«الجيش الوطني» يتقدم جنوب طرابلس ويعلن إحباط هجوم «الوفاق» في ترهونة

اعتقال مفاجئ لشقيق مُعاقب يكشف «صلة تركيا بمهربي البشر»

«الجيش الوطني» يتقدم جنوب طرابلس ويعلن إحباط هجوم «الوفاق» في ترهونة
TT

«الجيش الوطني» يتقدم جنوب طرابلس ويعلن إحباط هجوم «الوفاق» في ترهونة

«الجيش الوطني» يتقدم جنوب طرابلس ويعلن إحباط هجوم «الوفاق» في ترهونة

كشف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر النقاب عن علاقة تركيا بمهربي البشر المطلوبين دولياً في البلاد ويقاتلون ضده لصالح القوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، في وقت أعلن الجيش أن قواته دحرت هجوماً جريئاً لقوات الوفاق في مدينة ترهونة بالغرب وكبدتها خسائر فادحة، وحققت تقدماً في المعارك التي خاضتها ضدها في العاصمة طرابلس. والتزمت بعثة الأمم المتحدة والسفارة الأميركية الصمت حيال هذه التطورات، لكن السفارة البريطانية في طرابلس، دعت في بيان مقتضب أمس بثته عبر موقع «تويتر» إلى وقف أعمال التصعيد، وقالت: «نـشعر بقلق بالغ تجاه أعمال العنف في غرب ليبيا ووقوع ضحايا بين المدنيين، ونحث على أنه يجب أن يتوقف القتال لغاية إنقاذ الأرواح، والاستجابة للتهديد العالمي لفيروس كورونا المستجد».
وفي أول تعليق رسمي له حول الهجوم الأول من نوعه لميليشيات حكومة السراج، منذ إعلان حفتر تحريك الجيش لتحرير طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) العام الماضي، أكد الجيش الوطني أن «قواته تصدت لما وصفه بمحاولات بائسة للاقتراب من مدينة ترهونة قامت بها الجماعات الإرهابية ومجموعات الحشد الميليشياوي الموالية للعدوان التركي وتحت غطاءٍ جوي تركي».
وقال في بيان مدعوم بصور، أصدره في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس: «جنودنا البواسل كانوا لهم بالمرصاد، وتمكنت القوات المُسلحة من التصدي لهذه المحاولات ودحرت العدو وردته على عقبه خاسراً»، مشيراً إلى أن «هذه الجماعات تكبّدَت خسائر كبيرة وتم أسر العديد من أفرادها والتحفظ على عددٍ من جُثثهم التي تركوها مُلقاة في العراء، بعد أن ولّوا الدبر أمام قسوة ضربات وحداتنا».
وكان الجيش الوطني الذي يسيطر على شرق وجنوب ليبيا ويتمركز حول ضواحي طرابلس منذ عام، أعلن أيضاً أنه حقق تقدماً مساء أول من أمس في معارك داخل طرابلس، وقال بيان مقتضب لشعبة إعلامه الحربي، إن وحداته العسكرية بسطت سيطرتها على مواقع جديدة في محور عين زارة في جنوب المدينة، بعدما أحكمت السيطرة على منطقة القبايلية.
وطبقاً للشعبة أسقطت أمس منصات الدفاع الجوي بالجيش الوطني طائرة تركية في منطقة الوشكة في منطقة أبو قرين شرق مدينة مصراتة، علماً بأن الجيش الوطني قال مساء أول من أمس في بيان إنه دمر أيضاً عدداً من الآليات والعربات العسكرية التابعة لمجموعات الحشد الميليشياوي في المنطقة نفسها في سلسلة غارات جوية.
في المقابل، واصلت أمس الميليشيات الموالية لحكومة السراج والمشاركة في عملية بركان الغضب، لليوم الثاني على التوالي الهجوم على ترهونة، وأعلنت استئناف العمليات العسكرية نحو المدينة، بعدما ادعت أن مرحلتها الأولى حققت أهدافها، وقالت على لسان الناطق باسم قواتها إنها قصفت في ضربتين جويتين آلية مصفحة وعناصر للجيش الوطني في منطقة المصابحة في ترهونة لمساندة قواتها البرية فيما وصفته باستئناف لتقدمها. وقالت مصادر إن الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق ستسيطر على قاعدة الوطية ومدينة ترهونة الاستراتيجيتين غرب طرابلس، وهي مسألة وقت وقد تتحقق خلال 3 أسابيع، معتبرة أن سلاح الجو هو الذي سيحسم المعركة. كما ألقت منشورات باللغتين العربية والروسية فوق مدينة ترهونة، في إشارة إلى مزاعم عن مشاركة مرتزقة روس في القتال إلى جانب الجيش الوطني، دعت فيها أهالي المدينة للابتعاد عن أماكن وجود المسلحين وعدم السماح بوجودهم، معتبرة أن المعركة حسمت عسكرياً.
وفي منشورها باللغة الروسية، خاطبت قوات الوفاق المعنيين قائلة: «يجب أن تتراجعوا الآن وتتركوا القتال، فقد قررنا أنه لا يوجد سلام معكم وسنقتل كل من يرفض ترك السلاح، هذه فرصة أخيرة لكم. نار البركان تذيب ثلوج موسكو».
كما ادعت قوات الوفاق أنها أسقطت طائرة للجيش كانت تقصف أهدافاً مدنية في محيط أبو قرين، مشيرة إلى أن الطائرة كانت مجهزة بصواريخ موجهة. ونقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن الناطق باسم غرفة عمليات سرت الجفرة الموالي لها، سقوط قتلى وجرحى من قوات الجيش جراء استهداف تمركزاتهم بالمدفعية بالطريق الساحلي في الوشكة.
وكانت قوات الوفاق اتهمت مجدداً قوات الجيش الوطني بقصف مناطق سكنية في طرابلس، وقالت في بيان لها مساء أول من أمس إنه «في محاولة يائسة منها لتعويض خسائرها استهدفت منازل المواطنين في عرادة بصواريخ غراد، ما أدى إلى إصابة 10 مواطنين بينهم 4 أطفال».
كما أعلنت أن سلاحها الجوي نفذ 17 ضربة استهدفت أفراداً وآليات وتمركزات للجيش الوطني في مدينة ترهونة الاستراتيجية، جنوب طرابلس، وبثت مشاهد تُظهر سيطرة قواتها على إحدى الدبابات خلال تقدمها، ومطاردة ما وصفتها بالفلول الهاربة بعد أن قبضت على 102 عنصر منهم حتى الآن، وفقاً لما أعلنته. وشنت قوات حكومة الوفاق المدعومة دولياً هجوماً شاملاً من 7 محاور على المدينة التي تُعد نقطة الارتكاز الوحيدة للجيش الوطني في زحفه صوب العاصمة. وبعد أيام من سيطرتها على طول الساحل الليبي غرب العاصمة، أعلنت قوات الحكومة التي اعتمدت على دعم عسكري اشتمل على طائرات مسيرة قدمتها تركيا، زحفها عبر هجوم بري ودعم غطاء جوي نحو مدينة ترهونة على بعد نحو 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، التي تمثل غرفة العمليات الرئيسية للجيش الوطني، وقاعدة الإمداد الرئيسية والمهمة لقواته.
وتحاول حكومة السراج التي فشلت في استمالة ترهونة إلى جانبها، أيضاً السيطرة على قاعدة الوطية الجوية التي تبعد نحو 125 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، وكذلك على موطئ القدم الاستراتيجي للجيش الوطني في طرابلس. إلى ذلك، أعلن جهاز النهر الصناعي انفراج أزمة إيقاف المياه وبدء وصولها التدريجي لطرابلس والمناطق المجاورة لها، وأرجع في بيان له، التأخر في الإعلان عن زمن توقع وصول المياه إلى صعوبة الحصول على المعلومات الفنية بسبب الظروف الأمنية السيئة، ووقوع مسارات أنابيب نقل المياه في مناطق عسكرية مغلقة. وفى سياق آخر، أعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، اعتقال قواته لأحد كبار قادة تهريب البشر في المنطقة، وقال في بيان أصدره في ساعة مبكرة من صباح أمس، إن مفرزة من قوات الجيش في محور الطويشة جنوب طرابلس تمكنت من اعتقال المدعو صالح الدباشي، شقيق المهرب المعاقب دولياً المدعو أحمد الدباشي الملقب بـ«العمو». وقال إن المعتقل الذي يعاني من جروح بالغة تم أسره بعد إصابته داخل مدرعة تركية من طراز «كيربي» مع عدد من المرتزقة السوريين والمطلوبين الليبيين المدعومين من تركيا، معتبراً أن هذا «يدل على توسعة تركيا لأنشطتها الإجرامية لكي تشمل دعم كبار المجرمين في المنطقة الغربية وتجار البشر، وهو ما يعتبر تهديداً مباشراً، ليس لمصالح الشعب الليبي فحسب، بل لكل دول المنطقة وحوض المتوسط».
وبحسب المسماري، يعتبر صالح الدباشي المسؤول الأول عن مركز إيواء صبراتة الذي شهد أشنع الجرائم ضد البشرية بحق المهاجرين من بيع ورق وعبودية وتهريب طيلة الفترة ما بين 2012 وحتى 2017. وتولت كتيبة الشهيد أنس الدباشي حراسة الساحل قرب مدينة صبراتة، إحدى بؤر تهريب البشر في ليبيا، بموجب اتفاق مع حكومة السراج لإيقاف الهجرة. غير الشرعية. ويصف تقرير للأمم المتحدة أحمد الدباشي آمر الكتيبة بأنه أحد أكبر الميسرين للتهريب في ليبيا، حيث ترددت معلومات عن تلقيه أموالاً من الحكومة الإيطالية لمنع قوارب المهاجرين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.