للمرة الأولى منذ عقود، اختفت مظاهر الاحتفال بعيد «شم النسيم» في معظم المدن المصرية أمس، حيث اكتفى ملايين المواطنين بتناول الفسيخ والرنجة وما يصاحبهما في ذلك اليوم على غرار البصل والخس، والبيض الملون، مع ظهور ضيف جديد هذا العام بجوار المائدة، وهو المطهرات التي تُستخدم في تعقيم كل مستلزمات الطعام والشراب الواردة من خارج المنازل في يوم «شم النسيم».
وبعد العزلة الإجبارية التي فرضتها السلطات المصرية عبر إغلاقها جميع المتنزهات والحدائق والشواطئ للحد من انتشار عدوى كورونا في البلاد، لم يجد مصريون سبيلاً آخر لممارسة طقوسهم التي يمتد جذورها منذ زمن الفراعنة، سوى تناول الأسماك المملحة التي تفننوا في إعدادها، وتنافسوا على نشر صور الموائد التي تزينت بها على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، في محاولة منهم لإضفاء البهجة على ذلك اليوم الذي تتخذه مصر إجازة رسمية في جميع الأنحاء.
اختفاء مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم في مصر امتد كذلك إلى القرى المصرية البعيدة عن المدن، ففي محافظة القليوبية كان يعتاد مئات الشباب والأطفال الاحتفال بهذه المناسبة على الطرق الفرعية وسط حدائق البرتقال ذات الروائح المميزة، وكانوا يصطحبون مكبرات صوت ضخمة وسيارات لتشغيل الأغاني الصاخبة، لكن وفق محمود شرع الله (40 سنة) موظف حكومي فإن الأحوال تبدلت هذا العام حيث غاب معظم المحتفلين بعدما تم التنبيه أول من أمس على السكان بعدم الخروج من المنزل.
ولإدخال البهجة في نفوس أبنائه، حرص «شرع الله» على شراء ما تيسر من أسماك الرنجة والفسيخ، لتناولها على وجبة الإفطار كما اعتاد منذ سنوات: ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أشترِ سوى كيلو فسيخ واحد، بسبب ارتفاع سعره، الذي يتراوح ما بين 150 جنيهاً إلى مائتي جنيه، بينما اشتريت 2 كيلو رنجة، بسعر 40 جنيهاً مصرياً للكيلو الواحد (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري). نريد المحافظة على طقوس العيد والاهتمام بأساسيات الغذاء الأخرى في الأيام الصعبة التي نعيشها لا سيما أن شهر رمضان على الأبواب».
ورغم قرارات حظر الاحتفال بعيد شم النسيم في جميع أنحاء البلاد، فإن بعض المواطنين تمسكوا بالاحتفال به وخصوصاً في قرى محافظة الشرقية بحسب محمد أحمد عطية (25 سنة) عامل بمصنع ملابس، الذي سافر إلى مسقط رأسه بإحدى قرى مركز ديرب نجم (دلتا مصر) من محافظة الجيزة التي يقيم بها للاحتفال مع أسرته بهذه المناسبة كما اعتاد كل عام.
وقدرت شعبة السلع الغذائية بالغرفة التجارية قيمة استهلاك المصريين من الرنجة والفسيخ العام الماضي، بنحو 9 مليارات جنيه تقريباً، بينما قدرت دراسة اقتصادية أعدها الدكتور حمدي عرفة، خبير الإدارة العامة والمحلية، إجمالي ما أنفقه المصريون في ذلك اليوم العام الماضي بمبلغ يتراوح ما بين 15 و18 مليار جنيه مصري.
ويرجع أصل تسمية «شم النسيم»، بهذا الاسم إلى كلمة «شمو» في اللغة الهيروغليفية القديمة، التي ارتبطت عند المصريين القدماء بتاريخ الأرض، وبمرور الوقت تحورت كلمة شمو إلى كلمة شم، ثم «شم النسيم» لارتباط فصل الربيع باعتدال الجو وتفتح الزهور، وفق أساتذة علم المصريات.
وفي محاولة منها لتعويض المواطنين عن الأجواء الاحتفالية التي اعتادوها في ذلك اليوم، بثت «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» حفلاً من دون جمهور على الهواء عبر قناتي «ON»، و«DMC» عصر أمس، احتفالاً بعيد شم النسيم.
وشارك بالحفل كل من المطرب حكيم ومحمود العسيلي ومحمد الشرنوبي، وتم نقله مباشرة من على ضفاف النيل، ليستمتع بها المواطنون في أجواء الحجر المنزلي.
تعقيم «شم النسيم» بمصر... المطهرات تجاور «الفسيخ» ومسارح منزلية للحفلات
بعض الأسر الريفية خرجت إلى الحقول رغم «الحظر»
تعقيم «شم النسيم» بمصر... المطهرات تجاور «الفسيخ» ومسارح منزلية للحفلات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة