لبنان: فوضى عارمة مع تحليق الدولار قريباً من 4 آلاف ليرة

مضاربات حامية وتدخل عكسي لـ{المركزي» يعظّم الطلب

زحمة أمام أحد فروع «ويسترن يونيون» في بيروت خلال اليوم الأخير لتسليم العملات الصعبة من خارج الجهاز المصرفي (أ.ب)
زحمة أمام أحد فروع «ويسترن يونيون» في بيروت خلال اليوم الأخير لتسليم العملات الصعبة من خارج الجهاز المصرفي (أ.ب)
TT

لبنان: فوضى عارمة مع تحليق الدولار قريباً من 4 آلاف ليرة

زحمة أمام أحد فروع «ويسترن يونيون» في بيروت خلال اليوم الأخير لتسليم العملات الصعبة من خارج الجهاز المصرفي (أ.ب)
زحمة أمام أحد فروع «ويسترن يونيون» في بيروت خلال اليوم الأخير لتسليم العملات الصعبة من خارج الجهاز المصرفي (أ.ب)

تسود فوضى عارمة سوق القطع الموازية في بيروت، مع تخطي سعر الدولار الحواجز السعرية النفسية، بتأثير من زيادة حدة تقنين صرف الدولار النقدي جراء التدخل العكسي لمصرف لبنان المركزي، الذي انضم بثقله النوعي الكبير إلى صفوف طالبي العملة الخضراء عبر إلزام شركات الأموال بتوريد التحويلات الواردة من الخارج إلى صناديقه وتسديدها بالليرة إلى المواطنين.
وأظهر الازدحام الخانق أمام المكاتب العاملة لشركتي «أو إم تي» و«ويسترن يونيون» في اليوم الأخير لتسليم العملات الصعبة (البنكنوت) من خارج الجهاز المصرفي، جانباً من حدة الاختناق النقدي بالدولار، والمرشح لبلوغ شبه الانسداد الكلي؛ إذ سيقتصر؛ بدءاً من اليوم (الجمعة)، على «الأموال الطازجة (Fresh money)» الواردة عبر المصارف حصراً. علماً بأن هذه الآلية تشوبها عيوب لجهة الالتزام بصرف كامل مبلغ التحويل، واشتراط الموعد المسبق ونسب العمولة... وسواها.
وارتفعت موجة قلق مستجدة من تمدد شهية البنك المركزي إلى كامل التحويلات الواردة من الخارج، بما يشمل الأموال الجديدة، بعدما فرض - وخلافاً لتعميم سابق - على المؤسسات غير المصرفية كافة، التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الإلكترونية، أن تسدد قيمة أي تحويل نقدي إلكتروني بالعملات الأجنبية وارد إليها من الخارج بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق، وأن تبيع من الوحدة الخاصة المنشأة في مديرية العمليات النقدية لديه العملات النقدية الأجنبية الناتجة من هذه العمليات. وأقر مصرفيون تواصلت معهم «الشرق الأوسط» وطلبوا عدم ذكر أسمائهم، بأن «التعاملات النقدية تخطت كل الضوابط، ولم يعد البنك المركزي اللاعب الأقوى في السوق بعدما فقد (سلاح) التدخل الحاسم لعرض العملة الخضراء في سوق القطع، واضطراره إلى دخول حلبة المنافسة على حيازة الدولارات المتوفرة لدعم احتياطاته، وذلك عبر تحديد قناة سيولة بالليرة حصراً للمودعين بالدولار لدى المصارف وللتحويلات الواردة عبر مؤسسات الأموال غير المصرفية، وبسعر يقل بنسبة تتراوح بين 25 و50 في المائة عن سعر التداول في السوق الموازية».
وأكد المصرفيون أن حاجة البنك المركزي إلى حيازة التحويلات الواردة بالعملات الصعبة عبر شركات الأموال لتعويض النزف في احتياطه، عظمت حجم الطلب على الدولار لدى الصرافين مقابل انحسار كبير في حركة العرض. وهكذا تحرك سعر الدولار في يومين فقط من مستواه القياسي السابق عند 3300 ليرة، ليقترب سريعاً من عتبة 4000 ليرة، بعدما وصل إلى نحو 2800 ليرة أمس وسط مضاربات محمومة وموجة شائعات تتحدث عن انفلات أوسع نطاقاً من خلال عروض مصرفية بمضاعفة الوديعة للدولارات النقدية.
وتمثل شريحة التحويلات الواردة عبر شركات الأموال غير المصرفية ما بين 5 و7 ملايين دولار يومياً، أو ما يوازي ما بين 1.5 و1.7 مليار دولار سنوياً من إجمالي يتراوح بين 7 و7.5 مليار دولار تمثل متوسط التحويلات السنوية الواردة من لبنانيين عاملين في الخارج ومغتربين. ومن شأن التزام صرفها بالليرة حصراً، وبالسعر الذي تحدده المنصة الموعودة التي يزمع البنك المركزي إطلاقها، التسبب في خسائر فادحة لأصحاب الحقوق. علما بأن التأخير في إطلاق آلية التسعير الجديدة عبر ثلاثية «المركزي» و«المصارف» و«شركات الصيرفة من الفئة الأولى» يساهم بدوره في تعزيز عوامل الفوضى، وفي انكفاء المودعين عن السحب من مدخراتهم المحررة بالدولار، بسبب السعر المتدني الذي تعرضه المصارف.
فغالباً ما تتوزع مبالغ هذه التحويلات بين 300 و2000 دولار لكل منها، وتكون مرسلة من عاملين في الخارج لعائلاتهم. وبموجب الآلية الجديدة؛ سيجري صرف كل دولار بنحو 2600 ليرة، أي ما يقل بنحو ما بين 1000 و1200 ليرة عن السعر الفعلي لدى الصرافين. وبذلك يرتقب أن تضطرب هذه العمليات في الفترة المقبلة، ويمكن أن تصب في القنوات المصرفية التي لا تزال تسدد الدولار النقدي.
ويجزم المصرفيون بأن «التأخير والمماطلة في طلب المعونة المالية الدولية، وبالتحديد عبر برنامج خاص مع صندوق النقد الدولي ما دامت لا تتوفر منافذ بديلة، يضع البلد بمواجهة انسداد تام في السيولة وتدحرج كرة تداعيات لا تؤمَن ارتداداتها ومفاعيلها على التحركات الشعبية والاستقرار الداخلي. وثمة رصد لدى الجهات الرسمية لعودة الاحتجاجات بزخم أعلى وأشد من سوابقها التي تمددت لأشهر قبل الحجر الصحي وإعلان التعبئة العامة ضمن إجراءات جَبْه وباء (كورونا)».
ومن باب الاستدلال؛ يشير المصرفيون والخبراء إلى «تدني احتياطي البنك المركزي من العملات إلى نحو 20 مليار دولار، والمتوفر منه للاستخدام قبل بلوغ (الخط الأحمر) بالكاد يكفي لتغطية تمويل السلع الاستراتيجية كالقمح والأدوية والمحروقات لأشهر عدة مقبلة، بينما تحتكم العمليات التجارية المتصلة بسائر المستوردات إلى سعر الدولار في السوق الموازية؛ وتنعكس بصورة فورية على أسعار السلع والمواد الاستهلاكية التي تشهد ارتفاعات يومية، وبالتوازي تتدنى بوتيرة عكسية القدرات الشرائية لدى المستهلكين».
وفي المحصلة؛ يرجح الخبراء أن الضغوط المتزايدة على البنك المركزي والمصارف والمودعين «مرشحة لتوليد تداعيات مؤلمة أكثر في الأوضاع المالية والنقدية المزرية أصلاً»، بينما تترقب الأسواق فحوى التحركات الحكومية ذات الصلة التي بدأت أمس باجتماع رئيس الجمهورية ميشال عون مع حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، وتستكمل اليوم بجلسة لمجلس الوزراء، تعقبها تصريحات منتظرة لرئيس الحكومة حسان دياب بشأن التطورات ذات الصلة.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.