الجيش الليبي يعتقل «مرتزقة سوريين»... ويصد هجوماً لـ«الوفاق»

البعثة الأممية تجدد دعوتها إلى«هدنة إنسانية»

قوات موالية لحكومة «الوفاق» تقيم حاجزاً قرب بلدة القرة بوللي شرق طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة «الوفاق» تقيم حاجزاً قرب بلدة القرة بوللي شرق طرابلس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يعتقل «مرتزقة سوريين»... ويصد هجوماً لـ«الوفاق»

قوات موالية لحكومة «الوفاق» تقيم حاجزاً قرب بلدة القرة بوللي شرق طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة «الوفاق» تقيم حاجزاً قرب بلدة القرة بوللي شرق طرابلس (أ.ف.ب)

كشف «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، عن اعتقال «مرتزقة سوريين»، وصد هجوم لـ«الوفاق»، مؤكداً مشاركة عناصر «عسكرية تركية» في المعارك، التي يخوضها على أكثر من جبهة ضد القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، فيما بدا أنه بمثابة رد على تصعيد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لحربه الكلامية ضد حفتر. وفي غضون ذلك، دعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، مجدداً، إلى «إنهاء فوري» لما وصفته بـ«الحرب العبثية» في البلاد.
وعزز «الجيش الوطني» من حجم ونوعية قواته المتواجدة بغرب البلاد، استعداداً على ما يبدو لشن هجوم وشيك على مدن الساحل الغربي، خاصة صرمان، الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس، وصبراتة التي تقع غربي صرمان، لطرد قوات «الوفاق»، التي سيطرت عليها قبل أيام، وذلك بعد عام كامل من خضوعها لسيطرة قوات الجيش.
وفرض حفتر سرية كاملة على تحركات الجيش في هذه المنطقة، بينما تحدثت مصادر عسكرية عن «استعدادات ضخمة برية وجوية لشن الهجوم المضاد».
وفى العاصمة طرابلس، أعلن «الجيش الوطني» أن قواته البرية، التي لا تزال تسعى لفتح ثغرات في الدفاعات المستحكمة لميليشيات حكومة السراج في محاور القتال بجنوب المدينة، أحكمت مساء أول من أمس، سيطرتها على مناطق جديدة في ضاحية أبو سليم.
كما أكد «الجيش الوطني» إحباط قواته لهجوم شنته ما وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية والإجرامية»، بعد محاولتها التقدم نحو «قاعدة عقبة بن نافع» الجوية بمنطقة «الوطية» غرب البلاد. وقال الناطق الرسمي باسمه، اللواء أحمد المسماري، في بيان أصدره في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، إن قواته التي استهدف الهجوم جس نبضها «صدت هذه الميليشيات ولاحقتها، وغنمت سيارة مسلحة ومدرعة تركية، ووقع أسرى من العدو وكثير من القتلى والمصابين».
وأوضح المسماري، أنه تمت مطاردتهم إلى منطقة الجميل. لافتاً إلى أن وحدات الجيش «سيطرت أيضاً على العقربية، وأقامت فيها بوابات، ونشرت استطلاعاً متقدماً حول مناطق السيطرة الجديدة».
وكان المسماري أعلن في بيان مقتضب مساء أمس، أن قوات الجيش تمكنت من القضاء على عناصر إرهابية خطيرة في محاور طرابلس. لكنه لم يوضح أي تفاصيل أخرى. كما بث المسماري لقطات فيديو تظهر مشاركة «عناصر عسكرية» تركية في القتال، إلى جانب من وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية»، في إشارة إلى القوات الموالية لحكومة «الوفاق» في العاصمة طرابلس.
بدورها، بثت شعبة الإعلام الحربي للجيش الوطني مشاهد مصورة، قالت إنها «لوصول أسرى عناصر الحشد الميليشياوي» إلى مدينة بنغازي (شرق)، ومن بينهم «مرتزقة موالون لتركيا يحملون الجنسية السورية»، بعد أن تم أسرهم في عددٍ من المحاور، ومنها محور بوسليم - طرابلس، ومحور بوقرين شرق مدينة مصراتة.
في المقابل، أعلنت عملية «بركان الغضب»، التابعة لقوات السراج مساء أول من أمس، إصابة 5 مسعفين في قصف بصواريخ (غراد) استهدف مستشفيين ميدانيين بوادي الربيع.
في غضون ذلك، أعربت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عن قلقها إزاء تدهور الوضع الإنساني في طرابلس والمناطق المحيطة بها، جراء اشتداد حدة القتال في الأيام الماضية. وجددت البعثة في بيان، مساء أول من أمس، دعوتها إلى «هدنة إنسانية» لإتاحة الفرصة لليبيين للتهيؤ لشهر رمضان بسلام، وإفساح المجال للسلطات لتقديم الخدمات، التي تشتد الحاجة إليها ومعالجة الجرحى، والتصدي للتهديد المتصاعد لجائحة كورونا، معبرة عن استيائها البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في ترهونة؛ وذلك بسبب التصعيد العسكري في المدينة وما حولها؛ ما أدى إلى موجة نزوح جديدة للمدنيين.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».