تصريحات وزير الاتصال تثير غضب وسائل الإعلام في الجزائر

اتهمها بزرع الفتن والتمتع بـ«حماية قوى أجنبية»

TT

تصريحات وزير الاتصال تثير غضب وسائل الإعلام في الجزائر

عبَّر محامون وصحافيون في الجزائر عن تذمرهم الشديد من تصريحات وزير الاتصال المتحدث باسم الحكومة، عمار بلحيمر، حملت – حسبهم - إصراراً على تحمل مسؤولية سجن الصحافي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، وحجب مواقع إلكترونية إخبارية بذريعة أنها «تخدم مصالح أجنبية».
وقال عبد الغني بادي، محامي الحراك الشعبي، إن عضو الحكومة «منح لنفسه صفة قاضي التحقيق، أو صفة قاضي الحكم، ذلك أن تصريحاته تقترب أو تحاكي أحكاماً قضائية». في إشارة إلى بيان طويل للوزير، نشرته وسائل الإعلام الحكومية، ليلة أول من أمس، حول الجدل الكبير الذي فجَّره سجن درارني، ووضع ثلاثة صحافيين من جريدة «الصوت الآخر» تحت الرقابة القضائية، وحجب صحيفتين إلكترونيتين، وإذاعة تبث على الإنترنت.
وقال بلحيمر في بيانه، إن عدد الصحافيين 8 آلاف «لا يواجهون تقييداً للحريات كما يحدث في عديد من دول العالم؛ لكن لا يتم تسليط الضوء إلا على ثلاثة أو أربعة صحافيين فقط»، وكان يشير بذلك إلى تقارير «مراسلون بلا حدود»، المطالبة بالإفراج عن درارني والصحافي مراكشي سفيان، مراسل فضائية لبنانية، ووقف متابعات ضد صحافيين آخرين. وبحسب وزير الاتصال فإنه «يتم تقديم هؤلاء (يقصد الصحافيين المسجونين والمتابعين) دائماً كضحايا لحرية الإعلام، مع أنهم في الواقع يحترفون زرع الفتنة، ويسهل التفريق بينهم بسبب هجماتهم المستمرة على رموز الدولة الجزائرية. وهم الصحافيون أنفسهم الذين يحظون بالحماية الدائمة من قوى أجنبية، تدافع عنها منظمة (مراسلون بلا حدود) بلا هوادة».
وانتقد بلحيمر بشدة المنظمة غير الحكومية التي ترصد الانتهاكات بحق الصحافيين عبر العالم، فقال إن «عدداً من أعضائها يحظون بالاحترام والتقدير لالتزامهم الصادق بالدفاع عن حرية الصحافة؛ لكن هذه المنظمة لا تدافع بالحماس نفسه والثبات عن الصحافيين الآخرين المحترمين في دول أخرى، لا سيما العرب، أو الأفارقة، عندما يتم إسكاتهم ومضايقتهم».
وفي رده على المسؤول الحكومي، تساءل المحامي بادي عن «مصير قرينة البراءة، وأين هي سرية التحقيق»، بحجة أن بلحيمر تدخل في عمل القضاة بخصوص بعض المتابعات التي لا تزال محل تحقيق قضائي، وأن تصريحاته تمثل إدانة لدرارني بينما لم يحاكم بعد. وأضاف المحامي أن «الأمر صار مزعجاً فعلاً، والتحامل على الصحافي المسجون صار واضحاً».
كما تناول بيان الوزير قضية الصحيفة الإلكترونية «إنتر ليني» التي تنشر باللغة الفرنسية، الممنوعة من البث منذ أسبوع، قائلاً إن الحكومة «تفترض أن مالكيها أوقفوها طواعية»، وأن تصريحاتهم حول تعرضهم لعمل رقابي كانت - حسبه - بهدف تحقيق الإشهار لمؤسستهم في نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي.
لكن الرد جاء سريعاً من مدير الصحيفة بوزيد أشعلالن الذي أكد أن «شعبية الموقع الإلكتروني اكتسبها بفضل جهود جبارة يبذلها شباب»، نافياً أن يكون حجبه إرادياً، إذ بالإمكان – حسبه - قراءة الموضوعات المنشورة باستخدام تطبيق يفلت من الرقابة.
يشار إلى أن شركة الاتصالات الحكومية هي الجهة الوحيدة التي تزود بالإنترنت، ويعتقد بأنها هي من حجبت «إنترليني» بقرار من السلطات. في غضون ذلك، يستمر حجب موقع «ماغريب إيمرجنت»، والراديو التابع له «راديو أم» للأسبوع الثاني. وكان بلحيمر قد ذكر في وقت سابق أن سبب تعطيلهما هو أنهما يتلقيان تمويلات من الخارج، وأن القانون الجزائري يمنع ذلك. وبعدها ذكر أن رئيس تحرير الموقع، قاضي إحسان: «تحامل» على الرئيس عبد المجيد تبون في مقال، فتم حجبه وإيداع شكوى في القضاء ضده.
وتضمن بيان الوزير قضية الإعلانات الحكومية التي تعيش عليها وسائل الإعلام الحكومية بشكل حصري، كما تمثل عائداتها نسبة كبيرة من مداخيل المؤسسات الإعلامية الخاصة. لكن تمنح لها بمعيار «الولاء والطاعة» للسلطة، بحسب ما يقوله ملاك صحف عريقة، مثل «الوطن» و«ليبرتيه» و«الخبر». وتعهد الوزير بإعادة النظر في توزيع الإعلانات، محملاً الأخطاء والتجاوزات التي وقعت في هذه القضية، للفريق الذي كان يحكم في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».