خلافات بين الحكومة السودانية و«قوى التغيير» حول تعيين حكام الولايات

«الجبهة الثورية» المسلحة تبدي موافقة مشروطة

قوات أمنية تحرس أحد شوارع الخرطوم ليلاً في ظل الحجر الصحي (إ.ب.أ)
قوات أمنية تحرس أحد شوارع الخرطوم ليلاً في ظل الحجر الصحي (إ.ب.أ)
TT

خلافات بين الحكومة السودانية و«قوى التغيير» حول تعيين حكام الولايات

قوات أمنية تحرس أحد شوارع الخرطوم ليلاً في ظل الحجر الصحي (إ.ب.أ)
قوات أمنية تحرس أحد شوارع الخرطوم ليلاً في ظل الحجر الصحي (إ.ب.أ)

توقعت مصادر قيادية في «قوى إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية في السودان، تأجيل تعيين الولاة المدنيين إلى منتصف الأسبوع الحالي، لإتاحة مزيد من الوقت للتشاور بين شركاء الوثيقة الدستورية (المدنيين والعسكريين) والفصائل المسلحة في «الجبهة الثورية» التي أبدت موافقة مشروطة على تعيين الولاة. ونصّت المصفوفة، التي توافَق عليها شركاء الحكم في مجلسي السيادة والوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير، على تعيين الولاة المدنيين في 18 أبريل (نيسان) الحالي، وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي في 19 مايو (أيار) المقبل.
وينتظر أن يحسم اجتماع الأطراف الثلاثة مسألة تعيين الولاة، ومخاطبة اعتراضات الحركات المسلحة المنضوية في تحالف الجبهة الثورية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، يسعى لإجراء تعديلات على قوائم المرشحين، التي دفعت بها قوى إعلان الحرية والتغيير، بغرض إضافة مرشحين جدد للقوائم. وأكد قيادي بارز في «قوى الحرية والتغيير»، فضّل حجب اسمه، أن المجلس المركزي، وهو أعلى هيئة قيادية لقوى الحرية والتغيير، متمسك بالأسماء المرشحة للولايات الـ18 التي تم تسليمها لرئيس الوزراء، في وقت سابق من الشهر الماضي. وذكرت المصادر أن رئيس الوزراء، يواجه ضغوطاً مكثفة من الكيانات النسوية ومنظمات المجتمع المدني لضمان تمثيل عادل ومنصف للمرأة في مناصب الولاة، بجانب مشاورات يجريها مع الجبهة الثورية، لتجنب أي إشكاليات يمكن أن تعرقل سير مفاوضات عملية السلام الجارية حالياً بين الحكومة والحركات المسلحة في مدينة جوبا.
وفي غضون ذلك، رهنت «الجبهة الثورية» موافقتها على تعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، بأن تكون شريكة في اختيار المرشحين وفقاً لأسس ومعايير شفافة وواضحة، على أن تقدم الكفاءة والخبرة على الولاء الحزبي، ولوّحت بالانسحاب من طاولة المفاوضات حال تجاوزها هذه الخطوة. وكانت الحكومة خاطبت وسطاء جنوب السودان لمحادثات السلام بين الأطراف السودانية، لإبلاغ الجبهة الثورية بقرار الحكومة عزمها على تكليف الولاة المدنيين مؤقتاً إلى حين توقيع اتفاق السلام النهائي، وأنها بصدد إعداد قوائم المرشحين، لإصدار أمر التكليف المؤقت وفقاً للجدول الزمني المحدد في المصفوفة.
وردّت الجبهة الثورية على الحكومة السودانية بخطاب رسمي عبر الوساطة، جاء فيه أن قرار تعيين الولاة والمجلس التشريعي تم بناءً على المصفوفة التي اتفق عليها شركاء الوثيقة الدستورية دون مشاورة الجبهة الثورية. ودعت الجبهة الثورية إلى إعادة المصفوفة إلى طاولة الرسم، لتشارك في تعديلها تجنباً لاتخاذ القرارات المحورية التي تمس القضايا الوطنية الحيوية، مقترحة تكوين آلية تشمل إضافة ممثلي فصائل الجبهة في عضوية اللجنة العليا لتنفيذ المصفوفة. وذكرت الآلية العليا المشتركة لمتابعة لتنفيذ المصفوفة، المكونة من مجلسي السيادة والوزراء، وقوى إعلان الحرية والتغيير، في تعميم صحافي أمس، بعض العقبات التي تعترض تكليف الولاة المدنيين، من بينها اعتراض الجبهة الثورية على الخطوة التي قدمت عدداً من المقترحات يجري بحثها للرد عليها.
وكشفت الآلية عن تشكيل لجنة مشتركة لتكوين المجلس التشريعي الانتقالي، وفقاً للجدول المحدد في اتفاق المصفوفة. وانطلقت أمس جولة مفاوضات رسمية عبر الفيديو بين وفد الحكومة الانتقالية من الخرطوم والجبهة الثورية من جوبا، لبحث عدد من القضايا العالقة، تستمر لمدة 3 أيام في الأسبوع، وذلك بعد توقف المفاوضات المباشرة بسبب جائحة كورونا. ومن المقرر أن تناقش جلسات المفاوضات جملة القضايا الخاصة بمسار دارفور، أبرزها «المادة 20» الخاصة بتمديد الفترة الانتقالية، ووضع العاصمة القومية، والمشاركة في الولايات الأخرى، وشكل الحكم في دارفور، وملف الثروة، وصندوق إعمار دارفور.
وشددت المصفوفة على ضرورة تسريع ملفات التفاوض العالقة مع الحركات المسلحة لضمان الوصول لاتفاق سلام شامل في أسرع وقت ممكن. وأجاز مجلسا السيادة والوزراء، وقوى إعلان الحرية والتغيير، الأسبوع الماضي، اتفاق المصفوفة، التي تعد ملزمة للأطراف الثلاثة خلال المرحلة الانتقالية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».