انقلابيو اليمن يعيدون تدوير قياداتهم المالية تأهباً لنهب موارد ميناء الحديدة

TT

انقلابيو اليمن يعيدون تدوير قياداتهم المالية تأهباً لنهب موارد ميناء الحديدة

في خطوة حوثية يُعتقد أنها على صلة باستعدادات الجماعة للسطو على إيرادات موانئ الحديدة المجمدة في حساب بنكي، كان تم فتحه في الحديدة، وفق مقترح أممي سابق، وبالتوافق مع الحكومة الشرعية، قامت الجماعة بتدوير عدد من قياداتها في أبرز المناصب المالية.
وذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط أصدر قراراً بتعيين بتعيين القيادي هاشم إسماعيل محافظاً للبنك المركزي اليمني الخاضع للجماعة في صنعاء، بعد أن كان يشغل نائب رئيس اللجنة الاقتصادية للميليشيات.
كما ذكرت أن المشاط قام بتعيين رشيد عبود شريان أبو لحوم نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزيراً للمالية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، بعد أن كان محافظاً للبنك المركزي الحوثي، ما يعني عودته إلى منصبه السابق وزيراً لمالية الجماعة.
وتضمنت القرارات الحوثية إعادة القيادي الحوثي شرف الدين علي حسين الكحلاني رئيساً للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الخاضعة للجماعة، وهو المنصب الذي كان سبقت إزاحته منه.
ويعتقد مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تعيين الحوثي هاشم إسماعيل وهو من سلالة زعيم الجماعة على رأس «البنك المركزي» للجماعة هدفه إطلاق يده للعبث بموارد موانئ الحديدة الموجودة في حساب خاص بفرع البنك المركزي في المحافظة.
وسبق أن هدد القيادي الحوثي قبل أيام بأن جماعته ستقوم بصرف الأموال الموجودة في الحديدة على هيئة نصف راتب للموظفين الخاضعين في مناطق سيطرة الميليشيات.
ويعتقد المراقبون أن هدف الجماعة هو الاستحواذ على موارد موانئ الحديدة لصرفها على المجهود الحربي للميليشيات وعلى أتباع الجماعة، وشراء ولاءات زعماء القبائل.
وذكرت اللجنة أن نحو 15 مليون دولار، أي ما يعادل 9 مليارات ريال من إجمالي الإيرادات، محجوزة في حساب خاص في البنك المركزي بمحافظة الحديدة، بناء على مبادرة سابقة للحكومة وبنظر الأمم المتحدة.
وبينت اللجنة أنه تم إعفاء تحصيل شحنات المساعدات الإنسانية، بنحو 464 مليون ريال (أقل من مليون دولار).
وكانت الحكومة بدأت، من يونيو (حزيران) الماضي، في تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية والعوائد الأخرى على المشتقات في سياق سعيها لرفد الميزانية العامة للدولة، ودفع رواتب الموظفين.
ورغم التسهيلات التي قدمتها الحكومة اليمنية لدخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، الخاضع للميليشيات الحوثية، فإن الميليشيات الحوثية لا تزال تتحكم بأسعار الوقود وتجني عائدات ضخمة، بحسب تقارير حكومية ودولية.
وكانت الحكومة الشرعية بادرت بدعم من التحالف الداعم للشرعية وبالتوافق مع الأمم المتحدة على منح التصريحات اللازمة لسفن المشتقات النفطية، مقابل أن تورد عائدات الجمارك والضرائب على هذه الشحنات إلى حساب خاص في فرع البنك المركزي بمحافظة الحديدة، وتسخير هذه العائدات لصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.
وتتهم الحكومة اليمنية الميليشيات الحوثية بنهب الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، ومئات المليارات في الخزينة العامة، منها أربعمائة مليار ريال من الطبعة الجديدة، كانت لدى «البنك المركزي» في صنعاء (الدولار يساوي 600 ريال في السوق السوداء).
كما تتهم الحكومة الجماعة بنهب أموال صندوق التقاعد الحكومي للهيئة العامة للتأمينات، بالإضافة إلى نهب مئات المليارات من الإيرادات سنوياً من الضرائب والجمارك والزكاة.
وكان تقرير فريق الخبراء الأمميين المعني باليمن أكد فساد الميليشيات الحوثية وسرقتها للمال العام، وكشف بالأدلة والأسماء والأرقام نماذج من عمليات غسل الأموال والاستيلاء غير القانوني على الإيرادات العامة، وحجز ومصادرة الأصول لتمويل حرب الجماعة ضد اليمنيين.
وأشار التقرير إلى استمرار عمليات النهب المنظّم للمال العام من قِبَل قادة الميليشيات الحوثية لشراء العقارات، ونقل الأرصدة والاستثمار في الخارج، في القوت الذي يعاني غالبية المواطنين في مناطق سيطرة الجماعة من أوضاع مأساوية بعد أن فقدوا رواتبهم وأعمالهم في ظل معدلات غير مسبوقة من الجوع والفقر والمرض.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».