مصر: غياب شيوخ الخط العربي يهدد جودة الصنعة

الفنانة هبة حلمي وظفت الخط العربي تشكيلياً
الفنانة هبة حلمي وظفت الخط العربي تشكيلياً
TT

مصر: غياب شيوخ الخط العربي يهدد جودة الصنعة

الفنانة هبة حلمي وظفت الخط العربي تشكيلياً
الفنانة هبة حلمي وظفت الخط العربي تشكيلياً

ذاق معظم طلاب الخط العربي تلك الرهبة المُحببة المرتبطة ببذل كل ما تعلموا من تقاليد الخط السليم في كتابة لوحة لعرضها على واحد من أساتذة ومُعلمي الخط المُخضرمين، وهم يتطلعون لقسمات وجهه وتعبيراته المُتفحصة في دقة الخط وحرفته، ويستمعون لتعليقاته على طريقة إمساكهم بالقلم، وسير الحبر على الورق، لتكون انطباعات تُحفر في ذاكرتهم على أمل الوصول إلى حرفية هذا المعلم يوماً ما.
ولعل فكرة تواصل الأجيال من السمات التقليدية لتعلم الخط العربي، مما يجعل فقد أحد شيوخه يرتبط بأصداء واسعة لدى الأجيال الجديدة من مُحبي الخط، ولعل آخرها عبارات العزاء والرثاء التي ما زالت تتوالى لرحيل شيخ الخطاطين محمد حمام، الشهر الجاري عن عمر ناهز 86 عاماً.
ويتجدّد السؤال مع رحيل جديد لأحد شيوخ هذا الفن، عن أثر هذا الغياب على تلك الصنعة المُهددة بواقع الحال بسبب التكنولوجيا وغيرها من العوامل، إلا أنّ غيابهم كذلك يزيد مخاوف تراجع جودة الصنعة في مصر.
الفنانة المصرية هبة حلمي، تعلمت فنون الخط العربي ووظفته فنياً في آخر مشروعاتها التشكيلية الذي كان ثمرته معرض «تعويذة»، وكانت رحلة تعلمها الخط العربي مليئة بالانطباعات التي سجلتها حول هذا الفن، كان من بينها لقاءات جمعتها بالراحل محمد حمام، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغم عمره المتقدم الذي كان قد تعدى الثمانين، كان نشيطاً وحريصاً على الذهاب إلى مكتبه أربع أيام أسبوعياً على الأقل، وكان يذهب للمقهى كل يوم خميس للقاء أصدقائه من الخطاطين بعابدين أو المهتمين بالخط بشكل عام، كانت نقاشاتهم ترتبط بطريقة كتابة لوحة كتبها أحدهم وأخذ الرأي حولها».
لقاءات شيوخ الخطاطين وتلاميذهم لم تكن مجرد لقاءات عابرة أو جلسات للسمر، بل كانت بمثابة دروس لنقل الخبرات، وفق الخطاط محمد حسن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قمنا على مدار عامين بتنظيم يوم في (دار مداد) أطلقنا عليه لقاء الوفاء، وفيه كان يتم دعوة كبار الخطاطين مع جميع محبي الخط العربي للاجتماع وتبادل الحديث، وكان صورة من صور تكريم هؤلاء الكبار والشيوخ في حياتهم، وأذكر أن أحد الخطاطين حضر خصيصاً ذات مرة من ليبيا عندما علم أن الأستاذ محمد حمام سوف يكون موجوداً رغم أنه لم يلتقِ به منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكان لقاؤهما لافتاً في مدى إنسانيته».
يؤكد حسن أن «شيوخ الصنعة الراحلين يمثلون خسارة كبيرة لهذا الفن التراثي، لا سيما أن مهنة الخط العربي ترتبط بالتعلم المباشر من الأساتذة، فمُعلم الخط يكون مطلعاً على تفاصيل تخص طريقة الإمساك بالقلم، وحتى ضبط التنفس أثناء الكتابة، الأمر الذي ينعكس على الخط بشكل كبير، ويُظهر معه روح الخطاط إلى جانب احترافه»، على حد تعبيره.
وتقترن تلك المآثر الفنية والإنسانية المرتبطة بمهنة الخط بمخاوف مُلحة ومتجددة حول مستقبل الخط العربي لا سيما مع التهديد التكنولوجي له، وهو ما تتأمله الفنانة هبة حلمي بقولها: «عاصرنا الانتهاء التدريجي للوظيفة الأولية للخطاط سواء في كتابة لافتات المحلات أو أفيشات السينما أو مانشيتات وعناوين الصحف وأغلفة الكتب وغيرها، وهناك مهن أخرى كانت مصاحبة للخط العربي انقرضت أو في طريقها للانقراض، مثل تصنيع ورق الإيبرو، أو التذهيب، وهي مهن كانت تُكمل تزيين وزخرفة لوحات الخطاطين الفنانين».
ورغم أن لوحات آيات القرآن الكريم، وأسماء الله الحسني، المزينة بالألوان الذهبية والزخارف، ما زالت مطلوبة، ويتم تنظيم مسابقات للخطاطين بجوائز مرضية، بجانب وجود سوق لبيع هذه الفنون، فإنه يجب عدم ترك الخطاطين لرياح العرض والطلب، فلا بد أن تحافظ الدولة على المتبقي من هذا الكنز لأن متغيرات السوق تلتهمه، بحسب الفنانة هبة حلمي.
ويحتاج مُحبو الخط لجهات داعمة تؤمن بأهمية الخط العربي، الذي لولا أهميته لما عاش لآلاف السنوات، بداية من دوره الوظيفي كوسيلة نقل للعلوم والحضارة مروراً بدوره وأدائه الجمالي، بحسب حسن، الذي لا يعتبر أن التكنولوجيا أضرّت بشكل كامل بمهنة الخط، بل ساعدت العاملين في الخط في طباعة الخطوط مثلاً، وكذلك التعلم والتواصل مع أساتذة الخط حول العالم، مؤكداً: «عودة التصميمات الحديثة الآن سواء في العمارة أو الديكور أو حتى في الأخشاب والحُلي وإكسسوارات المنزل للاستعانة بالخط العربي لما له من جماليات خاصة، لذلك فالأزمة الحقيقية هي ليست في الكيف، إنما في الكم الكبير الذي لا يخدم الخط كفن وعلم في المقام الأول، إذ إن زيادة عدد المراكز غير المؤهلة والفيديوهات التعليمية للخط العربي تقوم كثيراً بتخريج عدد كبير ليسوا بالضرورة على مستوى فني وأسس علمية سليمة، مما يهدد جودة الصنعة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.