البرلمان التونسي يسائل وزير الصناعة في قضية «صفقة مشبوهة»

حزب معارض يهدد باللجوء للقضاء لمحاسبة رئيس الحكومة

TT

البرلمان التونسي يسائل وزير الصناعة في قضية «صفقة مشبوهة»

قال صالح بن يوسف، وزير الصناعة التونسي، أمام لجنة برلمانية تعهدت أمس بمساءلته حول صفقة مشبوهة لكمامات طبية متعددة الاستعمالات، إنه يعتذر إذا كان ارتكب خطأ... مشدداً على أنه لم يخطئ في الأساس، وهو ما أعاد الجدل إلى مربعه الأول، وأثار انتقادات جديدة بشأن خرق الدستور، الذي يمنع تضارب المصالح بين نواب البرلمان والحكومة، وعدم اعتراف الطرف الحكومي، ممثلاً في رئيس الحكومة ووزير الصناعة، بخرق القانون في هذه الحالة.
وخلال الجلسة البرلمانية نفى وزير الصناعة وجود أي شبهة فساد فيما يعرف بـ«صفقة مليوني كمامة»، واعتبر أن عملية اختيار الشركة المصنعة لها «جاءت بعد أن عبر صاحب المؤسسة عن قدرته على تصنيع مليوني كمامة خلال أسبوعين، في ظل طلب الحكومي المستعجل»، مؤكداً لأعضاء اللجنة البرلمانية أن الاتصال بهذه الشركة التي يملكها أحد أعضاء البرلمان، «تم بناءً على عملية بحث ضمن قائمة المصنعين، وانتهت إلى إيجاد هذه الشركة التي حصلت على علامة (إيزو)، والتي تصدّر منتجاتها بالكامل إلى الخارج». كما أوضح أن تصنيع مليوني كمامة من قبل هذه الشركة «كان سيوفر على تونس، مبلغ دينارين (نحو 0.7 دولار) عن كل كمامة».
وإزاء تمسك الحكومة بموقفها وإقرارها بقانونية هذه الصفقة، استنكرت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، بشدة تصريحات الحكومة التي حاولت تبرير صفقة الكمامات، معتبرة أنها «تشريع لخرق القانون، وإطلاق ليد المسؤولين التونسيين لتجاوز التشريعات، وتجاهل منظومة مكافحة الفساد، ومحاولة مبطنة للتأثير على القضاء الذي تعهد ببحث الملف». وأكدت أن حزبها سيلجأ للقضاء للمطالبة بمحاسبة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، والوزراء المخالفين لإسنادهم منافع للغير ليس لهم فيها، كما سيطعن أمام القضاء الإداري لإيقاف تنفيذ وإلغاء قرارات منح صفقات عمومية مخالفة لقوانين الوظيفة العمومية وللدستور.
وكانت لجنة مكافحة الفساد في البرلمان قد برأت ساحتها من صفقة الكمامات الطبية، التي اعتبرتها «مشبوهة»، بتأكيد عقد جلسة سريعة في 16 من أبريل (نيسان) الحالي للاستماع إلى وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، ورئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس، موضحة أن تفاصيل هذه الجلسة منشورة على قناة «يوتيوب» الخاصة بالبرلمان. كما وجهت طلباً رسمياً إلى الحكومة لمدّها بتقرير المهمة الرقابية، التي تمّ تكليف الهيئة العامة للرقابة، بما يسمح للجنة بتوخي منهجية تمكنها من بلوغ أدق النتائج والمخرجات.
وأضافت اللجنة، أنها لم تتطرق خلال الجلسة المذكورة إلى شبهة ضلوع عضو من اللجنة في ملف تصنيع مليوني كمامة طبية، مبرزة أن الوزير شرح في ردّه على استفسارات النواب حيثيات الملف ومساره في ظل الظرف الاستعجالي للتزود بالكمامات، ولم يفصح بالاسم عن الطرف المعني، وهو ما يدحض كل ادعاء باطل بعدم كشف اللجنة عن النائب البرلماني، الذي له صلة بالموضوع.
كما أفادت اللجنة، بأنها خلُصت إلى توجيه مجموعة من الأسئلة الكتابية التكميلية، وإلى إقرار جلسة استماع ثانية إلى وزير الصناعة لتوضيح عدّة نقاط عالقة، مشيرة إلى أن ذلك يدعم مقاربتها القانونية في تناول هذا الملف.
على صعيد غير متصل، أكدت حياة بن إسماعيل، رئيسة الهيئة العامة لتفقد الشغل، التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، أن من ينهي عقد العمال بسبب أزمة «كورونا» يعتبر قراره «طرداً تعسفياً يستوجب التعويضين المادي والأدبي». موضحة، أن الفصل 14 من قانون الشغل ينص على إنهاء عقد الشغل عند تعذر الإنجاز الناتج، إما عن أمر طارئ، أو قوة قاهرة، وما عدا ذلك يعتبر تعسفياً.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.