حكايات التاريخ في «الاختيار» و«سوق الحرير»

«بالقلب» أفضل بلا موّال

مشهد من مسلسل  {الاختيار}
مشهد من مسلسل {الاختيار}
TT

حكايات التاريخ في «الاختيار» و«سوق الحرير»

مشهد من مسلسل  {الاختيار}
مشهد من مسلسل {الاختيار}

على مشاهدي مسلسلات رمضان تحمّل مقدّمات مصنوعة كما لو كانت إعلانات انتخابية.
ما يحدث أنّ كل المشاركين والمساهمين في معظم المسلسلات المعروضة يودون قراءة أسمائهم في المقدّمة. هذا يشمل، مع واجب الاحترام المهني والشخصي لكل منهم، العضو المنتدب للشؤون المالية وسكريبت الملابس وتصميم شريط الصوت (وهو غير مونتاج الصوت) والمشرف العام على مواقع التصوير ومصمم الملابس ومصحح الألوان والمسؤول عن «التيترات» وفنيين آخرين بميادين وحقول مختلفة. وعلى المشاهد (ناهيك عن الناقد) قراءة هذه الأسماء كل يوم يعني 30 مرّة في الشهر، وإذا ما شاهد خمس حلقات كل يوم من خمس مسلسلات فعليه قراءة هذه الأسماء 150 مرّة في الشهر.
الأسماء الأهم التي يجب أن تتقدم المقدمات هي الكاتب والموسيقار والمصوّر والمونتير والمنتج والمخرج والممثلون طبعاً. بعد ذلك يمكن ضم الباقين إلى نهاية الحلقة كما في الأفلام. لكنّ الاعتراف واجب: هذا ليس حلاً قابلاً للتنفيذ لأنّ أيدي المشاهدين تتسابق إلى الروموت كونترول بمجرد ظهور آخر لقطة.
«الاختيار»
حال كهذا يقع حتى في أفضل المسلسلات كما الحال في «الاختيار» (MBC ومحطات أخرى). مسلسل مصري جيد وناضج كتابة وتنفيذاً من بطولة أمير كرارة الذي يلعب دور ضابط في الجيش يؤدي واجبه في مواجهة الإرهابيين، مؤدياً شخصية الضابط أحمد منسي الذي ضحّى بحياته في موقعة داخل سيناء ضد الإرهابيين.
الكتابة لباهر دويدار والإخراج لبيتر ميمي والموضوع الماثل يجمع ما بين الوقائع التاريخية التي واجهتها مصر قبل بضع سنوات عندما وصل الرئيس المعزول محمد مرسي للحكم وما تبع ذلك حتى حين قريب.
تكشف البداية عن وصول طائرة عسكرية خاصة من ليبيا تحمل، إلى جانب الجنود العائدين إلى وطنهم، السبب الذي من أجله توجهوا إلى ليبيا أساساً وهو إلقاء القبض على إرهابي اسمه هشام عشماوي (أحمد العوضي). يلتقيه ضابط زميل لأحمد منسي (محمد رجب)، الذي يخبره وهو في السيارة المتجهة به إلى المعتقل بأنّهما التقيا مرّة واحدة من قبل.
ننتقل إلى ذلك الماضي الذي سنتابع مراحله لمعظم الحلقات. ذلك اللقاء تم بينهما عندما أخذت مفاهيم الضابط هشام عشماوي تتغير تبعاً لمفاهيم جديدة كونها وقع تحت تأثير التعصب الديني. بسبب ذلك يعتبر عشماوي أن العمل في الجيش وظيفة عليه أن يتركها. في الحلقة الثانية نتابع الأحداث المتوالية بالشمولية ذاتها وتتوقف الحلقة عند المظاهرات التي نادت بتنحية مرسي.
الكتابة تقترب في الحلقتين من مسائل مهمّة من بينها ما كان يحدث في تلك الفترة وراء الكواليس الأمنية والتطرف الديني الذي جذب إليه كثيرين من بينهم من كان يعمل في صفوف القوات النظامية، وكذلك اللحظات الحميمة التي تجمع بين المسلمين والمسيحيين من الجنود الذين يعملون على حراسة البلد من الأعداء (في أحد المشاهد يتساءل هشام عمن يكونون).
تنفيذ المخرج ميمي للعمل اقتصادي وحرفي في شكل جيد. لا إضاعة للوقت ولا استهانة بمستوى العمل على نحو أو آخر.
«سوق الحرير»
يود المرء أن يقول عن المسلسل السوري «سوق الحرير» (MBC) الشيء نفسه، لكن الحلقة الأولى التي شوهدت يوم أول من أمس لا تبشر بالكثير.
المخرجان بسام ومؤمن الملا كانا حققا سابقاً مسلسل «باب الحارة» وتبدو النيّة هنا هو تحويل «سوق الحرير» إلى نسخة أخرى من «درب الحارة» لناحية عودته في حلقات جديدة في السنوات المقبلة. جدير بالذكر هنا أنّ المسلسل السابق كان حقق نجاحين نقدي وجماهيري في الأعوام الثلاثة الأولى منه ثم أخذ النجاحان ينحسران في الأعوام الثلاثة الأخرى حتى ووجه بالتذمر في عامه الأخير.
الحكاية هنا ستتوغل، على ما يبدو، في وضع تم تأسيسه على النحو التالي: بسّام كوسا، ابن سوق الحرير في منتصف الأربعينات. قصف القوات الفرنسية للبرلمان السوري قائم في الوقت الذي تضع زوجتيه مولوديهما في اليوم ذاته. تموت إحداهما فتقوم والدة الزوج بضم طفل الزوجة الميّتة للطفل الذي ما زالت والدته حيّة من دون أن تخبر الزوجة أياً منهما هو ابنها بالفعل حتى تضمن أن تعاملهما من دون تمييز.
يبدو أنّنا قادمون هنا على حلقات مديدة نشاهدهما فيها وهما يترعرعان منتقلين، كالمسلسل، من حقبة تاريخية إلى أخرى مما يوعز بأن المسلسل سيكون سجلاً لتواريخ الشخصيات العديدة التي سيأتي على ذكرها. الخوف هو أن ما سيتغيّر هو اسم الحي وحده.
وفي حين نمضي الحلقة الأولى بين صراخ الوضع وأصوات القصف والهلع، تبقى الحكاية في أدنى مستويات التقدّم. الانتقال بين الشّخصيات يبدو عشوائي الاختيار. لكن هناك من ذكّرني بأن بدايات «باب الحارة» كانت كذلك في مطلعها ثم نضحت بالمواقف والقصص الحاسمة.
«بالقلب»
إذا كان القارئ من النوع الذي يبحث عن الأناقة في الإنتاج بعيداً عن التاريخ الذي تهرب إليه مسلسلات كثيرة كل سنة، فإن المسلسل اللبناني «بالقلب» (LBC) سيكون مراده. القصة اجتماعية - أخلاقية تكشف عن مسارها من الحلقتين الأولى والثانية: لدينا فتاة شابة تعيش كابوساً متواصلاً. والدتها كانت تركتها طفلة وهربت مع عشيقها. والدها أدمن الشراب وهي ترعرعت وترعرع معها الصيت بأنّها «بنت الشاردة». لكن قريبها الشاب يحبها والمشكلة التي تبحر الحلقتان الأولى والثانية فيها أن والديه ينكران عليه ذلك الحب. يهدّدانه بأنّه إذا ما تزوّجها فإنّ علاقتهما به ستنتهي. مع ختام الحلقة الثانية يصل الصدام إلى ذروته فهو سيتزوّجها رغم تهديداتهما.
موضوع كهذا يبدأ جيداً - عادة - ثم يتعرض للتمدد من دون تطوّر فعّال إلّا إذا كان التأليف (قام به طارق سويد) خبّأ جيداً أحداثاً مفصلية مهمّة. لكن ما هو ملاحظ حتى الآن أن الإخراج (لجوليان معروف) يتميز بأسلوب عمل جيد والتمثيل متمكن من الجميع (كارمن لبّس، ساره أبي كنعان، غبريال يمين وآخرين).
فقط لو أنّ الحلقات لا تبدأ بذلك «الموّال» المتكلف نصاً وموسيقى وغناءً في المقدمة.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.