«النقاط العمياء» تخضع لاختبار نظم الذكاء الصناعي لتفادي الأخطاء

ماتياس مولر طالب الدكتوراه في كاوست
ماتياس مولر طالب الدكتوراه في كاوست
TT

«النقاط العمياء» تخضع لاختبار نظم الذكاء الصناعي لتفادي الأخطاء

ماتياس مولر طالب الدكتوراه في كاوست
ماتياس مولر طالب الدكتوراه في كاوست

كثير من الذين يقودون السيارات قد يجهلون مصطلح «النقاط العمياء». إنها النقطة التي حينما تتجاوزك سيارة ولم تشاهدها في المرآة الداخلية، ولا في المرآة الجانبية. إنها النقطة التي تنعدم فيها رؤية الأجسام الموجودة خلف سيارتك، ولا يمكنك رؤيتها في إطار المرايا.
في هذا الإطار أصبح استخدام نظم الذكاء الصناعي كتقنية تساعد النُظم المؤتمتة على اتخاذ قرارات، أفضل وأكثر مواءمة، شائعاً بشكل متزايد، لكن احتمالات الخطأ تظل واردة، وهو أمر يجب تجنّبه خصوصاً في حالتي السيارات ذاتية القيادة والتشخيص الطبي.
الذكاء الصناعي عبارة عن خوارزمية تسمح للنظام بالتعلّم من بيئته ومن المعطيات المتاحة له. وفي التطبيقات المتقدِّمة، كالسيارات ذاتية القيادة، يُدرَّب الذكاء الصناعي باستخدام نهج يُعرف باسم «التعلّم العميق»، معتمداً فقط على كمّيات كبيرة من بيانات أجهزة الاستشعار دون أي تدخل بشري. مع ذلك، فإن نظم تعلّم الآلة هذه من الممكن أن تفشل عندما تُضَلّل بيانات التعلم عملية صناعة القرار.
ولهذا السبب طوّر باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وسيلة للتنبؤ بالمواقف التي يمكن أن يفشل فيها الذكاء الصناعي؛ عبر التحقّق من قوة نماذج تعلم الآلة باستخدام نهج أساسه السياق.
داخل مختبرات كاوست وضمن فريق الدكتور برنارد غانم، أستاذ الهندسة الكهربائية المشارك، عكف كل من عبد الله حمدي وماتياس مولر على بحث أوجه محدودية الذكاء الصناعي والشبكات العصبية العميقة للتطبيقات التي تُحتّم مراعاة عنصر الأمان، مثل السيارات ذاتية القيادة. ويشرح حمدي الأمر قائلاً: «الذكاء الصناعي والتعلم العميق أداتان قويتان جداً، لكن التقنية يمكن أن تفشل في حالات استثنائية نادرة، من الأرجح أن تحدث في نهاية المطاف في الواقع عند استخدام نماذج التعلّم هذه في حياتنا اليومية».
بالنسبة لكثير من التطبيقات، يُعدُّ إخفاق الذكاء الصناعي أمراً مزعجاً لا أكثر، ما دام أنه يعمل كما هو متوقّع أغلب الوقت؛ أمَّا بالنسبة لتطبيقات مثل السيارات ذاتية القيادة أو التشخيص الطبي التي يمكن أن يُفضي فيها الفشل إلى الوفاة أو إلى كارثة محققة، فلا يمكن التساهل مع الإخفاقات المفاجئة المتكررة.
يوضح حمدي أن التعلّم العميق حقَّق نجاحاً في نطاق واسع من المهام، ولكن لا أحد يعلم تحديداً لماذا ينجح في عمله ومتى يخفق في مهامه. ولأن نماذج التعلّم العميق ستُستخدم بتواتر أكثر في المستقبل، فلا ينبغي أن نؤمن إيماناً أعمى بالنماذج غير المفهومة فهماً تاماً، التي من الممكن أن تُعرِّض حياة الناس للخطر.
أثبت فريق العمل كيف يمكن أن تفشل أدوات الذكاء الصناعي تلك فشلاً ذريعاً في سيناريوهات ساذجة في ظاهرها، وابتكر طريقة لتحليل هذه السيناريوهات ووضع خرائط للمخاطر تُحدّد تلك الأخطار في التطبيقات الفعلية.
وفي هذا الصدد يعلّق حمدي: «عادةً ما تُختبر نماذج الذكاء الصناعي للتعرّف على مدى متانتها باستخدام تشويشات نقط الشاشة (البكسل)؛ أي إضافة تشويش إلى صورة ما في محاولة لخداع الشبكة المُدرَّبة تدريباً عميقاً. ومع ذلك، فإن من المستبعد في واقع الأمر أن تحدث تشويشات نقاط الشاشة المصطنعة في التطبيقات الواقعية. ومن الأرجح بكثير أن تحدث سيناريوهات دلالية أو سياقية لم تُدَّرب عليها الشبكات من قبل».
على سبيل المثال، بدلاً من تعرّض نظام القيادة الذاتية إلى صورة مشوشة لشيء ما، من الأرجح أن يتعرَّض النظام إلى شيء ما ذي اتّجاه مختلف أو إلى سيناريو إضاءة لم يتعلَّمها أو يصادفها من قبل. ومن ثمَّ فقد لا يتعرَّف النظام على ما يمكن أن يكون مركبةً أخرى أو أحد المشاة السائرين على مقربة منه. وهذا النوع من الإخفاق هو ما حدث في عدد من الحوادث الجسيمة التي تعرَّضت لها مركبات ذاتية القيادة.
يختتم حمدي حديثه: «ينطوي نهجُنا على تدريب شبكة عميقة أخرى كي تتحدَّى نموذج التعلَّم العميق. وسيسمح لنا ذلك التحدي بالكشف عن نقاط ضعف وقوة نموذج الذكاء الصناعي المزمع استخدامه في نهاية المطاف في التطبيقات».
ويتوقَّع الباحثون أن يُسهم نهج الذكاء الصناعي الخاص بهم في تطوير نماذج ذكاء صناعي قوية والتحقق من تقنيات التعلّم العميق قبل تطبيقها.



«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور
TT

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

كشفت دراسة حديثة أجراها معهد البحث الطبي في اضطرابات النمو العصبي بجامعة كاليفورنيا الأميركية، عن فروق مهمة في كيفية ظهور «متلازمة ريت» التي تكون عادة أثر شيوعاً في الإناث. ويميل الذكور المصابون بالمتلازمة إلى إظهار أعراض أكثر حدة تظهر في وقت مبكر من الحياة بسبب كروموسوم «إكس» X الأنثوي الوحيد لديهم. وفي العادة تمتلك الإناث كروموسومي «إكس».

«متلازمة ريت»

«متلازمة ريت» Rett syndrome اضطراب وراثي نادر يصيب الفتيات في المقام الأول، حيث تبدأ المتلازمة الناجمة عن طفرات في جين MECP2 على الكروموسوم «إكس» عادة بعد فترة من النمو الطبيعي في مرحلة الطفولة؛ ما يؤدي لاحقاً إلى أعراض مثل فقدان وظيفة اليد وصعوبات التنفس والنوبات وضعف كبير في الكلام والحركة والأكل.

ويحتاج الأطفال والبالغون المصابون بـ«متلازمة ريت» إلى المساعدة في أداء معظم المهام اليومية، مثل تناول الطعام والمشي واستخدام الحمَّام، ويمكن أن تكون هذه الرعاية المستمرة واضطراب النوم أمراً منهكاً ومسبباً للتوتر للعائلات، ويمكن أن تؤثر على صحة أفراد العائلة ورفاهيتهم. وفي الدراسة التي نُشرت في عدد 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في مجلة Communications Biology، وأشرفت عليها جانين لاسال، الباحثة من قسم الأحياء الدقيقة الطبية والمناعة كلية الطب بالجامعة، فحص الباحثون نماذج الفئران الذكور والإناث لـ«متلازمة ريت».

وركَّزت الدراسة على كيفية تحول التعبير الجيني في خلايا المخ عبر ثلاث مراحل، هي: قبل ظهور الأعراض وعند ظهورها وفي المرض المتقدم، حللت التعبير الجيني في 14 نوعاً من خلايا الدماغ لفهم الاختلافات في كيفية تقدم المرض في كلا الجنسين. خلل تنظيم الجينات

وأظهرت الفئران الإناث «تأثيراً متأرجحاً» عند حدوث خلل في تنظيم الجينات، حيث حاولت الخلايا التي تعبّر عن الجين الطبيعي تعويض الخلايا التي تحتوي على الجين المتحور.

وهذا التوازن في التعبير الجيني ذهاباً وإياباً الذي يُرى بشكل أساسي في الخلايا العصبية في وقت مبكر أو مع تطور الأعراض في المراحل اللاحقة، يسلط الضوء على كيفية محاولة أدمغة الإناث للحفاظ على التوازن مع تقدم المرض، حيث يكون الاختلال أسوأ في المراحل المبكرة، لكنه يستقر بمرور الوقت.

كما أظهرت الدراسة أيضاً أن الفئران الإناث لديها عدد أكبر من الجينات غير المنظمة قبل ظهور الأعراض مقارنة بالوقت الذي تظهر فيه لاحقاً، حيث تحتوي خلايا الدماغ في الإناث المصابات بـ«متلازمة ريت» على نمط فسيفسائي من التعبير الجيني يعبّر نصف خلاياها عن جين MECP2 الطبيعي ويعبّر النصف الآخر عن الجين المتحور.وهذا يتناقض مع التوقعات بأن اختلال تنظيم الجينات يرتبط ارتباطاً مباشراً بشدة الأعراض؛ ما يشير إلى وجود عملية تنظيمية معقدة.

وأكدت جانين لاسال أن نماذج الفئران الأنثوية أكثر أهمية للبحوث البشرية؛ لأنها تعكس بشكل أفضل التعبير الفسيفسائي لجين MECP2 الموجود لدى الفتيات المصابات بـ«متلازمة ريت». ولا تلتقط الفئران الذكور التي تُستخدم غالباً في الأبحاث هذا التعقيد الفسيفسائي، حيث لا يمتلك الذكور سوى كروموسوم «إكس» واحد؛ ما يعني أن جميع خلاياهم تتأثر بطفرة الجين MECP2.

جين يرتبط بأمراض أخرى

وربط الباحثون أيضاً طفرة MECP2 بمسارات أخرى مثل تلك التي تشارك في مرض ألزهايمر والإدمان؛ وهو ما يشير إلى أن الطفرة قد يكون لها آثار أوسع نطاقاً تتجاوز «متلازمة ريت»، وقد تؤثر على حالات عصبية أخرى.