«كورونا» يجعل أوراق المراحيض والشاي والثوم سلعاً ثمينة

مجموعة من السلع التي تشهد إقبالاً من قبل المستهلكين في العالم (أ.ف.ب)
مجموعة من السلع التي تشهد إقبالاً من قبل المستهلكين في العالم (أ.ف.ب)
TT

«كورونا» يجعل أوراق المراحيض والشاي والثوم سلعاً ثمينة

مجموعة من السلع التي تشهد إقبالاً من قبل المستهلكين في العالم (أ.ف.ب)
مجموعة من السلع التي تشهد إقبالاً من قبل المستهلكين في العالم (أ.ف.ب)

شكَّل النقص بورق المراحيض أولى حالات الهلع في الولايات المتحدة، وكذلك الدقيق في فرنسا، وأوراق الطابعة في ليبيا، فتلك المواد التي افتقدتها رفوف المتاجر كشفت كيف يتعامل العالم مع الحظر جراء جائحة فيروس «كورونا» المستجد.
ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذهب «أوسكار» النقص الأغرب لعام 2020 إلى أفغانستان؛ حيث انتشرت شائعة بأن طفلاً وُلد حديثاً بشاربين نصح بشراء الشاي الأسود، ما دفع بالناس للتدفق إلى المتاجر. ويقول التعليق المرفق بصورة الطفل الذي قيل إنه من ولاية ننغرهار الشرقية، وانتشر كالنار في الهشيم على موقع «فيسبوك»: «سأعيش لمدة ساعتين، وأتيت لأخبركم أن الشاي الأسود هو العلاج لهذا الفيروس». أدى ذلك إلى ازدياد بثلاثة أضعاف في سعر الشاي لفترة وجيزة، قبل أن يعود لسعره المعتاد.
وفي العراق، يعني البقاء في المنزل قضاء فترة طويلة بعد الظهر في مشاهدة التلفزيون أو الدردشة مع الأقارب، وذلك يتطلب حَب دوار الشمس المملَّح، وتلك البذور التي تسمى في الموصل «فستق المفاليس» لرخص ثمنها في الأسواق، وقد نفدت من المتاجر، مع شرائها من قبل الآباء والأبناء الذين يتغيبون منذ مدة عن أعمالهم ودراستهم.
وبالنسبة إلى الليبيين في العاصمة طرابلس التي مزقتها الحرب، كان التعليم المنزلي صعباً بشكل خاص. تقول ناديا العابد، وهي أم بقيت في المنزل مع أطفالها الثلاثة بعد إغلاق مدارسهم: «لقد نفد منا ورق الطابعة، لذا فقد أخرجت جميع جداول أعمال زوجي القديمة غير المستخدمة لهم، لكتابة الدروس وحل تمارين الرياضيات»، وتضيف: «لقد كنت أتوسل إليهم أن يكتبوا بأصغر خط ممكن، وكنت أغريهم بالحلوى».
ويتطلع البعض لحماية أنفسهم من خلال تعزيز مناعتهم بشكل طبيعي، فقد شهدت دول الاتحاد السوفياتي سابقاً في آسيا الوسطى، ارتفاعاً في الطلب، وفي الأسعار، على العشب البرّي، أو ما يدعى بـ«الحرمل» الذي يتم إشعاله في المنازل لدرء المرض وجلب الرخاء.
وفي بلغاريا، سارع الناس إلى شراء الزنجبيل والليمون كمقويات للمناعة، بينما في تونس هجم الناس على الثوم، رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية من أن العلاجات المنزلية مفعولها ضعيف أمام الوباء المنتشر.
ومع اقتراب شهر رمضان، تقوم الأسر المسلمة بتخزين مكونات وجبات الإفطار اليومية على مدى ثلاثين يوماً، وقد جعل ذلك من السميد ودقيق القمح مواد ثمينة في الجزائر. ويقول صاحب متجر في منطقة عاشور في العاصمة الجزائرية، إن «الكميات الصغيرة التي يتم توصيلها إليَّ، أحفظها لزبائني المنتظمين».
وكان البيض هو المعضلة في الأرجنتين، حيث كان سعر 30 بيضة 160 بيزوساً (2.35 دولار)، أما الآن فقد أصبح 240 بيزوساً (3.52 دولار).
وإذا ما شهد عديد من البلدان موجة جديدة من الطباخين والطهاة بسبب الحظر، فإن أستراليا سترى حدائق منزلية تزدهر في جميع أنحاء البلاد. ويقول أليكس نيومان من متجر «يانينغز ويرهاوس» للأجهزة المنزلية: «لقد شهدنا زيادة في شعبية أنواع عدة من النباتات خلال الشهر الماضي». وفي إشارة إلى استعداد الأستراليين لحظر طويل، يتضمن دليل المتجر نفسه نصائح حول النباتات الأسرع نمواً.
وأبلغت المتاجر في فرنسا وإسبانيا واليونان وأجزاء أخرى من أوروبا عن نقص في الدقيق والشوكولاتة والخميرة، مع سعي المواطنين إلى الخَبز في المنازل. ويطلق الرومانيون اليوم النكات عن «تجار الخميرة» بالقول إنهم يجنون ثروة كبيرة ببيعها في السوق السوداء، حتى أن هناك إعلانات عقارية من باب المزاح تقول: «تبديل شقة وسط المدينة مقابل رطل واحد من الخميرة».


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
TT

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.

ويأتي الملف التراثي نتيجة تعاون مشترك بين وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعد الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، وقطر.

وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعاً يستمر منذ الاثنين الماضي وحتى الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في أسونسيون عاصمة باراغواي، للبت في إدراج 66 عنصراً جديداً رُشحَت على أنها تقاليد مجتمعية، وفق «اليونيسكو».

وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء): «نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديداً تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف، وتُستعمل أيضاً لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال».

الحنة تراث ينتقل بين الأجيال (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

وعللت «اليونيسكو» إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها «ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات والحكايات».

من جهته أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مشيراً إلى أن تسجيل الحناء يُعد العنصر التاسع الذي تضيفه مصر إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي منذ توقيعها على اتفاقية 2003، بحسب بيان للوزارة.

وأكدت الدكتورة نهلة إمام رئيسة الوفد المصري أن الحناء ليست مجرد عنصر جمالي، بل تمثل طقساً اجتماعياً عريقاً في المجتمعات العربية؛ حيث تُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، كما أشارت إلى «ارتباط استخدام الحناء بتقاليد شفهية، مثل الأهازيج والأمثال الشعبية، وممارسات اجتماعية تشمل زراعتها واستخدامها في الحرف اليدوية والعلاجية».

وسلط الملف الذي قُدم لـ«اليونيسكو» بهدف توثيقها الضوء على أهمية الحناء بأنها عنصر ثقافي يعكس الروح التقليدية في المجتمعات المشاركة، وكونها رمزاً للفرح والتقاليد المرتبطة بالمناسبات الاحتفالية وفق الدكتور مصطفى جاد، خبير التراث الثقافي اللامادي بـ«اليونيسكو»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل الحناء واحدة من أهم عناصر تراثنا الشعبي، فهي مرتبطة بمعظم مفردات التراث الشعبي المصري والعربي الأخرى؛ وهي وثيقة الارتباط بالنواحي الجمالية والتزيينية، وأغاني الحناء، فضلاً عن الأمثال والمعتقدات الشعبية، والاستخدامات والممارسات الخاصة بالمعتقدات الشعبية، وتستخدم الحناء في الكثير من طقوسنا اليومية، المتعلقة بالمناسبات السعيدة مثل الزواج والأعياد بشكل عام».

الحنة تراث عربي مشترك (بكسيلز)

وأكد جاد أن التعاون العربي تجاه توثيق العناصر التراثية يعزز من إدراج هذه العناصر على قوائم «اليونيسكو» للتراث اللامادي؛ مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقال: «تثمن (اليونيسكو) عناصر التراث الشعبي المشتركة بين الدول، وقد سبق تسجيل عناصر النخلة، والخط العربي، والنقش على المعادن المشتركة بين مصر وعدة دول عربية؛ مما يؤكد الهوية العربية المشتركة».

وأضاف: «نحن في انتظار إعلان إدراج عنصر آخر مشترك بين مصر والسعودية على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بـ(اليونيسكو) اليوم أو غداً، وهو آلة السمسمية الشعبية المعروفة».

وكانت بداية الحناء في مصر القديمة ومنها انتشرت في مختلف الثقافات، خصوصاً في الهند ودول الشرق الأوسط، حتى صارت ليلة الحناء بمثابة حفل «توديع العزوبية» في هذه الثقافات، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية والتحاليل العلمية وثقت دور الحنة باعتبارها مادة أساسية ذات أهمية كبيرة في الحياة اليومية للمصريين القدماء»، وتابع: «بخلاف استخدامها في الأغراض التجميلية مثل صبغ الشعر، فقد تمت الاستعانة بها في الطقوس الجنائزية؛ إذ يعتقد استخدامها في التحنيط، كما كانت جزءاً من الممارسات الروحية لتحضير المومياوات للحياة الآخرة، فضلاً عن صبغ الأقمشة والجلود».

ارتبطت الحناء بالمناسبات والأعياد (بكسيلز)

الفنان العُماني سالم سلطان عامر الحجري واحد من المصورين العرب الذين وثقوا بعدستهم استخدام الحنة في الحياة اليومية، وسجّل حرص الجدات على توريثها للأجيال الجديدة من الفتيات الصغيرات، يقول الحجري لـ«الشرق الأوسط»: «الحنة في سلطنة عمان هي رمز للفرحة، ومن أهم استخداماتها تزيين النساء والأطفال بها في عيد الفطر، حيث عرفت النساء العربيات منذ القدم دق ورق الحناء وغربلته ونخله بقطعة من القماش وتجهيزه، مع إضافة اللومي اليابس (الليمون الجاف)، لمنحها خضاب اللون الأحمر القاتم، وذلك قبل العيد بعدة أيام، ثم يقمن بعجن الحناء المضاف له اللومي الجاف بالماء، ويتركنه لفترة من الوقت، وقبل النوم يستخدمن الحناء لتخضيب اليدين والرجلين للنساء والفتيات».