«الوطني الليبي» ينفي استخدام «غازات سامة»... ويسيّر دوريات في طرابلس

المسماري يتهم «الغزاة الأتراك وعملاءهم الخونة» ببث الإشاعات

ليبيون يتبضعون في سوق شعبي وسط بنغازي استعدادا لشهر رمضان الفضيل (رويترز)
ليبيون يتبضعون في سوق شعبي وسط بنغازي استعدادا لشهر رمضان الفضيل (رويترز)
TT

«الوطني الليبي» ينفي استخدام «غازات سامة»... ويسيّر دوريات في طرابلس

ليبيون يتبضعون في سوق شعبي وسط بنغازي استعدادا لشهر رمضان الفضيل (رويترز)
ليبيون يتبضعون في سوق شعبي وسط بنغازي استعدادا لشهر رمضان الفضيل (رويترز)

أعلن «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي بدأ تسيير دوريات أمنية للمرة الأولى في المناطق الخاضعة لسيطرته في العاصمة طرابلس، ترحيبه بأي تحقيق دولي في اتهامه باستخدام «أسلحة كيماوية» في المعارك، التي يخوضها ضد قوات حكومة «الوفاق» المعترف بها دوليا، برئاسة فائز السراج، مجددا أمس نفيه لها جملة وتفصيلا.
واتهم اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، من وصفهم بـ«الغزاة الأتراك وعملائهم الخونة فيما يعرف بحكومة السراج» بمحاولات «بث إشاعات عن استخدام الجيش للغازات السامة في محور صلاح الدين»، جنوب العاصمة. وقال في بيان له أمس: «بعد تحليل أهداف هذه الإشاعات الخبيثة، يتضح لنا بحث العصابات الإرهابية عن حجة لإقناع الرأي العام بتدخل القوات الجوية التركية بالطائرات المقاتلة، وكذلك لاستخدام الغازات السامة لاستهداف مواقع الجيش». وطالب البيان «كل من له علاقة بالأزمة الليبية، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمراقبة ذلك عن كثب»، وأكد الاستعداد لإجراء «تحقيق دولي بالخصوص». معتبرا أن «مثل هكذا إشاعات وأكاذيب استعملتها تركيا سابقا في سوريا لتشويه الجيش العربي السوري، وإيهام المجتمع الدولي لتغطية التدخل التركي الخبيث في القضايا العربية».
وكان فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، اتهم من وصفهم بمرتزقة شركة «فاغنر» الروسية، الذين زعم مشاركتهم في القتال ضمن صفوف «الجيش الوطني» باستخدام غاز الأعصاب المحظور دوليا ضد قوات حكومته جنوبي العاصمة طرابلس، وقال في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس، «لقد تعرض مقاتلونا في محور صلاح الدين لغاز الأعصاب من قبل قوات حفتر، فتم شلهم وقنصهم، وهذا العمل لا يتم إلا من (الفاغنر)».
وأعرب أغا عن قلقه من محاولات بعض الدول المعادية، التي لم يحددها، لإيجاد موضع قدم لها في «الجنوب الليبي»، مضيفا: «لن نسمح للأجانب الحالمين بإمبريالية جديدة في المنطقة أن يجدوا غاياتهم». وبعدما اتهم المشير حفتر بتكثيف القتال، حذر أغا من أن استمرار استهداف المواقع المدنية والمنشآت الطبية من شأنه تقويض الجهود، التي تبذلها حكومته لاحتواء جائحة «كورونا». كما اتهم قوات «الجيش الوطني» بإطلاق سراح السجناء من سجن صرمان أثناء العمليات العسكرية، التي جرت في المدينة قبيل سيطرة قوات «الوفاق» عليه. وقال بهذا الخصوص: «نحن نعمل حاليا على ضبط السجناء، الذين فروا من أماكن الاحتجاز». نافيا وجود سجناء فارين يتبعون تنظيم «داعش»، أو من مهربي البشر.
في سياق ذلك، أوضح أغا أن قواته تحاصر قوات «الجيش الوطني» في الوطية وترهونة، وقال بهذا الخصوص: «سوف ترون نهاية مشروع حفتر في المنطقة الغربية قريباً جداً».
بدورها، قالت «قوة حماية ترهونة»، التابعة لحكومة السراج، إنها أحبطت ما وصفته «محاولة التفاف فاشلة قامت بها قوات الجيش الوطني» في محور الرواجح، ما أدى لقتل وجرح عدد من الفلول الهاربة، بعد ما تم استهدافهم بالمدفعية، واعتبرت أن «مسألة الحسم العسكري للمدينة باتت قريبة جداً». وقالت في بيان لها في وقت متأخر من مساء أول من أمس، إن مدفعيتها قصفت تجمعا للجيش وآلية عسكرية.
في المقابل، قال «الجيش الوطني» في بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابع له، إن قواته طردت الميليشيات من الحدود الإدارية لمدينة ترهونة، وسط ما وصفه بهروب جماعي، لافتا إلى أنه تم أيضا القبض على أكثر من 15 من عناصر هذه الميلشيات، من بينهم مرتزقة سوريون.
وفي العاصمة طرابلس، قال الجيش في بيان مقتضب إن اللواء المبروك الغزوي، آمر مجموعة عمليات المنطقة الغربية بالجيش، بدأ في تسيير دوريات مشتركة للوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية في المناطق، التي تقع تحت سيطرة قواته داخل المدينة.
إلى ذلك، أعلن مجلس النواب الليبي أنه بصدد توجيه دعوة للأمم المتحدة، والمجتمع الدولي لحثهم على تبني مبادرة لإعادة تشكيل مجلس رئاسي جديد للبلاد، يتكون من رئيس ونائبين فقط، بدلا من المجلس الحالي لحكومة السراج، الذي يضم تسعة أعضاء، ثلاثة منهم على الأقل يقاطعون أعماله منذ فترة طويلة. وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس عبد الله بليحق في تصريح صحافي، أول من أمس، إنه تم الاتفاق خلال اجتماع عقده رئيسه عقيلة صالح ورؤساء لجانه الدائمة على أن يمثل الأعضاء الثلاثة أقاليم ليبيا التاريخية، وأن يقوم كل إقليم بالتوافق على ممثله، وتكوين حكومة وحدة وطنية، يسمى رئيسها من غير أعضاء المجلس الرئاسي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.