اتفاق سوداني على اقتسام الموارد مع إقليم دارفور

الوساطة تتوقع الوصول قريباً إلى «الترتيبات الأمنية» مع الحركات المسلحة

TT

اتفاق سوداني على اقتسام الموارد مع إقليم دارفور

توصل أطراف التفاوض السوداني إلى اتفاق على تقاسم الموارد القومية بين الحكومة المركزية وإقليم دارفور، بتخصيص 40 في المائة من الموارد لإقليم دارفور لمدة 10 سنوات، فيما ينتظر أن يتم التشاور على ملفات تقاسم السلطة والترتيبات الأمنية في جلسات تفاوض لاحقة، من أجل توقيع اتفاق سلام شامل في وقت قريب، بحسب الوساطة الجنوب سودانية.
ويتوسط جنوب السودان منذ أشهر بين الحكومة الانتقالية السودانية والحركات المسلحة التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ اندلاع النزاع ضد حكومة الرئيس المعزول عمر البشير في 2003، إلى جانب الحركات المسلحة في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال المتحدث باسم الوساطة، ضيو مطوك، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سونا) من جوبا أمس، إن جلسة التفاوض بين وفد الحكومة السودانية المفاوض ووفد مسار دارفور بحثت 3 خيارات بشأن نسبة إقليم دارفور في الموارد: «30 في المائة لمدة 10 سنوات، و40 في المائة لمدة 5 سنوات، و50 في المائة لمدة 6 سنوات»، وإن الأطراف اتفقت على إعطاء إقليم دارفور نسبة 40 في المائة من الموارد القومية لمدة 10 سنوات.
ويجري في كل من الخرطوم وعاصمة جنوب السودان جوبا تفاوض، عبر الفيديو كونفرانس، في مقري مفوضية الاتحاد الأوروبي في كل من المدينتين على حدة، وذلك إثر تعليق التفاوض المباشر بسبب جائحة كورونا.
وأوضح مطوك أن جلسة أمس تداولت عدداً من الأفكار بشأن «تمويل السلام»، ومن بينها إنشاء مشروع تنموي في مجال التعدين، تملكه حكومة إقليم دارفور، بيد أنه أوضح أن وساطته لم تحسم بعد قضية تمويل السلام نهائياً، وأجلت الأمر لجلسة تفاوض أخرى، بعد أن يكون الوفد الحكومي قد أخضع الأمر لمزيد من الدراسة.
وكشف مطوك عن وجود تقارب بين الطرفين المتفاوضين بشأن مشاركة الحركات المسلحة الدارفورية في السلطة، وقال: «هناك نسب مطروحة لتقاسم السلطة من الحكومة ومن مفاوضي مسار دارفور وأهل المصلحة -السكان المحليين- إلاّ أن الوساطة رأت إخضاع هذه الأفكار والمقترحات لمزيد التشاور، بين قيادات الحركات المسلحة والقيادة السياسية المعنية بملف السلام بالسودان، وأن يتم الاستماع لآرائهم في جلسة التفاوض المقبلة».
وقال مطوك إن الجبهة الثورية كونت لجنة لتحديد القضايا القومية المزمع مناقشتها على مستوي مسار دارفور، وينتظر تداولها في جلسة التفاوض المقبلة، وأضاف: «بذلك نكون قد أنهينا القضايا السياسية في مسار دارفور».
وبحسب الوسيط الجنوب سوداني، فإن ملف الترتيبات الأمنية -أحد أعقد ملفات التفاوض بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة- تم بحثه مع رئيس لجنة الترتيبات الأمنية لمسار دارفور، الفريق الركن خالد عابدين، رئيس لجنة الترتيبات الأمنية الحكومية، بصفته آخر ملفات التفاوض الذي باكتماله تكون وساطته قد أكملت التفاوض في «مسار دارفور».
وتقوم حكومة دولة جنوب السودان، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بدور وساطة بين الحكومة الانتقالية السودانية وحركات مسلحة كانت تقاتل الجيش السوداني في عهد نظام الرئيس البشير، إضافة إلى جماعات جهوية أخرى، في 5 مسارات تفاوض منفصلة، وهي مسار: «شرق السودان، ومسار الوسط، ومسار الشمال، ومسار المنطقتين، ومسار دارفور».
وتهدف الحكومة الانتقالية في الخرطوم إلى الوصول لسلام شامل مستدام في البلاد التي أنهكتها الحروب. ونصت الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية على تحقيق اتفاق سلام خلال 6 أشهر من تكوين الحكومة الانتقالية، بيد أن المفاوضات بين الأطراف تعثرت أكثر من مرة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.