أحزاب جزائرية ترفض تعديلات لقانون العقوبات «تكبّل الحريات»

تظاهرة تطالب بحرية الصحافة في الجزائر (أ.ف.ب)
تظاهرة تطالب بحرية الصحافة في الجزائر (أ.ف.ب)
TT

أحزاب جزائرية ترفض تعديلات لقانون العقوبات «تكبّل الحريات»

تظاهرة تطالب بحرية الصحافة في الجزائر (أ.ف.ب)
تظاهرة تطالب بحرية الصحافة في الجزائر (أ.ف.ب)

انتقد حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» النصوص التي أدخلتها الحكومة الجزائرية على قانون العقوبات لمحاربة «نشر الأخبار الكاذبة»، واعتبر أنها «تهدف إلى الوقوف ضد إرادة الشعب الجزائري المصمم على انتزاع حريته، وهي محاولات يائسة لن يجني منها أصحابها شيئاً».
وقال الحزب المعارض في بيان إن «القوانين الجديدة المكبّلة للحريات ستقوّي آلة القمع، التي أسس لها الرئيس الذي تمت الإطاحة به، بعد 20 سنة من الحكم»، في إشارة إلى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وانتقد «حزب العمال» اليساري من جهته، حجب مواقع إلكترونية وسجن ومتابعة صحافيين، في سياق اعتماد الصيغة الجديدة لقانون العقوبات، وأكد أن وسائل الإعلام لا تزال عُرضة لشتى أنواع الضغوط، وتدابير قمعية تنتهك بشكل صارخ حرية الصحافة، كما هو الحال بالنسبة إلى المواقع الإلكترونية الإخبارية: «ماغريب إمرجنت»، وراديو «إم وإنترلين»، التي تم قطع الإنترنت عنها، بالإضافة إلى إغلاق الجريدة الناطقة بالأمازيغية «تيغرمت». وأفاد الحزب، الذي سحب نوابه من البرلمان العام الماضي على خلفية الانتفاضة الشعبية ضد بوتفليقة، بأن «هذه السياسة القمعية تشكّل انتكاسة صارخة، تعيدنا إلى حقبة اعتقدنا أنها مضت وولّت».
وصرح وزير الاتصال المتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر، في وقت سابق بأن سبب الإجراءات المتخَذة ضد وسائل إعلام «تلقيها تمويلات من الخارج»، وهو ما يمنعه قانون الإعلام، وهو الأمر الذي نفاه مدير «ماغريب إيمرجنت» قاضي إحسان، مؤكداً أن تمويل مؤسسته يتم من المساهمين في رأس مالها.
كما ذكر الوزير بلحيمر في تصريح آخر أن سبب حجب الصحيفة مقال «يتضمن تحاملاً على رئيس الجمهورية» كتبه مديرها. أما بخصوص صحيفة «إنترلين»، فقد ذكر الوزير أن مسيّريها «هم من حجبوها إرادياً بحثاً عن إشهار بحجة التعرض للرقابة»، وهو ما نفاه قطعياً مديرها بوزيد أشعلالن.
كذلك قالت «منظمة العفو الدولية» إن التعديلات التي أدخلتها الحكومة الجزائرية على قانون العقوبات لمحاربة «نشر الأخبار الكاذبة»، «تعد مساندة صارخة لعمليات القمع، التي تقوم بها السلطات لإسكات أصوات النشطاء والصحافيين».
وذكر فرع المنظمة بالجزائر في حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، أمس، أن التعديلات التي أقرها البرلمان، الخميس الماضي، «تمنح السلطة الرخصة للاستمرار في إسكات المعارضة، وتكميم الأفواه التي تنتقد الحكومة»، ودعت السلطات إلى «التخلي فوراً عن تلك القوانين التي تنتهك حرية التعبير عن الرأي وتخالف بشكل واضح القوانين الدولية».
ومن أهم ما جاء في التعديلات التي قامت بها الحكومة الجزائرية إنزال عقوبة تصل إلى 3 سنوات سجناً وغرامة مالية، في حال أثبت القضاء ضد شخص تهمة «نشر أخبار كاذبة تؤدي إلى الإضرار بالنظام العام، والمس بالوحدة الوطنية». كما تم أيضاً إقرار العمل بقانون جديد يحارب «خطاب العنصرية والكراهية»، وعده ناشطون سياسيون وحقوقيون في الجزائر «مكمِّماً للحريات». كما انتقد بعض الناشطين والأحزاب السياسية «استغلال جائحة كورونا لتمرير قوانين قاهرة للحريات».
وبررت الحكومة تعديل قانون العقوبات بـ«كثرة الإشاعات والأخبار الكاذبة»، حول وباء «كورونا» والإجراءات المتخَذة من طرفها لمواجهته. ورأت أن ذلك «من شأنه أن يثير الفوضى في المجتمع، ويمس باستقراره».
ونفّذت السلطات الجزائرية تدابير ردعية بهذا الخصوص، قبل أن يصادق البرلمان على مراجعة القانون، إذ وضعت محكمة بالعاصمة ثلاثة صحافيين في الرقابة القضائية، بحجة نشر مقال في صحيفة شككت في صحة الأرقام، التي يقدمها «معهد باستور» للتحاليل الطبية حول تشخيص المرض في بعض الحالات. واحتجت نقابة الصحافيين على متابعتهم، وقالت إن المقال استند لتصريحات برلماني انتقد سلامة تشخيص المرض.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.