أشتية: مقدمون على مرحلة جديدة مع إسرائيل

قال إن الفلسطينيين لا يحسبون السعودية وأهلها إلا سنداً لهم

قرية عابود بالضفة تشيع جثمان الأسير نور البرغوثي الذي توفي بمعتقل النقب (وفا)
قرية عابود بالضفة تشيع جثمان الأسير نور البرغوثي الذي توفي بمعتقل النقب (وفا)
TT

أشتية: مقدمون على مرحلة جديدة مع إسرائيل

قرية عابود بالضفة تشيع جثمان الأسير نور البرغوثي الذي توفي بمعتقل النقب (وفا)
قرية عابود بالضفة تشيع جثمان الأسير نور البرغوثي الذي توفي بمعتقل النقب (وفا)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن السلطة الفلسطينية مقدمة على مرحلة جديدة ومختلفة، في إشارة كما يبدو إلى تنفيذ قرارات متعلقة بإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل وتعليق الاعتراف بها.
وقال أشتية، في مؤتمر صحافي، معقباً على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضم الأغوار، وما تلاه من قرصنة أموال الضرائب الفلسطينية: «فيما يتعلق بكل ذلك، الرسالة واضحة. بالنسبة لنا لا يمكن الاستمرار نهائياً بالواقع الحالي كما هو. الرئيس يضع هذا الأمر على طاولته». وأضاف: «نحن مقدمون على مرحلة جديدة، تتعلق بكل شيء، حتى بحياة أولادنا».
وتابع: «نحن أمام قرار، ليس فقط قرار، وإنما تنفيذ القرار. إنهم (الإسرائيليين) يقوضون مستقبل الدولة الفلسطينية، ويريدون إخضاع السلطة إلى خارج النطاق الذي يريده ويرضاه الشعب الفلسطيني، ونحن لن نقبل ذلك».
وكان أشتية يعقب على تأكيد نتنياهو أنه سيضم الأغوار ومستوطنات في الضفة الغربية، وعلى قرار آخر صادر عن «المحكمة المركزية» الإسرائيلية في القدس، يقضي بالحجز على 450 مليون شيكل من أموال العوائد الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، بصفتها مسؤولة عن عمليات سابقة ضد إسرائيليين.
وقال أشتية: «إن التخطيط لضم الأغوار الفلسطينية وفرض السيادة على المستعمرات غير القانونية وغير الشرعية من قبل الائتلاف الحكومي المنوي تشكيله في إسرائيل، وقرصنة أموالنا، وضرب الاتفاقيات بعرض الحائط، وهدم البيوت والاعتقالات، جميعها تهدف إلى شيء واحد، وهو تقويض إمكانية الدولة الفلسطينية مستقبلاً وضرب المؤسسات الفلسطينية حاضراً، وإضعافها». وأضاف: «كما قلت إن هذا الأمر يضعنا أمام قرار مصيري متعلق بنا جميعاً، علينا مواجهته»، ورحّب بالموقف الأوروبي الرافض لخطة الضم الإسرائيلية. ورفض أشتية بشدة قرار المحكمة الإسرائيلية باقتطاع 450 مليون شيكل. وقال: «اليوم 450 مليون شيكل من أموالنا، وقبلها اقتطاع 650 مليون شيكل، تحت حجة أننا نصرف على أسر الشهداء والأسرى. ما هذا إلا قرصنة حقيقية لأموالنا وسرقة لمقدراتنا. إن هذا الإجراء يجعلنا في موقف مالي صعب جداً، ويضيف إلى عجز موازنتنا عجزاً جديداً بمقدار المبالغ المذكورة. وهذا يعني أن إسرائيل تقتطع من أموالنا سنوياً نحو مليار و130 مليون شيكل (1.130 مليار شيكل)». لافتاً إلى أن السلطة ترفض ذلك، وأنها سوف تتقدم إلى المحاكم الدولية ضد هذا الإجراء، وتطالب بوقف كل هذه الإجراءات.
وأكد أشتية أن خطورة قرار قرصنة الأموال «يأتي في أن هناك 110 قضايا أخرى مرفوعة ضد السلطة في إسرائيل»، متهماً القضاء الإسرائيلي بأنه رهينة القرار السياسي. وتابع: «هذه ليست أول مرة تخرق فيها إسرائيل الاتفاقات، الاتفاق الأمني والاقتصادي والسياسي حتى اتفاق الاعتراف المتبادل».
كما أدان القرار الإسرائيلي بمصادرة أراضٍ تابعة للحرم الإبراهيمي في الخليل، «وتوظيفها للمشروعات التهويدية والاستيطانية، في اعتداء صريح على ملكية المسلمين الخالصة للحرم الإبراهيمي والأوقاف المتعلقة به». وعرج رئيس الوزراء الفلسطيني على مسألة الإساءات بين مغردين فلسطينيين وسعوديين خلال اليومين الماضيين. وقال أشتية إنه باسم الرئيس أبو مازن يتمنى على أي فلسطيني ألا يسيء لأي عربي أو يتدخل في شأنه. وأضاف: «المملكة العربية السعودية بملكها وحكومتها وأهلها جميعاً، عزيزون علينا»، وشدد على أن «السعودية تساعدنا على مدار التاريخ... الرئيس أبو مازن تحدث إلى جلالة الملك قبل أيام. السعودية سند لنا».
وتابع في كلمته: «أتمنى على إخواني السعوديين إذا كانت هناك إساءة من أفراد، فأرجو ألا يعمم ذلك كأنه موقف رسمي فلسطيني. وأيضاً إذا كانت هناك إساءة لنا من أفراد، فنحن لا نحسب إلا أن السعودية كانت دائماً عصب العمود الفقري دعماً في المحافل الدولية، وفي كل مكان، لقضية فلسطين وتاريخها». لافتاً إلى أن «الإساءات الفردية لا يمكن أن تحسب رسمية أو جماعية... وآمل أن نضع هذه الأمور خلفنا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.