حقوقيون مغاربة يقاطعون المنتدى العالمي لحقوق الإنسان احتجاجا على المضايقات

يعقد في مراكش بمشاركة نشطاء من جميع أنحاء العالم

حقوقيون مغاربة يقاطعون المنتدى العالمي  لحقوق الإنسان احتجاجا على المضايقات
TT

حقوقيون مغاربة يقاطعون المنتدى العالمي لحقوق الإنسان احتجاجا على المضايقات

حقوقيون مغاربة يقاطعون المنتدى العالمي  لحقوق الإنسان احتجاجا على المضايقات

أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر منظمة حقوقية في المغرب، مقاطعتها للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش بسبب «المضايقات»، حسبما أعلنت الجمعية في بيان مساء أول من أمس.
وقررت الجمعية خلال اجتماع لمكتبها المركزي «عدم المشاركة في المنتدى ومقاطعة كل أشغاله»، كما اعتصم نشطاؤها أمام البرلمان المغربي احتجاجا على «مضايقات» العاصمة السلطات المغربية.
واعتبرت الجمعية أن هذا القرار ناتج عن «عدم استجابة الدولة لمطلبها في تصفية الأجواء السياسية قبل انعقاد المنتدى، بل وإمعانها في الاعتداء على المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان».
ويتزامن منع أنشطة جمعيات المجتمع المدني مع استضافة المغرب للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، وهو تجمع كبير من النشطاء من جميع أنحاء العالم، بين 27 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في مراكش. لكن إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إحدى المؤسسات المشرفة على تنظيم المنتدى قال بهذا الخصوص «ليس لدي علم بمثل هذا الأمر».
وأضاف المسؤول عن المؤسسة شبه الرسمية، المكلفة رصد وتتبع وحماية وترويج حقوق الإنسان في المغرب، «لقد تم إشراك الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في اللقاءات التحضيرية، وجرى أخذ جميع مقترحاتها بعين الاعتبار».
وفي إشارة منه إلى أن في المغرب قرابة 80 ألف جمعية من المجتمع المدني، أكد اليزمي أن «المجتمع المدني هو أحد الهموم التي تشغل البلاد»، مضيفا أن «للسلطات الحق في حظر بعض الأنشطة، لكن في دولة القانون على الجمعيات اللجوء إلى العدالة».
من جانبها، قررت «العصبة المغربية لحقوق الإنسان»، إحدى أقدم الجمعيات الحقوقية، «إلغاء مشاركتها في فعاليات المنتدى». كما طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش مطلع الشهر الحالي السلطات المغربية بالتوقف عن عرقلة الأنشطة السلمية لجماعات حقوق الإنسان المستقلة في البلاد، والسماح لها بالعمل بحرية.
وبدأ مسلسل المنع بعد أن اتهم وزير الداخلية محمد حصاد، في كلمة ألقاها حول مكافحة الإرهاب في البرلمان المغربي، جماعات حقوق الإنسان بادعاءات «لا أساس لها عن انتهاكات ارتكبتها قوات الأمن بطريقة يمكن أن تمس بصورة وأمن المغرب»، كما اتهمها بـ«تلقي تمويلات لخدمة أجندة خارجية».
ولوحت الحكومة المغربية بداية الشهر الحالي باتخاذ إجراءات صارمة في حق الجمعيات المحلية، التي لا تكشف عن مصادر تمويلاتها الأجنبية، بالحرمان من صفة «المنفعة العامة» التي تخول لها الاستفادة من دعم الدولة. ولا يشترط القانون المغربي على الجمعيات الحصول على ترخيص من السلطات قبل تنظيم اجتماع عمومي، ولكن المادة الثالثة تشترط على بعض الجمعيات إخطار السلطات المحلية مسبقا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.