاذها».
وأضاف العباني لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش يحظى بتأييد واسع بمناطق الشرق والجنوب، كما أنه «لم يطلب لنفسه شيئاً؛ نحن الذين سنفوضه». ولفت إلى أن الجيش «لا يتمتع إلا بشرعية حمل السلاح لحماية الدولة واستقرارها، وتوسيع سلطاته ليعزز قدرته على تنفيذ مهمته بـ(تطهير) البلاد من الإرهاب».
وأشار العباني إلى أن «الدعوة لإسقاط اتفاق الصخيرات تعد سلاحاً آخر، وإن كان غير عسكري، لمهاجمة حكومة (الوفاق)، وهو يعتمد بالمقام الأول على نزع الشرعية منها».
وعقب دعوة حفتر للتفويض، خرجت مسيرات في مدن بشرق ليبيا تطالب بتفويضه بإدارة شؤون البلاد. كما سارعت كثير من القبائل والمجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا لإعلان تأييدها أيضاً، إلا أنه وبموازاة ذلك الترحيب، واجهت الدعوة انتقادات كثيرة جاءت على لسان نواب من المؤيدين لـ«الجيش الوطني» وقياداته.
وحذر عضو مجلس النواب بالشرق جبريل أوحيدة من الآثار السلبية لدعوة التفويض، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أنا من أكثر المدافعين عن الجيش، ولكن هذه الدعوة ستدعم الحديث الذي يردده الطرف الآخر عن أن للجيش ميولاً (انقلابية)، وأن كل هدفه هو السيطرة والوصول إلى السلطة. كما أن هذه الأمر سيعطي تركيا وقطر ذريعة في دعم حكومة (الوفاق)، وما يواليها من ميليشيات، بل ستكون لها تداعيات سلبية على دعم بعض دول المنطقة للمؤسسة العسكرية، والشرق الليبي برمته».
وأعرب النائب عن مدينة الكفرة عن أمله في أن «يقوم الجيش بالانتظار لحين إتمام سيطرته على كامل البلاد، ثم يتوافق مع الشعب على وضع خريطة طريق تنتهي بالانتخابات».
كما عد النائب إبراهيم الدرسي أن دعوة حفتر جاءت رداً على تصريحات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، حول أن «هناك اتجاهاً دولياً لتشكيل مجلس رئاسي جديد».
وكان عقيلة قد أطلق مبادرة سياسية، بالتزامن مع دعوة حفتر، ترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة عن الاتفاق السياسي الموقع في «الصخيرات» بالمغرب، وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي على أسس جديدة. وقال الدرسي لـ«الشرق الأوسط»: «أنا وكثير من النواب المجتمعين ببنغازي نرى أن الحديث عن أي اتفاق سياسي تجاوزه الزمن والوقت، وبالتالي لا نؤيد تلك المبادرة، ونعدها هروباً للأمام وقفزة للمجهول، كان من الأفضل أن يتم الانتظار حتى (تحرير) طرابلس، أو يكون هناك حديث عن حوار سياسي بضمانات دولية».
وأبدى الدرسي رفضه دعوة حفتر لإنهاء وجود الأجسام السياسية القائمة، وقال: «الأجسام السياسية الموجودة بغرب البلاد معترف بها دولياً، أما الحديث عن إنهاء عمل الأجسام والمؤسسات بالشرق فهذا يعني القضاء على السند السياسي للجيش، الممثل في البرلمان».
وتابع: «الأغلبية الساحقة من النواب ببنغازي وطبرق يؤيدون الجيش، فما الداعي لتعطيل برلمان ساهم من البداية في تعيين القائد العام، وهو من يتعاطى مع المصرف المركزي بشأن إرسال الأموال للحكومة المؤقتة، تلك الحكومة التي تقوم بدور كبير في مناطق سيطرة الجيش بالشرق والجنوب، وجزء من المنطقة الغربية؟ الأمر غير مقبول».
وفي المقابل، صنّف محمد معزب، عضو مجلس الدولة بطرابلس، دعوة التفويض على أنها «جزء من ترتيبات ما بعد الهزيمة التي يرى أن الجيش مُني بها مؤخراً بخسارته مدناً استراتيجية عدة بالساحل الغربي الليبي».
وقال معزب لـ«الشرق الأوسط» إن هذه «الدعوة ليست إلا محاولة لاستباق الأحداث، بعد فشل المشروع العسكري، وبالتالي حفتر يريد إيصال رسالة للغرب بأن لديه شعبية وشرعية».
أما جمعة القماطي، رئيس «حزب التغيير» المبعوث الخاص لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» لدول المغرب العربي، فرأى في حديث مع «الشرق الأوسط» أن عملية التفويض «إقرار ضمني بفشل الحملة العسكرية للسيطرة على السلطة، بعد الهجوم على العاصمة الذي بدأه قبل عام».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.