كيف تعمل اختبارات الكشف عن «كوفيد ـ19»؟

مئات الأنواع الجديدة قيد التطوير

كيف تعمل اختبارات الكشف عن «كوفيد ـ19»؟
TT

كيف تعمل اختبارات الكشف عن «كوفيد ـ19»؟

كيف تعمل اختبارات الكشف عن «كوفيد ـ19»؟

من العوامل الرئيسية في معالجة انتشار «كوفيد-19» في جميع أنحاء العالم، استخدام الاختبار الشامل لمحاولة التعرف على المصابين بالمرض وعزلهم بسرعة. ويعد الاختبار أمراً حيوياً أيضاً لحساب معدلات العدوى ومعدل الباقين على قيد الحياة، وهي بيانات بالغة الأهمية لتوفير تدابير السلامة العامة بشكل صحيح مع تزايد انتشار الفيروس التاجي في جميع دول العالم تقريباً.

اختبارات متوفرة
ما الاختبارات المتاحة؟ هناك طريقتان رئيسيتان لاختبار الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» أي الفيروس التاجي الذي يسبب مرض «كوفيد-19».
> الاختبار الأول حساس للغاية يبحث عن الحامض النووي الريبي للفيروس باستخدام تقنية تسمى «تفاعل سلسلة البلمرة للنسخ العكسي» reverse transcription polymerase chain reaction (RT - PCR). ويمكن أن يكشف هذا الاختبار عن جزيء فيروس واحد في المسحات المأخوذة من البلعوم أو من الأنف.
> أما النوع الثاني من الاختبارات فيقيس استجابات الأجسام المضادة للفيروس في مصل الدم، إذ إن هناك العديد من مكونات الفيروس التي تحفز أجسامنا على توليد الأجسام المضادة المختلفة ضدها. وبعض هذه الأجسام المضادة مفيد للغاية ويقتل الفيروس أو يوقف العدوى، وبعضها الآخر أقل فائدة ويرتبط بأجزاء محددة من الفيروس ولكن دون مساعدة دفاعاتنا.
في بداية تفشي المرض اعتمد معظم البلدان على اختبارات (RT – PCR) لأنها كانت الأسرع في التطور. إلا أن الاختلافات الكبيرة في المجموعات قيد الاختبار لا تزال تجعل من الصعب مقارنة الأرقام الإجمالية بين البلدان. وكانت المملكة المتحدة سريعة جداً في تطوير اختبار (RT – PCR) ولا يزال هذا هو الأسلوب الأساسي باستخدام شبكة من المختبرات التي تقوم بنفس الاختبار الموحد، وهو ما يسمح بالحصول على بيانات ثابتة.

جودة الاختبار
ما مدى جودة اختبارات «كوفيد-19» الحالية؟
> اختبارات (RT - PCR) تعد من الاختبارات المحددة والحساسة للغاية. ومع ذلك وبمجرد أن يتعافى المصاب ويتخلص من الفيروس فإن هذه الاختبارات لن تتمكن من معرفة ما إذا كان الشخص قد تعافى أم لا. وهذا يخلق حالة من عدم اليقين بشكل كبير خصوصاً إذا كان الشخص يعاني من العزلة الذاتية بسبب أعراض خفيفة وغير واضحة.
من جهة أخرى تحتاج اختبارات (RT - PCR) غالباً إلى مختبر متخصص، لذلك يستغرق الأمر فترة من الزمن حتى إذا كان الاختبار نفسه لا يستغرق سوى عدة ساعات لكن الوقت الذي يتطلبه جمع العينات ونقلها ومعالجتها قد يستغرق أياماً قبل معرفة النتيجة.
> أما بالنسبة إلى اختبارات الأجسام المضادة فعادةً ما يحتاج الجسم المضاد إلى بضعة أسابيع للتطور ضد عدوى جديدة ويستمر لفترة أطول في مجرى الدم ويبقى حتى بعد زوال الفيروس نفسه، مما يوفر صورة تاريخية للعدوى السابقة. ويعد هذا النوع من اختبارات «الأمصال» أداة قوية تُستخدم للتحقق من نجاح اللقاحات أو لمعرفة ما إذا كان الأشخاص قد واجهوا عدوى من قبل.
ومع ذلك لم يتم اختبار اختبارات الأجسام المضادة الحالية للفيروس التاجي الجديد بشكل كامل حتى الآن للتأكد من أنها موثوقة، ولهذا السبب توصي إرشادات منظمة الصحة العالمية بالاعتماد على اختبار (RT – PCR).

تقييم دقيق للاختبارات
هل هناك من يقيّم الاختبارات؟ هناك منظمة واحدة هي مؤسسة التشخيصات المبتكرة الجديدة The Foundation for Innovative New Diagnostic أو (FIND) التي يقع مقرها في جنيف بسويسرا، تقوم بتقييم الاختبارات من خلال قائمة تضم أكثر من 300 اختبار لـ«كوفيد-19» تم تصنيعها على مستوى العالم. وحسبما صرحت به كاساندرا كيلي سيرينو، مديرة التهديدات الناشئة في «FIND» وكبيرة الباحثين في البرنامج، فإن المؤسسة توحّد جهودها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية (WHO) حيث تم فحص آلاف عينات الفيروسات التاجية بأطقم الاختبارات المختلفة، ومقارنة أدائها بمعيار مرجعي. كما ستقوم المنظمة بترتيب الاختبارات على أساس الحساسية. وقد أذنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية من خلال مسار ترخيص استخدام الطوارئ بأكثر من 30 اختبار «كوفيد-19» في الأسابيع الأربعة الماضية.
وكانت «FIND» قد أعلنت في فبراير (شباط) الماضي عن دعوة الشركات المصنّعة لتقديم اختباراتها للتقييم. وفي المقابل يحصل المصنّعون على طابع عالمي للتقييم المستقلّ من «FIND».
وقدم المصنعون أكثر من 300 اختبار، ونشرت «FIND» نتائج أول خمسة تقييمات في 16 أبريل (نيسان) الجاري جميعها حققت حساسية سريرية بنسبة 100% على العينات الإيجابية و96% على العينات السلبية. وتم تقديم الاختبارات بواسطة الشركات الخمس: KH Medical وSD Biosensor وBGI Health وDAAN Gene وTib Molbiol. وقدمت كل شركة اختباراً جزيئياً يكتشف وجود أي مادة جينية فيروسيةـ، حيث تندرج معظم اختبارات الفيروس التاجي الجديد في فئتين عريضتين: الاختبارات الجزيئية والاختبارات المناعية. وتقوم شركة «FIND» وشركاؤها بتقييم أداء الاختبارات في كلتا الفئتين.
تكشف الاختبارات الجزيئية عن الشفرة الوراثية للفيروس بتقنية (RT - PCR) ويمكن أن تسفر هذه الاختبارات عن نتائج دقيقة في الأيام الأولى لعدوى «كوفيد-19» ولتقييم الأداء يتحقق باحثو «FIND» أولاً من ادعاءات الشركات المصنعة بشأن الحساسية. ثم يتم تشغيل 50 عينة إيجابية و100 عينة سلبية عبر كل اختبار جزيئي. بعدها تقارن النتائج مع اختبار مرجعي وهو اختبار آخر قائم على «PCR».
وتقول كاساندرا كيلي سيرينو: «لقد وجدنا بالفعل أن العديد من الاختبارات الجديدة المتاحة تجارياً من المحتمل أن تكون أكثر حساسية من الاختبار المرجعي». وتُجري «FIND» تقييماتها للاختبارات الجزيئية في مستشفيات جامعة جنيف في سويسرا Hôpitaux Universitaires de Genève.

الفحوص المختبرية مقابل المنزلية
> تعمل الاختبارات السريعة مثل اختبارات الحمل، ولكنها تكشف الأجسام المضادة للفيروسات بدلاً من هرمونات الحمل. وهي أسرع وربما أرخص ولكنها أقل دقة من الطرق المختبرية.
ومثل هذه الاختبارات سريعة التصنيع وسهلة الاستخدام ولكن يجب أن يتم تصميمها والتحقق من صحتها بعناية ولهذا السبب لم تتم الموافقة عليها للاستخدام ولم نشهد استخداماً رسمياً واسع النطاق حتى الآن. كما أن التحكم في الجودة والتحقق من الصحة يضيف تكلفة كبيرة لهذه الاختبارات. وكما هو الحال مع اللقاحات فمن الضروري للغاية أن يكون أي اختبار دقيقاً وآمناً ويستغرق وقتاً ومالاً. وقد تتحول هذه الاختبارات غير الدقيقة في حالة التفشي الحالي إلى أدوات مدمرة إذا ما كانت نتائج الاختبار سلبية لشخص مصاب بالعدوى وخرج وأصاب المزيد من الأشخاص. وتصل دقة بعض هذه الاختبارات إلى نحو 80% وقد تمت دراستها بشكل مكثف للعديد من الالتهابات الفيروسية المهمة مثل حمى الضنك.



التنشيط الزائد للجهاز المناعي الفطري قد يسبب السرطان

رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة
رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة
TT

التنشيط الزائد للجهاز المناعي الفطري قد يسبب السرطان

رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة
رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة

تؤكد دراسة أميركية جديدة على الدور المزدوج الذي يلعبه الجهاز المناعي الفطري (الطبيعي)، ليس فقط بوصفه حارساً ضد مسببات الأمراض، ولكن أيضاً، من جهة أخرى، بوصفه مساهماً محتملاً في الإصابة بالسرطان عندما يُنشَّط باستمرار بسبب عدم الاستقرار الجيني.

وتلعب الإشارات المناعية عادة دوراً رئيسياً في الحفاظ على استقرار الجينوم خلال تضاعف «الحمض النووي (دي إن إيه - DNA)».

وجاءت نتائج الدراسة لتضيف رؤى حيوية لفهمنا البيولوجيا البشرية الأساسية، كما أنها قد تلقي أيضاً ضوءاً جديداً على بدايات نشوء الورم الخبيث، وتقدم فرصاً محتملة لعلاجات جديدة.

لقد طورت الكائنات الحية مسارات معقدة لاستشعار الحمض النووي التالف وإرسال الإشارات إليه وإصلاحه. وهناك جوانب جديدة حول دور الجهاز المناعي الفطري في الاستجابة للتعامل مع هذا الضرر، سواء في سياق الإصابة بالسرطان، وفي تعزيز صحة الإنسان بشكل عام.

تنشيط الجهاز المناعي... والسرطان

تكشف الدراسة الجديدة، التي قادها المؤلف الأول الدكتور هيكسياو وانغ، من «برنامج البيولوجيا الجزيئية» في «مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان» الأميركي في نيويورك، ونُشرت في مجلة «Genes & Development» يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، عن وجود صلة بين الإشارات المناعية الفطرية وتطور الورم في أنسجة الثدي.

وتشير البيانات البحثية إلى أنه عندما ينشأ عدم الاستقرار في الجينوم، فإن التنشيط المزمن للجهاز المناعي الفطري يمكن أن يزيد بشكل كبير من احتمالات الإصابة بالسرطان.

وركزت الدراسة على مركب بروتيني معقد يسمى «مركب بروتين إصلاح كسور الحمض النووي (دي إن إيه) مزدوج السلسلة (Double-strand break repair protein Mre11)»، وهو إنزيم يرمَّز في البشر بواسطة الجين «MRE11» الذي يلعب دوراً محورياً في الحفاظ على استقرار الجينوم من خلال استشعار وإصلاح «كسور الحمض النووي مزدوج السلسلة».

طفرة بروتينية وتطور الورم

ولدراسة كيف يمكن أن تؤدي المشكلات المتعلقة بهذا البروتين إلى الإصابة بالسرطان، تلاعب الفريق بنسخ من البروتين في «عضويات الأنسجة الثديية (وهي أعضاء نموذجية مصغرة مزروعة في المختبر)»، وقد زُرعت في فئران المختبر.

* تطور الورم: عندما نُشّطت الجينات السرطانية، طورت الفئران التي تحتوي عضويات تحمل «مركب بروتين إصلاح» متحولة مختبرياً، أوراماً بمعدل أعلى بكثير (نحو 40 في المائه) مقارنة بنحو 5 في المائة فقط لدى الفئران الطبيعية. ويؤكد هذا الاختلاف الصارخ على دور «مركب بروتين الإصلاح» في الحفاظ على الاستقرار الجينومي وقمع تكوّن الورم.

* عدوانية الورم: كانت الأورام التي نشأت لدى الفئران التي تحتوي عضويات تحمل «مركب بروتين إصلاح» متحولة، أكثر عدوانية بشكل ملحوظ من تلك الموجودة لدى نظيراتها الطبيعية. وهذا يشير إلى أن فقدان، أو طفرة، «مركب بروتين الإصلاح» لا يزيدان فقط من احتمالية بدء السرطان، ولكنهما قد يساهمان أيضاً في ظهور نمط سرطاني أكثر توغلاً أو سريع التقدم.

كما توفر هذه النتائج رابطاً واضحاً بين أوجه القصور في «مركب بروتين الإصلاح» وعدم الاستقرار الجيني وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان؛ مما يسلط الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه المركب في الحماية من تطور الورم. وقد يساعد فهم هذه العلاقة في إعداد استراتيجيات علاجية محتملة لاستهداف ضغوط التكاثر السرطاني ومسارات تنشيط المناعة في تلك السرطانات المرتبطة بخلل في عمل «مركب بروتين الإصلاح».

نقص البروتين يهدد الجينوم

يعتمد هذا البحث الجديد على دراسة سابقة قادها الدكتور كريستوفر واردلو من «برنامج علم الأحياء الجزيئي» في «مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان» التي نشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

وركزت تلك الدراسة على دور «مركب بروتين الإصلاح» في الحفاظ على سلامة الجينوم. ووجدت أنه عندما يكون المركب غير نشط أو ناقصاً فإنه يؤدي إلى تراكم الحمض النووي في سيتوبلازم الخلايا، وتنشيط الإشارات المناعية الفطرية. وكشف هذا الجانب من البحث عن ارتباط مهم بين طفرات «المركب» وتنشيط الاستجابة المناعية.

وأدى «المركب المتحور» إلى زيادة تنشيط الجينات المحفزة بالإنترفيرون (ISGs) وهو ما يشير إلى أنه عندما يكون المركب غير فعال فإن الجهاز المناعي الفطري يُنشَّط بشكل غير طبيعي، حتى في غياب محفز فيروسي أو مسبب للأمراض خارجي نموذجي.

والإنترفيرونات جزيئات إشارات تطلقها الخلايا عادة استجابة للعدوى الفيروسية والتحديات المناعية والضغوط الخلوية، ويشير تنشيطها في سياق طفرات «مركب بروتين الإصلاح» إلى أن الخلية تدرك عدم الاستقرار الجيني بوصفه شكلاً من أشكال الإجهاد يتطلب استجابة مناعية.

إمكانات العلاج

وقد سلطت هاتان الدراستان (وغيرهما) معاً ضوءاً جديداً على كيفية عمل «مركب بروتين الإصلاح» لحماية الجينوم عند تكاثر الخلايا، وكيف أنه يمكن عندما لا يعمل بشكل صحيح أن يحفز الجهاز المناعي الفطري بطرق يمكن أن تعزز السرطان.

وقد يؤدي فهم هذه الآليات إلى استراتيجيات تخفف من «تنشيط المناعة المزمن»، مما قد يمنع تطور الأورام، أو يقدم طرقاً علاجية جديدة، كما يفتح طريقاً واعدة للعلاجات التي قد تمنع سوء التنظيم الجيني، أو تخفف من الاستجابات المناعية الضارة.