اليونان تعيد لتركيا سفينة بعد إنهاء ركابها الحجر الصحي

TT

اليونان تعيد لتركيا سفينة بعد إنهاء ركابها الحجر الصحي

أعادت اليونان إلى تركيا عشرات الأشخاص كانوا وُضعوا في الحجر الصحي داخل سفينة سياحية قرب العاصمة أثينا. وتم نقل هؤلاء عبر ست حافلات دخلت الأراضي التركية عبر معبر برية في مدينة أدرنة الحدودية، قبل أن يوضعوا مجدداً في الحجر الصحي في مساكن طلابية بمدينتي تاكيرداغ وجناق قلعة. وكان السفير التركي لدى اليونان قد أعلن عن عملية لإجلاء 152 من مواطنيه و8 أجانب، كانوا في الحجر الصحي على متن السفينة.
وكانت السلطات اليونانية قد فرضت في 3 أبريل (نيسان) الحالي، الحجر الصحي على طاقم السفينة وركابها في ميناء بيريوس غرب أثينا، بعد تشخيص إصابات بفيروس «كورونا» بين الركاب. وكانت السفينة تقل طاقما مكونا من 37 شخصا، و160 مواطنا تركيا و187 من جنسيات مختلفة.
يذكر أن السفينة اليونانية مستأجرة من قبل شركة تركية، وكانت تحمل عمال بناء السفن إلى مقاطعة قادس في جنوب إسبانيا، لكن تم إبعادها عن وجهتها بعد أن فرضت إسبانيا قيودا على السفر ضمن إجراءات التصدي لفيروس «كورونا»، وعندما عادت السفينة إلى تركيا، رفض القبطان قرار السلطات التركية قبول المواطنين الأتراك فقط وترك الآخرين، ولذلك عاد بالسفينة إلى ميناء بيريوس.
في غضون ذلك، تعرض أحد أكبر مخيمات المهاجرين في اليونان، إلى تدمير أجزاء كبيرة منه، بعد أعمال عنف رافقها اندلاع حريق، على خلفية وفاة لاجئة عراقية تعيش فيه. وقال السكرتير العام لوزارة الهجرة المسؤول عن استقبال اللاجئين، مانوس لوغوتيس إن الحريق الذي أتى على مخيم فيال الواقع في جزيرة خيوس أدى إلى تدمير مرافق خدمة اللجوء الأوروبية ومطعم وخيام وحاويات مجهزة للسكن وقسم كبير من مركز الخدمات الإدارية في المخيم تم تدميره دون وقوع إصابات.
وتحدث مصدر بالشرطة عن توقيف ثلاثة أشخاص على علاقة بأعمال العنف التي اندلعت بعد وفاة طالبة لجوء عراقية (47 عاما) السبت الماضي في المخيم، حيث كانت قد دخلت المستشفى بعد إصابتها بحمى، ونتائج فحصها لم تثبت إصابتها بفيروس «كورونا».
ودأب الكثير من المهاجرين في المخيمات المزدحمة بالجزر اليونانية على ارتكاب مثل هذه الأعمال العنيفة. وبالرغم من الأزمة المالية التي تعاني منها اليونان، فإن السلطات تحاول احتضان اللاجئين ومساعدتهم، وفي هذا الإطار تولي وزارة الهجرة واللجوء اهتماما ببناء مخيمات جديدة وتحسين إدارة هذه المخيمات، ومحاولة التخلص من أي أعباء أو مشاكل يواجهها اللاجئون، كما تم تسريع إجراءات البت في ملفات اللجوء، وتسفير أطفال قصر غير مصحوبين إلى دول أوروبية أخرى غنية لضمان حياة أفضل، كان آخرها مجموعة مكونة من 47 طفلا توجهت إلى ألمانيا السبت الماضي.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».