تسريبات إسرائيلية تشير إلى عدم سماح واشنطن بضم أجزاء من الضفة

ميلادينوف يحذّر من أن الخطوة «ستدمر حل الدولتين»

فلسطيني يقدم طعاماً للأسر الفقيرة في غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يقدم طعاماً للأسر الفقيرة في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

تسريبات إسرائيلية تشير إلى عدم سماح واشنطن بضم أجزاء من الضفة

فلسطيني يقدم طعاماً للأسر الفقيرة في غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يقدم طعاماً للأسر الفقيرة في غزة أمس (أ.ف.ب)

أعادت منظمة التحرير الفلسطينية اتهام الإدارة الأميركية بإعطاء ضوء أخضر لإسرائيل، لكي تضم أجزاء من الضفة الغربية، لكن مصادر في حزب «كاحول لافان» (أزرق - أبيض)، الشريك الرئيسي لحزب «الليكود»، في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد، سربت بأن الإدارة الأميركية لن تتعاطى فوراً مع هذا التوجه الإسرائيلي.
وقال المحلّل السياسي للقناة «13» العبرية، رافيف دروكر، نقلاً عن حزب «كاحول لافان»، إنهم أجروا مباحثات سرية مع البيت الأبيض قبل التوقيع على الاتفاق الحكومي، ووصلوا إلى خلاصة أنه لن يسمح بضم الأراضي في الضفة الغربية. وقال مقربون من «كاحول لافان»، الذي يتضمن اتفاقه الحكومي مع حزب «الليكود»، ضم إسرائيل لمناطق في الضفة الغربية، بدءاً من الأول من يوليو (تموز) المقبل، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، «لن يسمح بالضم».
كانت هذه النقطة محل خلاف بين «الليكود» و«كاحول لافان»، في بداية المفاوضات بينهما، للاشتراك في حكومة موحدة.
وجاءت تسريبات «كاحول لافان»، بعد أيام من تصريحات لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قال فيها إن اتخاذ قرار بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية أمر يعود إلى إسرائيل، وإن الولايات المتحدة ستقدم وجهة نظرها إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة بشكل غير معلن. وعبّر بومبيو أيضاً عن «سعادته» بالاتفاق الذي تم بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومنافسه الجنرال بيني غانتس. وبموجب ذلك الاتفاق، سوف تمضي الحكومة الجديد قدماً في الخطط الرامية إلى بسط السيادة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وهي من الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولة عليها.
وعززت تصريحات بومبيو اتهامات فلسطينية للولايات المتحدة بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة، خصوصاً بعد تعهد نتنياهو بإقرار السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت في غضون الشهور القليلة المقبلة.
من جهته، قال تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير، إن حديث بومبيو لم يكن ارتجالاً بقدر ما هو تقدير متفق عليه داخل فريق العمل الأميركي - الإسرائيلي المكلف إنجاز خرائط الضم قبل هذا التاريخ، ليصبح ممكناً وضع الترتيبات العملية لخطوات أحادية من جانب إسرائيل بموافقة أميركية.
وأضاف التقرير أن إعلان بومبيو بأن قرار ضم أراض في الضفة الغربية المحتلة يعود في نهاية المطاف إلى إسرائيل، يعتبر بمثابة ضوء أخضر لحكومة نتنياهو - غانتس للمضي قدماً في الترتيبات المتفق عليها بينهما بشأن البدء بفرض السيادة الإسرائيلية على أراض في الضفة الغربية، فور انتهاء الفريق الأميركي - الإسرائيلي من رسم الخرائط، التي ستتيح لحكومة إسرائيل المباشرة في تنفيذ الصفقة على الأرض من طرف واحد عبر إجراءات ضم لمناطق الاستيطان، وسط انشغال العالم بالحرب على وباء «كورونا».
وينظر الفلسطينيون إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية باعتباره المسمار الأخير في نعش «عملية السلام». وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد حذر من أن جميع الاتفاقات ستعتبر لاغية مع إسرائيل والولايات المتحدة، إذا أقدمت تل أبيب على ضم أي أجزاء من الضفة الغربية، مما يعني عملياً حل السلطة الفلسطينية.
وعلى المستوى الدولي، لاقت المخططات الإسرائيلية تنديداً روسياً، وكذلك من أعضاء في مجلس الأمن، كما بعث مسؤولون في الاتحاد الأوروبي رسائل إلى رئيس حزب «كاحول لافان»، حذّروه فيها من الموافقة على خطوات ضم أجزاء من الضفة الغربية. وتحدث المسؤولون الأوروبيون مع مستشارة غانتس للشؤون الخارجية، مولدي سوخرفيتش، موضحين أن الاتحاد الأوروبي يعارض بشدة بالغة أي خطوة ضم أحادية الجانب.
كما حذر الممثل الخاص للأمم المتحدة لعملية التسوية في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من أي خطوات أحادية تهدف إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. وقال ملادينوف، خلال إحاطة أمام مجلس الأمن عبر الفيديو لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، إن «ذلك يشكل تهديداً متزايداً، وفي حال تم تنفيذه، فإنه يعد انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي». وأضاف أن «ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة سيوجه ضربة مدمرة إلى حل الدولتين، وسيوصد الأبواب أمام العودة إلى المفاوضات، ويهدد جهود التوصل إلى سلام في الإقليم». وحث ملادينوف، القادة الفلسطينيين والإسرائيليين، على انتهاز فرصة جائحة «كوفيد - 19» لاتخاذ الخطوات اللازمة للتقدم باتجاه السلام، ورفض أي خطوات أحادية من شأنها تعميق الصراع بين الشعبين، وتقويض أي فرصة للسلام.
وعقب الناطق باسم حركة «حماس»، حازم قاسم، على الرفض الدولي الواسع لتصريحات بومبيو، بقوله إنه «يؤكد عزلة الموقف الأميركي العنجهي». وأضاف: «أن إصرار الولايات المتحدة على مواقفها الداعمة للسياسة الاستعمارية الصهيونية مشاركة فعلية في العدوان على حقوق شعبنا الفلسطيني، وإصرار من الإدارة الأميركية على تحدي مشاعر كل مكونات الأمة». وأكد قاسم «أن الشعب الفلسطيني المقاتل هو الذي سيحسم المعركة لصالحه، وسيطرد المحتل ومستوطنيه من كامل أرض الضفة الثائرة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».